على كرسيه المتحرك وبصوته الأجش قرأ إسماعيل عامود نماذج من قصائده في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات برأس الخيمة أول من أمس، كان صوته مسافة من 84 عاماً حمل خلالها مفتاح النثر، رائداً ومبكراً، ومبشراً بنمط شعري جديد وعذب، ظل وفياً له طيلة عقود، منذ تفتح قريحته الشعرية في مدينة سلمية (وسط سوريا) التي جاء منها محمد الماغوط وفايز خضور وعلي الجندي. من ذلك المكان الذي ينبت فيه شعراء سوريا كما تنبت السنابل، جاء اسماعيل عامود إلى رأس الخيمة شاعراً مخضرماً.
(يحمل اسماعيل عامود حساسيته الشعرية الخاصة ومناخاته وتجلياته) هكذا قدمه الدكتور هيثم يحيى الخواجة لجمهور الأمسية، مضيفاً (ساهم عامود في حفر قنوات جماليات قصيدة النثر وتعبيراتها العالمية وخصوصية استلهاماتها).
مرابع الطفولة
بدأ الشاعر إسماعيل عامود حديثه عن الطفولة وكيف كان في عام 1943 طفلاً في الصف الخامس الابتدائي، وآنذاك تعرف إلى عمالقة في الأدب العربي أمثال طه حسين ومحمد البزم وبدوي الجبل وشفيق جبري، وأحمد حسن الزيات، وأحمد أمين ومصطفى صادق الرافعي، ثم أشار إلى بداياته الشعرية التي صقلتها قراءاته في الشعر العربي والإنجليزي والفرنسي والروسي والتركي وممن قرأ لهم رامبو ولامارتين وبودلير وبايرون وروث.
أول ميوله الشعرية نحو قصيدة النثر ظهرت عندما طلب منه الشاعر أنور الجندي نثر الشعر على الورق، ثم تابع حديث جرجي زيدان عن الشعر المنثور كما تابع المساجلات الحادة حول هذا الشعر، وقال: (على الرغم من أنني كتبت الشعر العمودي والتفعيلة والقصيدة المطلقة -الشعر الحر- فإن قصيدة النثر تمنح الشاعر مدى كبيراً في حرية التعبير).
ثم توقف عند تجربته الشعرية بشكل عام فتحدث عن أثر أمه على شعره وعن إيمانه بأن الشعر الجيد يفرض نفسه وأن قصيدة النثر أبعد مدى في التعبير عن الذات باعتبارها تقدم للمبدع مساحة واسعة ولا تقيده بوزن أو قافية. كما أشار الشاعر إسماعيل إلى أن تجربته الشعرية مرتبطة بالواقع وبالاحتجاج والتمرد، مؤكدا أنه يؤمن بإنسانية الإنسان ولا يميل إلى الأدلجة أو التحزب.
الأدب والحياة
وتوقف عند الظروف الحياتية والمراحل الأدبية التي تلعب دوراً في تغيير المفاهيم والأسلوب والمفردات وحتى الرموز والدلالات أيضاً وعبر عن إيمانه بالموسيقا الداخلية لأهميتها في القصيدة العربية، واستشهد على ذلك بمجموعة من القصائد منها: «للرعاع، والحالمين، وصيادي المناسبات، البحر عالي الموج، والرؤية غير معروفة، فاحذروا غبش البحر»، وعن المعاني الشعرية والتأثر والتأثير بين الشعراء خاصة والأدباء عامة قال: إذا كان التأثير بالمعاني سرقة فالمتنبي والمعري وطه حسين قطاع طرق، ونصح الشعراء الشباب بقوله: (اكتب ذاتك بشكلٍ فني)