يخطئ من يعزو النجاح الباهر الذي حظيت به تجربة المعمارية العبقرية زها محمد حديد إلى الموهبة والذكاء فقط، فالموهوبون كثر، ولكنهم لم يحققوا معشار ما حققت، كما يجانب الحقيقة من يظن أن السبب يكمن في ضربة حظ صادفتها، أو حتى لكونها ابنة طبقة بورجوازية منحتها فرصة التعليم الغربي بلا شروط وفي أي مكان من العالم.. فكل ذلك مجتمعا هو ما ساعد ومكّن هذه العبقرية من تحقيق ما تصبو إليه، وأما أس الطاقة الرافعة لمشروعها الذي ملأ الدنيا وشغل الناس فهو ما امتلكت من الهمة والعزيمة في ظل إيمانها بمشروعها وثقتها في قدراتها الخلاقة التي لا تستسلم للممكن القليل، وإنما ترنو وباستمرار الى ما هو مغاير ومبتكر وغير مطروق. لأن بالأمان دائماً خير مما كان.

فتلك أهم صفة اتسم بها الكبار، خليقة البحث عن المختلف والمحير للمندرجين في السائد، القانعين بالسلامة والمكاسب السهلة والوفيرة في آن.

يقولون إن المضطر يركب الصعب، ولكن هذا ليس صحيحا بقدر ما طالب الفرادة ورائد القمم هو من يطرق الصعب بيد حرة وقوية على الدوام، ثم يطيل أنفاسه وباله ويبذل كل غال ونفيس من أجل مطامحه.

في هذا الملف لا نحتفي بزها حديد التي رحلت عن دنيانا في نهاية مارس المنصرم، بعد أن تركت ألف أثر وبصمة عميقة تحفظ ذكرها الى وقت طويل بلا شك، لا نحتفي بها لأنها عربية مسلمة قدمت أنموذجا فخما ومدويا تجاوز نظريات الغرب وتمرد على كل المعلبات الفنية المعمارية، ولكننا نحتفي بروح العزيمة والتصدي للتحديات والعقبات والثقة بالنفس وطلب العلا دون اكتفاء بأمجاد قليلة فحسب.

ولن نجازف بالقول إذا ذهبنا واثقين إلى أن نعومة الأنثى وتضاريس جسدها الانسيابية الفاتنة ظلت الهاجس الذي وسم مجمل التصميمات البليغة التي قدمتها زها لتجربة الإنسان العمرانية.

خصائص تجربتها

تميزت أعمال زها حديد باتجاه معماري يقع في إطار المدرسة التفكيكية أو التهديمية، وهو اتجاه ينطوي على تعقيد عال وهندسة غير منتظمة، كما أنها كانت تستخدم الحديد في تصاميمها بحيث يتحمل درجات كبيرة من أحمال الشد والضغط تمكنها من تنفيذ تشكيلات حرة وجريئة.

وقد ظهر هذا الاتجاه في عام 1971، ويُعد من أهم الحركات المعمارية التي ظهرت في القرن العشرين. ويدعو هذا الاتجاه بصفة عامة إلى هدم كل أسس الهندسة الإقليديسية، المنسوبة إلى عالم الرياضيات اليوناني إقليدس، من خلال تفكيك المنشآت إلى أجزاء. ورغم الاختلاف والتناقض القائم بين رواد هذا الاتجاه، إلا أنهم يتفقون في أمر جوهري وهو الاختلاف عن كل ما هو مألوف وتقليدي.

وفقاً لتصنيف جينكز لعمارة التفكيك، فإن أعمال زها حديد تقع ضمن الاتجاه البنائي الحديث وقد ارتبط هذا الاتجاه أيضا بأعمال ريم كولاس؛ وتتلخص رؤيتهم للتفكيك في تحدي الجاذبية الأرضية من خلال الإصرار على الأسقف والكمرات الطائرة، مع التأكيد على ديناميكية التشكيل، حتى إنه أُطلق على أعمال زها حديد اسم التجريد الديناميكي.

الخيال والمثالية هو ما يُميز تصميمات المهندسة زها حديد، والتي يدعي البعض أنها غير قابلة للتنفيذ، حيث إن أبنيتها تقوم على دعامات عجيبة ومائلة، ويؤكد بعض النقاد أن هذه التصميمات تطغى عليها حالة من الصرامة.

