الثوب السوداني رمز المرأة السودانية أينما حلت، ولا غنى عنها في أناقتها وشياكتها ، كما أنه يلائم ذوقها والتزامها الديني حيث يضفي عليها الحشمة والوقار والاحترام، على الرغم من مظاهر الموضة الحديثةالجذابة والعملية.
اليوم.. تقدم المصممة السودانية ليندا محمود دعوة خاصة، من خلال مجموعتها (فرح وماس) لكافة النساء العربيات لاكتشاف إبداعات الثوب السوداني، بنكهة عصرية ملهمة في الخطوط والتصاميم، التي تناسب أذواقهن، من دون الخروج عن المورث وطابع الاحتشام، الذي هو عنوان الثوب السوداني ذي البصمة المتفردة. في البداية، تقول المصممة ليندا محمود:( إن المجتمع السوداني المحافظ، لا يزال ينظر إلى تلك الحداثة من موضات الملابس وقصات الشعر، كإضافة مناسبة لأجواء العمل أو الدراسة، لا يمكن مقارنتها بالثوب السوداني المتربع على عرش الموضة، وما يتبعها من الحلي والسلاسل الذهبية ونقشات الحنة السودانية،التي تضفى لمساتها الأنيقة والمفعمة بالأنوثة الحالمة). وتضيف ليندا قائلة:( إن التطورات التي شملت صناعة الثوب السوداني، مرت بالعديد من المراحل فيما يختص بالخامات المستخدمة والتطريز وطبيعة الألوان، التي هي في الأغلب من فئة الألوان الزاهية،حيث أصبحت كبرى الشركات السويسرية والهندية المنتجة لخامات الأقمشة، تتنافس لاجتذاب ذوق المرأة السودانية، وتقديم النوعية الممتازة التي ترضي طموحها وتكمل أناقتها، وقد ساعد في ذلك دخول بعض سيدات الأعمال السودانيات كموردين للمصانع السويسرية، وتقديم التصاميم الزاهية وخطوط الموضة الحديثة للثوب،حسب متطلبات المرأة في السودان .
والثوب السوداني لا يزال مجرد زي يميز السودانيات، إذ بات مع مرور الزمن جزءاً من التراث الشعبي لهذا البلد، الذي يحرص مواطنوه على إعلان الانتماء إليه بشتى الطرق، خاصة عندما يتواجدون خارج بلادهم، في إشارة إلى هويتهم وثقافتهم، فضلا عن كونه معبراً عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمرأة في تلك البلاد، التي لا يمكن أن تخلو خزانتها من ثوب بنسخ عدة، تزيد من أناقتها حتى لو لم تكن ترتديه باستمرار. وتشارك المرأة السودانية في هذا الثوب النساء الموريتانيات،كما أنه يتناسب مع المرأة ذات البشرة البيضاء، ويضفي عليها عليها مزيداً من الجمال والبهاء. ويتكون الثوب السوداني من قطعة من القماش يختلف طولها حسب طريقة ارتدائه، فيبلغ طول الثوب الذي يتم ربطه من الوسط إلى أربعة أمتار ونصف المتر، ويعتمد على عرض قطعة القماش فإذا كانت في حدود 100 - 110 سم، يتم استخدامه بطريقة الربط ولكن إذا كان عرض القطعة أكثر من 120 سم، يتم استخدامه بالطريقة التقليدية.
أما في حالة التسعة أمتار يكون عرض القطعة في حدود 90 سم، ويتم فصلها إلى جزأين كل جزء بطول أربعة أمتار ونصف المتر، ومن ثم وصلها ليصبح طولها أربعة أمتار ونصف المتر، وعرضها 180سم ويطلق عليها (ثوب فتقتين). أما طريقة ارتداء الثوب، فتتم عن طريق لفه حول جسد المرأة ورأسها، فيما يشبه طريقة الساري الهندي، الذي يختلف عن الثوب السوداني في أنه لا يغطي رأس المرأة، وتحرص السودانية على ارتداء تنورة أو فستان بلون مناسب للون الثوب قبل ارتدائه. وفي السودان تعرف المرأة الأنيقة من عدد ما تملكه من أثواب، لا بد أن تتوافق في ألوانها مع لون بشرتها وحجم جسدها، سواء كانت نحيفة أو بدينة. ليس هذا فقط، بل يمتد الحكم على مدى أناقة المرأة الى ما تحويه خزانتها من إكسسوارات مكملة لأناقة أثوابها. وتبدأ تلك الإكسسوارات من الحذاء وحقيبة اليد ومدى ملاءمتهما وتناسقهما مع ما لديها من أثواب.
السويسريون يرصدون اتجاهات الذوق السوداني
ترى المصممة ليندا حمود أن عالم أزياء الثوب السوداني، هو الآخر زاخر ومتجدد، على الرغم من نمطية التصميم التي لا تخرج عن الشكل المعتاد للثوب، ويأتي الاختلاف من نوعية القماش المستخدم و تطريزاته، فضلا عن الإكسسوارات التي يتم تنسيقها معه.
فيستخدم في تصميمه الحرير، والشيفون المضغوط، والقطن وغيرها من أنواع الأقمشة ذات الألوان المختلفة، فمنها السادة ومنها المطبوع برسومات مبهرة وألوان زاهية وجريئة أو هادئة ورسمية حسب الرغبة.
كما تختلف خامة الثوب باختلاف البيئة النابع منها، فهناك (الفردة) وهو اسم الثوب الذي ترتديه المرأة في شرق السودان، ويصنع من القطن الصافي الذي لا يحتاج إلى تطريز، وهناك أيضاً (اللاوه) الذي ترتديه النساء في الجنوب، ويتميز بربطه من على الكتف دون الحاجة لوضعه على الرأس، كما هي العادة في الثوب السوداني.
واللافت أن الهوية السودانية للثوب، لم تمنع دولة مثل سويسرا أن تضم بين حدودها أكبر مصانع الثياب السودانية، فسويسرا تعد من أكبر منتجي الثوب السوداني، حيث تمد السوق السودانية بأكثر من 82% من احتياجاته من هذا الزي.
ويتابع مصممو الأزياء السويسريون السوق السودانية، ويرصدون اتجاهات الذوق هناك، ليبتكروا أرقى وأجمل أنواعه. فمثل العديد من الموروثات الوطنية، تأثر الثوب السوداني بعصر العولمة والانفتاح الثقافي، الذي لم يرحم الثوب من المنافسة داخل السودان مع غيره من الملابس، خاصة العباءة الخليجية التي باتت المنافس الأول للثوب السوداني.
دبي - رشا عبد المنعم