«لا تتحدث»، و «لا هواتف متحركة» و «لا تدخل متأخراً»، ثلاث قواعد يجب عليك مراعاتها عند دخولك «صالة خالية من الإزعاج» التي افتتحتها فوكس سينما حديثاً في مول الإمارات بدبي، والتي يفرض عليك قبل دخولها الاستغناء عن هاتفك المتحرك، وتركه بعد أن يتم «إسكاته» تماماً، في كيس قماشي محكم الإغلاق، لضمان حصولك على تجربة سينمائية «هادئة»، إلا أن تلك القواعد، لا تتماشى مع طبيعة فيلم «ترمیناتور: المصير المظلم» للمخرج تيم ميلر، والذي سيصيبك بالملل بعد مرور نحو نصف ساعة من بدايته، لتخرج من الفيلم بانطباعات متباينة، قد تخسر معها ذلك «الحب» الذي تكتنزه بداخلك لسلسلة «ترمیناتور» التي دشنها المخرج جيمس كاميرون في عام 1984.
في الواقع أن قصة الفيلم الجديد لم تخرج عن حدود حكاية السلسلة بشكل عام، حيث تتم المواجهة بين «روبوت من المستقبل» يسعى لقتل الشخصية الرئيسة في الفيلم، وبين «روبوت قادم من الماضي» يتولى أمر حماية هذه الشخصية، مع الفارق بين الاثنين أن نسخة «روبوت المستقبل»، تكون متطورة أكثر من الآخر، بحيث يظل متفوقاً عليه، وهنا يكمن «الإبهار» في الفيلم، الذي قامت عليه السلسلة برمتها، حيث يمكن من خلالها «شد» المشاهد وإبقاؤه طوال الوقت متوتراً، وهو الخيط الذي لعب عليه «توم ميلر» في هذا العمل، الذي بدأه بمشاهد أكشن قوية، سرعان ما قلت حدتها، ليسمح لعملية السرد بالانتظام في مسار واحد يصيب المشاهد بالممل، من أجل خدمة القصة أو الخط العام للفيلم، الذي تخرج منه بنهاية غامضة، ومفتوحة على كافة الاحتمالات.
عند متابعة الفيلم، يجدر بنا عدم تجاهل المسافة الزمنية الفاصلة بيننا وبين لحظة ميلاد السلسلة في 1984، والتي تصل إلى 35 عاماً، شهدت تغيراً كبيراً في عالم السينما، إلا أن هذا الفيلم لم يخرج عن القالب الأساسي للسلسلة، وقد جاء مطابقاً إلى حد ما، لأول فيلمين منها، لتدرك منذ اللحظة الأولى طبيعة الأحداث وتسلسلها والنهاية التي يجب أن يكون عليها.
في الواقع أن الفيلم يحتوي على كافة الإمكانيات، الكافية لإنتاج فيلم خيالي مبهر إخراجياً ومثير للتفكير، وهو ما لم يأتِ به الفيلم، الذي تحول إلى مجرد إعادة تدوير لأفلام السلسلة السابقة، ليبدو فيه ميلر، قد ضغط فيه على «زر إعادة الضبط» لأفلام السلسلة، ليعيد تقديمها ضمن منظومة تكنولوجية متطورة، فهو لم يسعَ إلى تجديد دماء السلسلة، كما حدث في سلسلة «حرب النجوم» مثلاً، وإنما ظل محافظاً على شخصياتها القديمة، والتي يمكن القول إنها شكلت الحامل الأساسي للفيلم، في وقت أخفق فيه غابرييل لونا في أداء دور «الروبوت القاتل»، وافتقد للرهبة والحضور المرعب المفروض تواجده في الفيلم، فجاء أداؤه باهتاً للغاية، ولا سيما عند مقارنته مع أداء روبرت باتريك الذي أطل في رداء «الروبوت الزئبقي» في الفيلم الثاني. الأداء الباهت انسحب أيضاً على الممثلة ناتاليا رييس، (الفتاة المستهدفة بالقتل)، حيث لم تتمكن، رغم كونها شخصية العمل المحورية، من إثارة التعاطف معها، وذلك نتيجة ما قدمته من أداء سطحي، ما جعل منها شخصية مثيرة للملل.
في المقابل، شكل حضور ليندا هاملتون (شخصية سارة كونر) إضافة جميلة إلى الفيلم، رغم أنها افتقدت بعض الحيوية، وقد يكون ذلك نتيجة لعدم انسجام طبيعة الدور مع شخصية ليندا، وذلك يعود إلى طبيعة تطور الأحداث والتي لم ترقَ إلى مستوى هذه الشخصية، التي أطلت بكل قوتها في الجزء الثاني. بينما كان أرنولد شوارزينغر الأسعد حظاً بين طاقم الفيلم، رغم قلة مساحة الدور الذي يلعبه في الفيلم، حيث لم يختلف أداؤه عن بقية أفلام السلسلة، وقد جاء هذا الفيلم منسجماً مع طبيعة عمره وشكله الحالي، فضلاً عن أن شوارزينغر استطاع التعامل مع الشخصية بكل حرفية، من دون أن ينسف تاريخها، وقد يكون ذلك عائداً إلى مرافقته للسلسلة منذ بدايتها.
هوية
• اسم الفيلم: Terminator: Dark Fate
• إخراج: تيم ميلر
• بطولة: آرنولد شوارزينغر، ليندا هاملتون، غابرييل لونا، وناتاليا رييس