بينما فندت عملياً المعمارية العراقية اتهامات بعض النقاد بأنها مهندسة قرطاس، أي يصعب تنفيذ تصميماتها، بعد اكتمال تشييد متحف العلوم في فولفسبيوج شمال ألمانيا، الذي اُفتتح في نوفمبر 2005، والذي يؤكد على أن مقولة مهندسة قرطاس ليس إلا ادعاءً كاذباً من معماريين يعيشون مع الماضي؛ لأن كل الذي وضعته على شاشة حاسوبها استطاع الآخرون تنفيذه، كما أورد موقع الشرقية.

ظاهرة

في هذا الملف استأنسنا بأقوال بعض المعماريين للوقوف على مزايا هذه التجربة الكبيرة من وجهة نظرهم، فحدثنا حول خصائص ظاهرة زها حديد المثيرة للجدل، المهندس المعماري في دبي محمد حسين طلبي: لا نعتقد نحن ‏سكان دبي وزوارها، بأننا سننتظر طويلاً حتى ننعم بدار الأوبرا التي سيتزين بها وسط المدينة المتألقة دائما، والتي ستغدو معلماً استثنائياً آخر يضيف إلى حياتنا إبهاراً ثقافياً آخر، تفضلت بتصميمه هذه المرة رائدة ‏الحداثة المعمارية زها حديد، ‏تلك السيدة العربية التي كلما ‏حلت بمكان، تركت لأهله -وبناءً على رغبتهم- ما يسعد ويشرف.

ويمضي قائلاً: زها حديد الابنة الروحية للمدرسة ‏العراقية الراسخة في وجدان الفكر والفن والأدب، ذلك الإرث الذي حملت بقاياه سعيدة وارتحلت به الى مدارس الهندسة الغربية، ليس للبحث عن الجديد لديها من أجل تطعيمه وتغذيته، ولكن لاستثماره في إيجاد معادلة إنسانية تتحدث من خلالها العمارة وملحقاتها لغة تفوق كل اللغات السالفة، والتي سار عليها الأولون، ولا شك أن الإنسان العربي ‏ليشعر بفائض الفخر، وهو يقول للآخرين بأن هناك مدرسة ‏اسمها مدرسة زها حديد الفنية الشاملة، ليس فقط في العمارة ولكن في الكثير من المكملات ‏التي تتسم بدورها بالجرأة والتميز والإدهاش، وبالعودة قليلاً إلى مجمل أعمال هذه المبدعة التي غادرتنا قبل أيام قليلة، والموزعة على الشهيرات من مدن العالم.

أعمالها شاهدة

يقول المهندس محمد طلبي: حظينا قبل سنوات قليلة في الإمارات بواحدٍ من أجمل المعالم التي صممتها زها حديد عندما تم تدشين جسر الشيخ زايد رحمه الله، في أبوظبي. ذلك المشروع اللافت والعملاق وبالأخص عندما تغمره تشكيلة الأنوار مساءً.

‏ربما نالت أعمال زُها حديد ‏الكثير من الاهتمام في مظاهرها الخارجية أكثر من تلك التي اقتربت من سحر القاعات والمسارح وتموج أسقفها ‏واستداراتها وبساطة أفكارها وجاذبيتها وإنارتها مثل مركز الفنون الحديثة بروما أو محطة قطارات ستراسبورغ أو مسرح حيدر علييف في باكو أو غيرها من أعمال هذه المعمارية الفذة.. وفي كِلتا الحالتين (التصميم الداخلي) أو (الخارجي) لا يسع الإنسان إلا أن يُثمنَ إلهام زها حديد ‏التي جعلت من تفاعل كل معلم تُصممهُ مع المدن بشكل تلقائي حدثاً لافتاً وسريعاً نظراً لفائض الحرية الذي يحسُّ الناس به ‏وهم يستثمرون عناصره (كل عناصره)، حيث تنسابُ المساحات حول ذواتها فينغمسُ الخارجُ بالداخل ويرتبط به دون أي شعور يعترض الإحساس ويحدّ من مُتعته. ‏

