امتلك الفنان الإماراتي الراحل جابر جاسم حنجرة دافئة، وكان دؤوبا ووفيا لشعراء بلاده القدامى منهم والمعاصرين، كما استفاد من نبرة رواد البحر وبدو الصحراء ووظفها في تجربته، هذا ما أكده الباحث والشاعر مؤيد الشيباني خلال أمسية تناول فيها تجربة جاسم كما استعرض بالصوت بعضا من أغانية الشهيرة، وذلك مساء أول من أمس في اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع معسكر آل نهيان في أبوظبي.
وقال الشيباني: أوليت في كتابي (جابر جاسم ـ رحلة الكلمة والنغم) كل تلك الركائز التي ميزته، إضافة إلى الأدباء والعرب، التي تزيده طربا وجمالا. وأشار الشيباني إلى أنه ظل وفيا للون الخاص بهذا المنحى، حيث لا يشبه صوته إلا صوت إبراهيم حبيب.
الكلمة والصوت
وقال الشاعر حبيب الصايغ رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات: إن احتفاء الاتحاد بتجربة فنان يأتي من منطلق أن الثقافة واحدة، ولأن جاسم ساهم في تكوين وجداننا كشعراء وكتاب. وأضاف: وعيت على أغانيه منذ العام 1966 في الإذاعة، وكان يختار كلمات شعبية وله فيها صولات وجولات.
كما تشرفت بأن الفنان غنى ثلاث أغاني وطنية من قصائدي. وتحدث الشيباني عن أغاني جاسم الشهيرة، والتي جاءته صافية مع مياه الخليج كونه ينتمي إلى مدينة جنوبية قريبة من دول الخليج. وقال: جاء اليوم الذي التقيت فيه بجابر جاسم في الإذاعة عام 1986، وبدأت العلاقة بيننا.
وأوضح: انتشرت في تلك الأوقات أغنيته «سيدي يا سيد سادتي»، التي كتبها الشاعر أحمد الكندي، الذي أعتبره شاعرا عجيبا كونه عاش اليتم والفقر والحب والحرمان وتوفي عن عمر ناهز 45 عاما.
وأشار إلى أن جابر، ومن خلال بحثه عن الكلمات، غنى للشاعر سعيد بن عتيج الهاملي، الذي رحل في العام 1919، واستدعى بيئته في الأغنية وكل من يسمعه لا بد من أن يشعر بالمكان.
البدايات
وبالإشارة إلى بدايات تجربته، قال الشيباني: عاد جاسم من قطر إلى موطنه الإمارات في العام 1969، والتقى الشاعر عتيج بن روضة الظاهري، وغنى له 15 قصيدة عن الحب، ومن ثم سافر إلى القاهرة في العام 1967.
وأضاف: بقي في القاهرة ستة أشهر يدرس الموسيقى وعندما عاد كان رفيقه الشعري قد مات، فعاد ولحن بعضا من الأغاني مرة جديدة بناء على دراسته للموسيقى مثل أغنية «غزيلن سلم»، التي حققت له جماهيرية واسعة في الكويت.
ونوه إلى أن جاسم التقى مع الشاعر أحمد الكندي، وغنى له أربعين قصيدة كما غنى 12 قصيدة للشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب».
مقامات جاسم
قال الشيباني: عندما يظهر في مصر مغن مثل علي حجار أو غيره نعلم أن وراءه مئات الأصوات والتجارب، أما جاسم فلم يكن إلا الإرث نفسه لأنه استطاع أن يؤسس نبرة إماراتية خاصة. وأوضح: اعتمد جاسم على مقامات البيات، والحجاز والسيغا، ولم يتفرع ويتوزع في تجربته كما فعل الآخرون.
ورأى الشيباني أن تجربة جاسم قصيرة قياسا بفنانين آخرين استمرت لعشرات السنين، مثل محمد عبده وغيره.
وأضاف: في ظل هذه المناحي تناولت في الكتاب تجربة جاسم وذهبت إلى إذاعات الدولة للحصول على قوائم أغانيه. وأوضح: لم أجد في بعض الأحيان اسم الملحن وكاتب الكلمات فحاولت أن أبحث عن مؤلفها.
وأشار إلى احتمالية أن يكون جزء من أغانيه مفقودا، لكني اكتشفت جزءا منها بعد إصداري الكتاب، وهو ما سيدفعني للتعديل عليه ومن المحتمل أن تصل صفحاته في الإصدار الجديد إلى 500 صفحة.
إصدارات
لمؤيد لشيباني، إلى جانب كتابه (جابر جاسم ـ رحلة الكلمة والنغم)، مؤلفات أخرى في مجال الموسيقى من أهمها (أوتار)، وهي دراسة حول الأغنية الإماراتية والخليجية، صدرت عن المجمع الثقافي في أبوظبي عام 2000، إلى جانب عشرات الدراسات والأبحاث في مجال الأدب، وعدة مجموعات شعرية منها (أغاني العابر)، و(قصب كله نايات) و(هكذا أو العكس).