أثارت أحداث الشغب التي عمت عدة أحياء في لندن عددا من القائمين على الفن، ودفعت عبارة (لم تشهد ذاكرة لندن أسوأ من هذا الهيجان)، التي قالها أحد العاملين في الشرطة الناقد الفني البريطاني جوناثان جونز للعودة إلى تاريخ الفن، والبحث عن أحداث مشابهة غيبتها الذاكرة ووثقها الفنانون بريشتهم ليكتب مقالته (أنا أرسم الشغب) المنشورة في صحيفة الغارديان قبل بضعة أيام.
ويبدأ جونز مقالته بقوله، (الشغب الحالي في لندن ليس وليد اليوم ونرى في أعمال عدد من الرسامين الكبار حالات مشابهة من الشغب والتمرد في العاصمة لندن)، ليؤكد بعدها أن ذاكرة لندن التي سبقت عصر التكنولوجيا والتي لم توثق بالصور الفوتوغرافية أو الأفلام، شهدت شغباً وتمرداً مشابهاً. ويمكن مشاهدتها من خلال اللوحات الفنية القديمة).
عصر الظلمات
وطرح مثالاً على ذلك عمل الفنان فرواسار كرونيكل من عصر الظلمات، الذي رسم فيه قصة الملك ولورداته الذين واجهوا جيشاً من الرجال الفقراء أمام أبراج لندن. وكذلك ثورة الفلاحين عام 1381 التي اقتحمت العاصمة كالإعصار واجتاحت برج لندن، بعد قتل حراسه.
وأشار إلى أن ثورة الفلاحين أخمدت في أرضها بسبب دهاء وحنكة الإقطاعيين، فبعدما توجه قائد الثورة (وات تايلور) للتفاوض مع الملك، تم طعنه حتى الموت، وادعى النبلاء أنه كان البادئ في القتال. وللأسف لم يكن في ذاك الزمن هواتف متحركة يمكنها تصوير ما يتعارض مع روايتهم، وتم إحلال وفرض الأمن مجدداً.
مناظرات العدالة
وساق مثالاً آخر عن الملك تشارلز الأول وجداله مع البرلمان الذي تحول إلى حرب عام 1640، وتنظيم الراديكاليين لمناظرات في بوتني حول العدالة.
نموذج مناظرة
ويمكن مشاهدة نموذج من هذه المناظرة في لوحة الفنان أنطوني فان دايك بالغاليري الوطني، التي رسم فيها بورتريه لكل من الشقيقين الارستقراطيين اللوردين جون وبرنارد ستيورات، والتي تعتبر بمثابة مؤشر للأزمة. ويتجلى في اللوحة ثراء الطبقة الحاكمة بالملابس الحريرية المطرزة التي تحدد مكانتهم، ويبدو الشقيقان كأنهما ولدا ليحكما، لكنهما لم يتمكنا لمقتلهما في الحرب الأهلية.