يتملك الزائر لحظة دخوله معرض التشكيلية الهولندية جيردين دويجسنز في غاليري «فن آ بورتيه» بمول الإمارات الذي افتتح أول من أمس، جوقة من مشاعر البهجة والفرح التي تنتقل إليه بتلقائية من أجواء وألوان اللوحات التي رسمت بإيقاع ديناميكي لمجموعات بشرية منشغلة في احتفالات ما، ومن الألوان الصريحة والحيوية، تعيد لوحات جيردين بأسلوبها المميز والطريف في رسم الشخوص بتصور كاريكاتوري، إلى الذاكرة أعمال العديد من فناني بدايات القرن العشرين، حيث يعكسون مفارقات مجتمعاتهم من خلال الوجوه المتخمة بالطعام ورفاهيات الحياة، فتارة نجدهم في سهرة صاخبة، وأخرى في أمسية موسيقية أفرادها من عازفي الأوركسترا، أو جلسة نساء يتناولن الحلويات والشاي.



وجوه محببة

تكمن جمالية لوحاتها أو ما يشد الزائر لها، الوجوه المحببة لشخوصها، الكروية الشكل المختزلة ملامحها بالرموش للأعين، وضربة فرشاة من الأحمر الفاقع لفم المرأة الدقيق المكور، والخط المتعرج القصير لفم الرجل، والخط القريب من خربشات الأطفال للشعر.

وتتجلى طرافة مواضيعها في المشاهد المسرحية التي تجسدها في كل لوحة، مع مراعاتها بعض التفاصيل الصغيرة إلى جانب شخوصها، كإكسسوارات النساء من حبات اللؤلؤ البيضاء وطلاء الأظفار، إلى أطقم فناجين الشاي والحلوى. ومثال عليها لوحة أو مشهد الأوركسترا التي يهيئ للزائر لدى تأمله اللوحة، أنه يستمع إلى معزوفة موسيقية مرحة، ربما لموزارت.



مفارقة الأسلوب

كما ضم معرضها أربع لوحات طولية، رسمتها جيردين بأسلوب الفن التجريدي، واعتمدت فيها على براعتها في الألوان لتعبر كل لوحة منها عن فصل من فصول السنة، لترمز للصيف بطغيان اللون الأحمر المتوهج، والخريف بهيمنة البني، لتهيمن برودة الألوان على لوحة الشتاء، ولتغيب عن لوحة الربيع ألوانه وبريقها. وبدت هذه المجموعة خارج سرب المعرض، ودون مستوى بقية أعمالها.

واللافت في المعرض لوحتا جيردين الخاصتان بالخيول، ويتجلى فيهما تمكنها ومهارتها في رسم الخيول التي تتطلب موهبة وخبرة طويلة، إلى جانب قدرتها على تصوير إيقاع سرعة الخيول في سباق ما، والذي تعززه بتوهج وحرارة الألوان. وتكمن جمالية اللوحة في جمعها بين دقة الرسم لبعض التفاصيل من جهة كوجوه الخيل، والاكتفاء بالخطوط الرئيسية لبعض الأجزاء من جهة أخرى كحركة أرجل الخيل خلال جريها. وأضاف هذا التباين إلى جمالية العمل ومنحه إيقاعاً حركياً وتوازناً في التناغم.

تجربة

ولدت جيردين دويجسنز في أوترخت بهولندا عام 1951، ودرست في أكاديمية الفنون في أوترخت ثم أكاديمية الفنون الجميلة في بلجيكا. وهي من التشكيليات التي رفضت احتراف الفن لتكون هوايتها مصدر إلهامها وإبداعها.