تبدي سوريا اهتماماً كبيراً باللغة الآرامية باعتبارها اللغة القديمة التي يتحدث بها السوريون منذ 3 آلاف عام.

وتقوم وزارة التعليم العالي في سوريا بإنجاز المراحل النهائية لافتتاح مركز لتعليم اللغة الآرامية في بلدة معلولا (30 كم شمال دمشق).

ويؤكد بشار مسعد (عضو لجنة اللغة الآرامية في وزارة التعليم العالي) أن أهمية هذا المركز تأتي من كونه الوحيد في العالم الذي يدرس اللغة الآرامية بالحروف الأصلية (المربعة) مشيرا إلى وجود مراكز أخرى في العالم تدرس الآرامية بحروف لاتينية على اعتبار أنها لغة ضائعة.

وحول وجود المركز في بلدة معلولا دون غيرها يقول مسعد: «معلولا هي واحدة من ثلاث قرى سورية مازال سكانها يتحدثون الآرامية منذ حوالي 3 آلاف عام، يضاف إليها بلدتا جبعدين وصرخة (بقعة)، ويبلغ عدد الأشخاص الناطقين بالآرامية في القرى الثلاث حوالي 35 ألف شخص (مسلم ومسيحي)».

ويشير مسعد إلى أن المركز أجرى قبيل افتتاحه عدة دورات قام خلال بتعليم الآرامية لـ 250 شخصا داخل وخارج سوريا، لافتاً إلى أن افتتاح المركز بشكل رسمي سيتم خلال شهرين. وإن المركز قام بتخريج 15 مدرسا سيحصلون على شهادات رسمية من وزارة التعليم العالي لتعليم اللغة الآرامية، وهناك تعاون مع بعض المراكز الثقافية العالمية لتزويدهم بمدرسين للغة الآرامية، في ظل اهتمام عالمي بهذه اللغة.

من جانب آخر يؤكد جورج رزق الله (باحث لغوي) أن اللغة الآرامية موجودة في سوريا منذ 1200 عام قبل الميلاد، مشيرا إلى أن الآراميين هم قبائل قديمة سكنت في تدمر ثم انتقلت لتستقر في سوريا الطبيعية (سوريا ـ فلسطين ـ الأردن ـ لبنان) والعراق وتركيا.

فالآرامية هي فرع من الشجرة السامية التي تضم العربية والآرامية الشقيقة والعبرية والحبشية، وتقسم الآرامية إلى قسمين (شرقي وغربي) ولكل منهما ثلاثة فروع (قديم ووسيط وحديث).

وقد كتب الآراميون بأبجدية جبيل (أوغاريت) في سوريا والأبجدية السومرية في العراق، لكنهم في عام 600 قبل الميلاد أوجدا لأنفسهم أبجدية جديدة كتبت بالخط الآرامي المربع. وبمجيء المسيحية كانت اللغة الآرامية في عصرها الذهبي، وقد خاطب السيد المسيح الناس في فلسطين بالآرامية لأنها كانت اللغة المتداولة بينهم، في حين كانت العبرية خاصة بالطقوس والترانيم. إلا أن الآرامية شهدت تراجعاً كبيراً بعد دخول العربية.

مشيراً إلى أن موقع معلولا الطبيعي والمنعزل ساهم كثيرا في الحفاظ على اللغة الآرامية، رغم هجرة الكثير من أبنائها للعمل خارج سوريا. وحاولت منذ 35 سنة المحافظة على اللغة الآرامية بعد أن تحولت إلى لغة لفظية فقط، حيث ألفت العديد من الأغاني والأمثال الشعبية وقد لاقت استحساناً كبيراً من البعض، وقمنا مؤخرا بإجراء قداس لأول مرة باللغة الآرامية في معلولا.

دمشق ـ حسن سلمان