بعد مضي سنوات كثيرة قضاها في أحضان الشهرة، شهدت ارتداءه لقبعات عدة، غالبيتها تجسد شخصيات غريبة تنتمي بمعظمها إلى عالم «الفانتازيا»، لا يمكن لأحد إجادتها كما قدمها جوني ديب، هل يمكن القول إن بريق نجمه بدأ يخفت، اثر إصابة مجموعة أفلامه الأخيرة..

والتي راهنت عليها استوديوهات هوليوود بـ«لعنة» الفشل، فهل ذلك كان نتيجة تمسكه بأداء الشخصيات الغريبة التي طالما كان «عرابها» في هوليوود، وبالتالي بات يحتاج ديب إلى تغيير جلده، عبر أداء شخصيات جديدة، قد تعيده إلى دائرة الأضواء مجدداً بعد انحسارها عنه بدءاً من 2013 وحتى اليوم؟.

لا نخفي سراً إن قلنا بأن جوني ديب، يعد واحداً من أقوى ممثلي هوليوود، لما يتمتع به من أسلوب تمثيلي خاص، طالما فتح أمامه المجال لأن يعبر عن قدراته الفنية التي امتعنا بها مرات كثيرة على الشاشة الكبيرة، فهو الذي استطاع أن يقدم من خلال «جاك سبارو» لوحة فنية، لا تزال أصداءها تدوي في فضاء الصالات العالمية.

«قالوا يمكن أن أصبح أي شيء أريده.. وكذلك فعلت»، بهذه الجملة يكاد ديب أن يلخص مسيرته الفنية، الذي شهدنا خلالها تحوله إلى مئات الشخصيات، التي أكدت قدرته على خلع وجهه بالكامل وارتداء بديل له، كلما قرر أن يقدم فيلماً فيه شخصية غريبة الأطوار.

مسيرة «جاك سبارو» أو بطل الشخصيات الغريبة، بدأت في 1984 ولا تزال مستمرة حتى الآن، على الرغم من حالة الفشل التي رافقت أفلامه في السنوات الأخيرة، وبلا شك أن ديب في كافة أفلامه لم يظهر كممثل، وإنما بعباءة الشخصية التي يرتديها في الفيلم، فتارة تراه «قرصاناً» ومرة «شرطياً غريب الأطوار» وغيرها.

سلسلة

هناك اتفاق عام على أن ديب استطاع خلال العشر سنوات الأولى من الألفية الثالثة، أن يكون نجم هوليوود الأول، فصعوده بدأ في عقد التسعينيات، ليصل إلى القمة في 2003، بعد تقديمه لفيلم (Pirates Of The Caribbean)، ذاك الفيلم الذي سرعان ما تحول إلى سلسلة متكاملة، حققت إيرادات ضخمة تجاوزت حاجز 3 مليارات دولار..

حيث بنيت تلك السلسلة بأكملها على لعبة في حديثة ديزني لاند، تسمى «قراصنة الكاريبي». في هذه السلسلة قدم ديب أجمل شخصياته، من خلال القرصان «جاك سبارو» الذي يمتلك القدرة على المراوغة والخداع، عندما تشاهدها للمرة الأولى لا بد أن تكرهها خاصة وأن ديب قدمها بأسلوب كوميدي يظهر دناءة الشخصية..

ولكن مع تعاقب الأحداث يستطيع أن يستميل العاطفة، من خلال مواقفه المشرفة والشجاعة في اللحظات الحرجة. وهو ما قاده للترشح عنها لجائزة أوسكار أفضل ممثل في دور رئيسي.

عقد التعاون

قبل ارتدائه لقبعة القرصان جاك، سبق لديب التألق بشخصيات غريبة قدم الكثير منها بالتعاون مع المخرج تيم بيرتون الذي سهل أمامه الطريق لتجسيدها سينمائياً.

بداية عقد التعاون بين ديب وبيرتون كان بفيلم (Edward Scissorhands) الذي يطل فيه بشخصية إدوارد صاحب الأيدي الغريبة المصنوعة من المقصات ..

والذي يعيش بعزلة تامة في إحدى القلاع، ليجدد هذا التعاون بفيلم (Ed Wood) (1994) الذي يتناول فيه سيرة المخرج والصحافي (إدوارد وود) الذي اشتهر بأفلام قليلة التكلفة، ومعروفة بأخطائها التقنية، وفي هذا الفيلم يجسد ديب شخصية الفاشل الذي لا يستمع للآخرين، ليقودنا ذلك للوقوف أمام أسوأ مخرج في تاريخ السينما الأميركية.

دراسة

الكثير من النقاد اعتبروا أن شخصية ديب التي أطل بها بفيلم (Sweeney Todd) (2007) مع المخرج تيم بيرتون، تستحق الدراسة، ففيه يلعب دور «حلاق» يدعى بينجامين باركر، ينفيه أحد القضاة بعيداً للحصول على زوجته وابنته، ليعود باركر تحت اسم (سوينى تود) المستعار، ويبدأ رحلة الانتقام بمساعدة "لوفيت".

