الاربعاء 29 رمضان 1423 هـ الموافق 4 ديسمبر 2002 لاتزال الحالة الصحية للفنانة سناء جميل بلغة الفريق الطبي المعالج لها حرجة جدا حيث ترقد داخل غرفة العناية المركزة بمستشفى السلام «بالمهندسين» تعاني من ضعف تام في عضلة القلب وفشل تام في وظائف الرئة اليمنى مع فقدان في التركيز والوعي لفترات طويلة. ويخشى الأطباء من مفاجأت الساعات المقبلة حيث تدهور حالاتها الصحية بصورة كبيرة خاصة بعد أن انخفضت لعدة مرات نسبة الاكسجين في الدم وتذبذب معدلات الضغط حيث يرتفع وينخفض فجأة على مدى ساعات اليوم ورغم ذلك فهي تقاوم في شجاعة نادرة آلام مرضها. وأمام الحالة السيئة التي أصبح عليها قلب سناء جميل يقف الأطباء مكتوفي الأيدي حيث لا يستطيعون القيام بنقلها إلى مركز الأشعة لعمل أشعة مقطعية لها لتحديد خطوط سير المرض الخطير الذي هاجم الرئة وبات أمر انتشاره متوقعا في بقية أجزاء الجسم مما يهدد حياتها بصورة خطيرة. ويري البعض أعضاء الفريق الطبي المعالج لسناء جميل أن إجراء جراحة عاجلة لاستئصال الرئه اليمنى كان ضروريا فور اكتشاف المرض الخطير ولكن ضعف عضلة القلب حال دون ذلك حيث لا يستطيع جسد سناء جميل تحمل إجراءات التخدير قبل إتمام الجراحة الدقيقة. والمعروف أن الفنانة سناء جميل كانت تعاني منذ عدة سنوات من ضعف في عضلة القلب جعلها تخضع لنظام طبي صارم في عملها وأسلوب حياتها ونوعية ما تتناوله من أطعمة حددها بدقة الأطباء حتى لا تتعارض مع نوعية الادوية والعقاقير الطبية التي تتناولها. وكانت سناء جميل تعاني أيضا من ضعف حاد في السمع أدى إلى استخدامها لسماعة طبية ورغم ذلك ظلت محتفظة بتوهجها الفني فلم تبتعد عن الاضواء وحرصت على المشاركة في بطولة بعض المسلسلات التلفزيونية فقدمت عملين حققا نجاحا كبيرا منذ عامين وهما «الرقص على سلالم متحركة» تأليف كرم النجار ومن بعده تألقت مع فاروق الفيشاوي ورغدة وعبلة كامل وبثينه رشوان وسوسن بدر في حلقات «البر الغربي» حيث مثلت شخصية والدة «عرفان الجارحي» في هذا العمل الذي كتبه محمد جلال عبد القوى وأخرجه إسماعيل عبد الحافظ. وبعد حلقات «البر الغربي» ابتعدت لفترة عن الأضواء حتى عادت مؤخرا وقبل أن تكتشف إصابتها بالمرض الخطير في الرئة اليمنى لتمثل مع ممدوح عبد العليم وصفية العمري وحسن كامي ومجموعة كبيرة من النجوم بطولة حلقات «أبيض في أبيض» مع المخرج أحمد صقر حيث كانت تتمتع بحضور طاغ أمام الكاميرا من خلال المشاهد القليلة التي مثلتها قبل أن يتمكن منها المرض اللعين ويسقطها أرضا ويقرر زوجها الكاتب الصحفي لويس جريس نقلها إلى المستشفى لتكون تحت رقابة طبية صارمة يقودها ثلاثة من كبار الأطباء وهم يحيى سعد ومحسن برسوم وماجد زكري وفريق طبي آخر من المتخصصين في كافة فروع الطب الخاص بالحالات الحرجة. وتم تخصيص الجناح الذي يحمل رقم 202 مقرا لإقامة سناء جميل خلال فترة الفحوص الأولية ولكن جاء التدهور السريع لحالتها الصحيحة ليعجل بانتقالاها إلى غرفة الحالات الحرجة لمرض الرئة ثم تم نقلها بعد ذلك إلى قسم العناية المركزة عقب تعرضها لمشاكل في القلب وضغط الدم. والفنانة سناء جميل صاحبة تاريخ فني حافل وقصة حياتها تصلح لأن تكون مادة درامية لعمل روائي كبير فقد تمردت على تقاليد أسرتها الصعيدية التي حرصت على إدخالها المدارس الفرنسية ولكنها بدلا من أن تستكمل مشوارها الجامعي تأتي إلى القاهرة لتلحق بمعهد التمثيل وتحفر في الصخر لتصنع من نفسها نجمة مسرحية قديره لعبت دورا مؤثرا في الحركة المسرحية في مصر على مدى 50 عاما وارتبط اسمها بمئات العروض الناجحة على مسارح الدولة وتحديدا من خلال فرقة المسرح القومي أعرق الفرق المسرحية المصرية. ومن أشهر أدوارها التي قدمتها في السينما والمسرح دور «نفيسه» في رواية «بداية ونهاية» علاوة على عشرات الشخصيات الأخرى التي جسدتها ببراعة شديدة مثل دورها في فيلم «الزوجة الثانية» مع صلاح منصور وسعاد حسني وحسن البارودي وكان أخر أعمالها التلفزيونية فيلم «اضحك تطلع الصورة حلوه» وأخر أعمالها السينمائية فيلم «سواق الهانم» مع أحمد زكي أيضا. ولشاشة التلفزيون قدمت سناء جميل أعمالا كثيرة رائعة منذ بدء الإرسال والبث الرسمي في الستينات وحتى ما قبل تعرضها لتلك الأزمة الصحية المريرة فمن أهم أدوارها للفيديو حلقات «عيون» مع فؤاد المهندس ويونس شلبي و«عندما يأتي المساء» مع فريد شوقي و«عصفور في القفص» تأليف كوثر هيكل وبطولة أبوبكر عزت ، ومسلسل «أزواج ولكن غرباء» مع فؤاد المهندس الذي رفضت تحويله إلى فيلم كوميدي في عام 1990 بعد مرور 4 سنوات على عرضه التلفزيوني ثم دورها العظيم في مسلسل الرايه البيضاء وفي مجال المونو دراما قدمت سناء جميل عدة عروض كان من أشهرها مسرحية «الحصان» لكرم النجار ثم نجح الفنان محمد صبحي في إقناعها أن تقدم مع الفنان جميل راتب مسرحية «الزيارة» وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي تقف فيها على خشبة المسرح حيث اكتفت بعد ذلك بنشاطها المحدود جدا في السينما والتلفزيون. والفنانة القديرة سناء جميل أعطت حياتها بالكامل للعمل الفني ولم تنجب أطفالا من زوجها الكاتب الصحفي لويس جريس حيث كانت ترى انها خلقت لتكون راهبه في محراب الفن فقط وساعدها على ذلك أن رفيق عمرها لويس جريس لم يكن بالنسبة لها زوجا ولكنه كان أيضا الاخ والصديق بل وكل دنيتها التي تحضنها بمشاعر الدفء والعشق والحميمية. وقد وصف المخرج الراحل صلاح أبو سيف سناء جميل بأنها سيدة الإحساس والأداء الرفيع. وقال عنها أستاذها زكي طليمات إنها شحنة تمثيل لن تنضب ينابيع عطاؤه أبدا. القاهرة ـ مكتب «البيان»: