أخيراً طرز اتحاد كتاب وأدباء الإمارات إصداراته بكتاب انتظرناه طويلاً كجزء من تكريم الشعر والشعراء في الإمارات.

أخيراً وجد د. أحمد أمين المدني وهو في قبره بعض تكريم، حتى منا نحن وجميع أصدقائه الذين صمتنا أمام الصمت.

أحمد أمين المدني أحد أهم شعراء الإمارات الرواد، وفي طليعتهم، وهو كما عرفته شاعر فذ ومثقف ومؤسس، وإنسان وديع طيب، ولكنه لم يأخذ حقه في الحياة بما يتناسب ومكانته العلمية والأدبية، بل حتى شعره لم يدرس كما ينبغي، وهو الرائد لقصيدة التفعيلة في الإمارات، وأحد رواد الشعر وتحديثه في المنطقة.

إن شعر المدني هو السلسلة المفقودة بين شعراء الإمارات والخليج بل والعربية، درس في بغداد وجامعاتها في وقت مبكر، وعمل في مدارسها الثانوية أستاذاً قبل أن يكمل دراسته العليا في بريطانيا محققاً الريادة في هذا الجانب أيضاً.

حيث كان من أوائل مواطني دولة الإمارات الذين حصلوا على درجة الدكتوراه، وقد حقق رسالة يعتبرها من قرأها واحدة من أهم وأثمن الدراسات التي لم تر النور حتى الآن، وقد نختلف أو نتفق في تقييمها إلا أنني لا اعتقد أن أحداً يختلف عن قيمتها العلمية، والبحث العلمي لا يشترط أن نكون على وفاق مع الباحث.

وأحمد أمين المدني، كان زميلاً لبدر شاكر السياب في الجامعة والحياة معاً، وهو شاعر مساهم في الحياة الشعرية في العراق في فترة خدمته في مدارس بغداد، إذ لم يكن مدرساً فحسب بل وفاعلاً في الحياة الأدبية شأنه شأن أي أديب عراقي عاصره بما في ذلك السياب المبدع والمجدد.

اتحاد كتاب وأدباء الإمارات حقق بإصداره المجموعة الكاملة لشعر أحمد أمين المدني إنجاز يشكر عليه على الرغم أنه من واجباته الأساسية، إلا أن طموحنا لا يتحدد في هذا الإصدار اليتيم إنما أجد نفسي متطلعاً لتراث الراحل المدني المتعدد والمختلف والعميق في طروحاته، وما أحوج الأجيال التي لم تعايش الراحل المدني، ولم تتعرف عليه، على الرغم من أهميته الأدبية، وريادته التاريخية.

إن إصدار أعماله الشعرية الكاملة عمل أحادي الجانب، يحتاج إلى ركائز أخرى لنستكمل بها صورة الشاعر ومكانته وأهميته لا في الساحة الشعرية في الإمارات فحسب بل في الوطن العربي.

واعتقد جازماً أن المؤسسات الثقافية المعنية بالنشر في الإمارات مدعوة هي الأخرى إلى جانب اتحاد الكتاب والأدباء للعمل على إعادة الحياة لهؤلاء الرواد، ولا بد هنا أن نشير إلى مبادرة اتحاد كتاب وأدباء الإمارات حينما أحيوا ذكرى الشاعر الرائد سالم بن علي العويس، وكان لتلك الخطوة في حينها أثر كبير امتد إلى يومنا الحاضر وسيستمر، بعد أن بدأ الباحثون والدارسون يلتفتون إلى سالم كشاعر منفتح ومبدع ومؤثر وأن تأخر الالتفات إليه، لذا وحتى لا يبقى العديد من المبدعين في دفاتر النسيان، وإذا كانت العوامل والظروف المختلفة قد حالت دون حصول هؤلاء الرواد على الفرص المناسبة فينبغي أن لا نرسخ ضياع تاريخ برمته وتراث حضاري نحن بحاجة له، وإن الوقت مناسب إن لم يكن متأخراً في العمل بجدية للكشف عن إبداعات كثيرة، وجميعنا نتحمل المسؤولية مع كل الجهات ذات العلاقة.

الأعمال الشعرية الكاملة للشاعر الراحل أحمد أمين المدني إنجاز يشكر عليه اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ومن ساعد على ظهوره ونشره، لكنه ليس هو الطموح، إن طموحنا أكبر لأننا ندرك أهمية الشاعر، والأعلام الآخرين الذين عاصروه وسبقوه.

abdulelah_q@hotmail.com