كثافة أخرى

ويذهب طلبي الى أن السباحة في عالم زها حديد تحتاج إلى ملفات كثيرة يقترب منها الإنسان الواحدة تلو الأخرى... وعلى اعتبار أن عصرنا هو عصر الأفكار فإن أفكار زها حديد هي واحدة من هذا الكم الهائل من النظريات التي غيرت حياة الناس ونقلتها إلى عوالم لم يكن من السهل تخيلها، ‏ومثلما نجد كماً آخر من المصطلحات، يغزو كل الفنون، فإننا لا شك مضطرون لتقبل مصطلحات العمارة الحديثة التي راحت زها حديد تؤكد عليها، مثل الاتجاه الذي عرف بالتفكيكية ‏أو التهديمية والتي تعني باختصار إضفاء المزيد من التعقيد وعدم الانتظام في الأشكال.

لغة معمارية جديدة

أما المهندس المعماري والفنان التشكيلي طه الهيتي فهو يطرح رأياً مفاده أن اللغة الفنية التي انتهجتها زها حديد، هي لغة عالمية معاصرة، لم يجد الكثيرون صعوبة في الاستمتاع بإيقاعاتها على الأقل، إن لم يكن فهم كامل جمالياتها التفصيلية والتصميمية.

ويؤكد أن المصممة الفذة، ابتكرت لغة معمارية جديدة تخصها وحدها، وقد ارتبطت بخصوصيتها المتجددة، التي أسست من خلالها مقاييس جديدة للجمال والمتعة البصرية المستمدة من إيقاعات دواخلها الخاصة، وانحناءاتها الخاصة، حتى أصبحت «ملكة الانحناءات». وربما أن دراستها للرياضيات مكنتها من إنتاج لوغاريتمات وتوازنات جمالية عضوية، ميزت جميع تصاميمها، حتى أصبحت «أشكال زها» تكاد تكون تعريفاً جميلاً وغامضاً للمستقبل.

فالتقاء البيئة بالعمارة، وتداخل الخارج مع الداخل، التراث والمعاصرة، الطرز المعمارية المختلفة من الفترات السياسية المختلفة، جدليات تداخلت معها هذه النجمة، لإنتاج إحدى تحفها المعمارية في باكو، من خلال تصميمها الذي أجد انحناءاته المعقدة، وسطوحه المتداخلة تعرف نسباً وأشكالاً جديدة للتصميم المعماري، والجمال الإنساني المتصل بإيقاعات الطبيعة.

ويؤكد المهندس والفنان التشكيلي طه الهيتي أن زها التي كرمتها ملكة بريطانيا بلقب ملكي رفيع، قلبت جميع الطاولات، وأثبتت موهبتها بقوة، فأصبحت «عصرا» معماريا كان من الممتع معاصرته.

ويرى الهيتي أن وفاة هذه المصممة العظيمة خطوة الى الخلف بالنسبة للذوق الإنساني، بعد أن هذبت أعين الإنسانية ونشرت الجمال وغيرت المقاييس بعذوبة وانسيابية أفكارها. تأثرت بالخط العربي واستلهمت من الطبيعة واستعانت بالرياضيات لإيقاعاتها الجميلة، فخلقت عصر زها حديد.

أيقونة الحداثة المعمارية

ويقول زكريا حنيف(مهندس معماري بدبي): تميزت جميع أعمال زها حديد بنهج معماري ذي مسار واضح وصريح بتبنيها اتجاه الهندسة غير المنتظمة أو المعروفة باسم التفكيكية او التهديمية.

وكان ذلك جلياً في جميع أعمالها، حيث تتسم كل أعمالها بالجرأة وتحدي مبادئ الفيزياء الأساسية باعتمادها على الأشكال ذات الأسقف والبروزات المعلقة بشكل كبير.

تتفادى الزوايا القائمة

ويوضح حسام محمد( مهندس معماري في دبي)، أنه يقوم طراز زها حديد على أسس تفادي الزوايا القائمة، حيث تلتقي المنحنيات محتوية الفراغ في قلبها لتشكل كتلة انسيابية ناعمة وسط أدغال من المباني المسطرة الأسمنتية في تباين يبدو كأنه يحكي قصة صراع ما بين ما ترنو إليه أحلامها منذ الصغر من تصاميم انسيابية منحنية وما بين واقع ما نراه كل يوم من عمران صريح مضلع.