هذا الفيلم الذي صنع بميزانية 50 مليون دولار، استطاع أن يلمع كثيراً وأن يجمع أكثر من 150 مليون دولار عالمياً، خاصة وأن ديب يقوم فيه أيضاً بالغناء، ليعود من خلاله إلى موهبته الأساسية في الغناء التي طالما برع بها في بداية مشواره الفني.

سلوك ديب لهذا الخط، لم يكن بسبب قدرة الشخصيات الغريبة على تحقيق النجاح تجارياً، بقدر ما تمتلكه من غرابة واثارة، لدرجة أن الكثير من النقاد وصفوه بـ«المنعزل المبدع»، فعدا عن شخصية الحلاق باركر، ظهر بشخصية جوزيف د. بيستون بفيلم (Donnie Brasco) (1997) للمخرج مايك نيويل، والتي يحتار فيها المشاهد لدرجة لا يعرف معها إن كان جوزيف رجل عصابة أم رجل قانون.

ولا يمكن إغفال دوره في فيلم (Blow) الذي يلعب فيه شخصية جورج جانغ الذي أسس سوقاً للمخدرات في أميركا بعد استقراره في كاليفورنيا، لنشهد مع نهاية الفيلم انحدار مسيرة جانغ بعد أن وصل عنان السماء. سارق البنوك جوش ديلينغير التي قدمها بفيلم (Public Enemies) (2009) للمخرج مايكل مان، كانت أحدى أبرز الشخصيات التي أكسبت ديب شهرة واسعة على مستوى العالم..

حيث دلل من خلالها على ما يمتلكه من مهارة في التنويع بين الأدوار، وقدرته على تقمص الشخصيات بحرفيه عالية، ليبدأ اسمه باللمعان، كما لا يمكن غض الطرف عن شخصية الساحر ويلي وونوكا التي قدمها ديب في فيلم (Charlie And The Chocolate) (2005) للمخرج تيم بيرتون.

ترنح وسقوط

احتراف ديب في لعبة «تجسيد الشخصيات الغريبة» لم تمنع ترنح أفلامه عند عتبات شباك التذاكر الأميركي والعالمي، حيث لم تسعفه شخصية «مصاص دماء يعود إلى الحياة» التي قدمها في فيلم (Dark Shadows) (2012) للمخرج تيم بيرتون، في السيطرة على شباك التذاكر، ليشهد الفيلم سقوطاً عليه بعد فشله في تحقيق الإيرادات العالية والتي لم تتجاوز 79 مليون دولار، والسبب لم يكمن في شخصية ديب نفسها، وإنما في طبيعة السيناريو الذي جاء باهتاً في حبكته.

السقوط المدوي لنجم ديب كان بفيلم (The Lone Ranger) (2013) للمخرج جوري فيربينسكي، ففيه يظهر ديب بمكياج صاخب، وبشخصية أحد سكان أميركا الأصليين، الذي يساعد أحد رجال القانون، في هذا الفيلم لم تنفع «تعويذة» الغراب الذي لا يغادر رأس ديب طوال الوقت، في حفظ الفيلم من السقوط، ليتحول إلى أحد أكبر الخاسرين في 2013.

بالاعتماد على مؤشر العائدات قياساً مع حجم الميزانية، فالفيلم وضع له ميزانية قدرها 215 مليون دولار، في حين أن عائداته لم تتجاوز 89 مليون دولار، لتخسر بذلك استوديوهات ديزني رهانها عليه.

تكرر مسلسل الفشل مع ديب، في فيلمه (Transcendence) (2014) للمخرج والي فيستر، بعد تحقيقه لإيرادات لم تتجاوز 23 مليون دولار، في حين أن ميزانيته بلغت 100 مليون دولار، فضلاً عن ذلك تعرض الفيلم لموجة نقد لاذع.

فيلم (Black Mass) سار على الدرب ذاته، فرغم تحقيقه لقبول نقدي وجماهيري معقول، إلا أنه لم يستطع تسلق شباك التذاكر ليقف عند عتبة 53 مليون دولار، أخيراً قدم ديب شخصية «ماد هاتر» في فيلم (Alice Through the Looking Glass)، الذي خسرت "ديزني" رهانها عليه، بعد انصراف الجمهور عنه.

23

مليون دولار إيرادات فيلم Transcendence

3

مليارات دولار مجموع الإيرادات التي حققتها سلسلة «قراصنة الكاريبي»

46

مليون دولار جمعها الجزء الأول من «قراصنة الكاريبي» في عرضه الافتتاحي

2004

شهد العرض العالمي الأول لفيلم Finding Neverlandفي مهرجان فينيسيا السينمائي

7

جوائز أوسكار رشح لها فيلم Finding Neverlandوفاز بواحدة فقط

3

مرات رشح فيها جوني ديب لجائزة الأوسكار ولم يفز بأي منها

DVD