سيرة ومسيرة

زَها حديد بالإنجليزية: Zaha Hadid معمارية عراقية الأصل لها من اسمها نصيبان، الأول أنها قدمت للتجربة الإبداعية العمرانية على كوكب الأرض نماذج زاهية فزها بها هذا الفن وازدهى، ثم إنها خاضت تحديات ريادية جساماً جعلت منها امرأة حديدية الإرادة بامتياز، وُلدت في بغداد 31 في أكتوبر 1950م وهي ابنة وزير المالية الأسبق محمد حديد، الذي اأدار اقتصاد العراق بين عامي 1958 و 1963م.

ظلت تدرس في بغداد حتى انتهائها من دراستها الثانوية، حاصلة على شهادة الليسانس في الرياضيات من الجامعة الأميركية في بيروت 1971، لها شهرة واسعة في الأوساط المعمارية الغربية، حاصلة على وسام التقدير من الملكة البريطانية، تخرجت عام 1977 في الجمعية المعمارية «AA» أو «Architectural Association» بلندن، عملت معيدة في كلية العمارة 1987، انتظمت أستاذة زائرة أو أستاذة كرسي في عدة جامعات في أوروبا وأميركا منها هارفرد وشيكاغو وهامبورغ وأوهايو وكولومبيا ونيويورك وييل. لكن وبالرغم من ذلك، لم تلق تصاميمها اهتماماً لدى مجلس النواب العراقي، حيث رفضوا عدة تصاميم قدمتها بدون مقابل !! حيث جاء على لسان المعمارية زها حديد بأن النائب علي العلاق كان قد رفض تصاميم قدمتها، وذلك حسب ما جاء في مقابلة لها في مجلة دير شبيغل الألمانية.

تعلمت الرياضيات في الجامعة الأميركية ببيروت (1968-1971). كما درست العمارة في الجمعية المعمارية في لندن (1972-1977)، حيث مُنحت شهادة الدبلوم عام 1977م.

تميزت زها حديد بنشاط أكاديمي واضح منذ بداية حياتها العملية، فقد بدأت التدريس في الجمعية المعمارية. وكانت بداية نشاطها المعماري في مكتب ريم كولاس وإليا زنجليس أصحاب مكتب OMA ثم أنشأت مكتبها الخاص عام 1978. وفي عام 1994 عينت أستاذة في منصب كينزو تاجيه، في قسم التصميم (الدراسات العليا) بجامعة هارفارد ومنصب سوليفان في جامعة شيكاغو ب. وهي أستاذ زائر في بعض الجامعات مثل جامعة ييل.

حصلت زها حديد على جائزة «بريتزكر» عام 2004، التي تعتبر أرقى جوائز الهندسة. كما تشكل أعمالها جزءاً من المعارض الدائمة في متحف الفن الحديث بنيويورك ومتحف العمارة الألمانية في فرانكفورت. تُوفيت في 31 مارس عام 2016.

بعيداً عن حضن أمنا

لست ناكراً لحقيقة أن الموت حق وكأس لا بد وأن يشرب من معينها المر يوماً كل البشر، زها حديد ماتت، خبر تزعم «عواجل» مختلف وسائل الإعلام، القديم والحديث على السواء. لا.. زها «ما ماتت» وإن ماتت، حقيقة موازية أقولها من القلب بلهجة أهلي وأهلها أبناء العراق الباقي الأبدي.

زها «ما ماتت» وإن ماتت، انظروا إلى خارطة العالم، تنطق جمالاً وفناً وعمارة عربية أصيلة سطرتها أنامل بنت الرافدين، من هونغ كونغ ومروراً بألمانيا فروما والقاهرة وويلز ولندن وباكو، وصولاً إلى أبوظبي ودبي، تماماً كأنها فاتح عربي جديد امتطى صهوة جواد أصيل في زمن التردي بالقرن الحادي والعشرين.

زها «ما ماتت» وإن ماتت، اسألوا الأبراج والجسور والميادين والمتاحف والساحات، إنها ترفض انطفاء جذوة الأنامل العبقرية.

زها «ما ماتت» وإن ماتت، كم من الرجال والنساء ميتون وهم أحياء، وكم من النساء والرجال أحياء وإن خضعوا لسطوة وسلطان وجبروت الموت.

زها «ما ماتت» وإن ماتت، جوائز مرموقة فازت باقترانها باسم أشهر معماريات الكرة الأرضية، لكن الجائزة الوحيدة التي تفخر بها زها، هي، أنا عراقية.

زها، «عيني»، لست أنت الوحيدة، ولن تكوني الأخيرة التي توقف قلبها بعيداً عن حضن أمنا الحنون دجلة، وصدر أبينا الغيور العراق. «عيني»، زها، قبل قلبك، توقفت قلوب نازك الملائكة ومحمد الجواهري وبهنام أبو الصوف وعبدالوهاب البياني وبلند الحيدري وكوكب حمزة وعبدالرزاق عبدالواحد وناطق هاشم ونصرت ناصر ودوني جورج وعشرات، بل مئات العراقيين الذين تقطعت شرايين قلوبهم من قسوة الغربة وعذاب الابتعاد عن وطن الطفولة. «فدوة»، زها، ألا تعلمين أن الموت قهراً في الغربة قد كُتب على رموز العراق من شعراء، علماء آثار، رياضيين، أدباء، صحافيين، رجال ونساء، أطفال صغار، شبان بعمر العطاء، مبدعين في مختلف مناشط الحياة، هكذا نحن منذ 7 آلاف عام مضت، وربما أكثر منها قادمة!

زها، «فدوة»، من مثواك الأبدي، ودعوة الغريب مستجابة، ادعي لنا الباري الكريم بأن يُسخر لنا مَن ينثر ذرات أجسادنا في رمال وتراب عراق نخاف عليه يوماً يكون فيه وطناً عارياً من كل أبنائه، وهنا «العورة»!

علي شدهان

ليس رثاء

زها، قبل أن يتوقف قلبي مثل قلبك، كم تمنيت لو أن إزالة ركام العراق «كان» بأنامل أصابعك السومرية، ولكن!!

وفاء

زها انطفأت

زها حديد المعمارية التي لوت الحديد ووظفته في إطار بنى جمالية، في جميع أنحاء العالم تقريباً، إلا بلدها العراق الذي لم يفكر كيف يؤبن واحدة من مبدعات القرن على مستوى العالم بلا تحفظ.

لم تمت زها، فهي باقية بالآثار التي نفذتها في الكرة الأرضية، هي ابنة محمد حديد وزير الاقتصاد العراقي والصناعي الأول وأول من أدخل صناعة الزيوت النباتية إلى العالم العربي.

العالم أجمع أبّنها وخرجت الصحف بكل اللغات تدبج المقالات بالإنجارات التي حققتها على مستوى العالم، إلا بلدها الذي لم يوجه لها دعوة لبناء صرح يبقى خالداً ويجمع العراقيين من حوله. كنت أحلم مع الحالمين، لو أن زها بنت جسراً فوق شط العرب، أو داراً للأوبرا في بغداد، أو حتى لو أنجزت برجاً متميزاً سمته بغداد الرشيد.

وفاء لذكراها فقد أطفأت دولة الإمارات جسر الشيخ زايد الذي حققته في أبوظبي والذي يعتبر واحدا من الجسور المتميزة، أطفأت الدولة كافة أضواء هذا الجسر وفاءً لزها واحتراماً لما حققته من إبداع، هكذا هي الدول التي تحترم نفسها وتحترم من خدموها، وقبل ذلك بأيام قامت دولة الإمارات أيضاً بتكريم عدنان الباججي، العراقي الذي وقف بجانب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لبناء البنى الأساسية للدولة، يوم لم يكن للإمارات هذا الدور وهذا الموقف.. وهو الذي رفع علم الدولة في الأمم المتحدة ومثل الدولة في العديد من المؤتمرات، دولة الإمارات لا تنسى أحداً ممن يقدمون خدمات متميزة.

أما العراق المنكوب بأهله قبل غيره، فما زال المسؤولون يفكرون كيف يمكن أن يزيدوا خزائنهم الشخصية من مال الدولة، وما زالوا يفكرون بالخطوة الأولى التي لن تتحقق ما داموا جميعاً غرقى في المكاسب الشخصية والمحاصصة.

عبد الإله عبد القادر