«إن الفلسفة خسرت أحد أبنائها الموهوبين بتحول نجيب محفوظ إلى الأدب، غير أن ما كسبته الرواية قد عوضنا بلا شك، أضعافاً مضاعفة»..هذا ما قاله الدكتور حسن طِلب، أستاذ الفلسفة بجامعة حلوان، عن الأديب العالمي نجيب محفوظ، بعد أن تحول من رجل أكاديمي تشغله دراسته الفلسفية إلى أديب يفتش في القضايا الإنسانية والعوالم الأدبية.
وكان طِلب قد كتب ذلك، في مقدمته لكتاب «نجيب محفوظ فيلسوفاً»، الذي صدر قبل سنوات، وضم عدداً كبيراً من المقالات الفلسفية التي كتبها «محفوظ» في ثلاثينيات القرن الماضي، كانت نشرت في عدد من الجرائد والمجلات المصرية، منها المجلة الجديدة، والسياسة الأسبوعية، والأهرام، ومجلة العصور حتى جمع الدكتور أحمد عبد الحليم عطية، معظمها في الكتاب المشار إليه.
كلمة بخط يد محفوظ
والحقيقة أنه قد سبق هذه التجربة، خطوة أولى اتخذتها الدار المصرية اللبنانية، بحيث تعاقدت مع أديب نوبل، قبل وفاته، لنشر مقالاته الفلسفية التي كتبها خلال الفترة من 1930 وحتى 1939 م، بعد أن جمعها وأعدها للنشر الكاتب فتحي العشري، وقام بتصنيفها بحسب موضوعاتها المتنوعة بين السياسة والدين والأدب والفلسفة، والتربية والثقافة والحرية والشباب، وقد صدرت هذه الأعمال في تسعة كتب يحمل كل منها عنواناً مختلفاً حسب القضية التي تنتمي إليها المقالات منها «حول التدين والتطرف»، «حول الفلسفة والأدب»، «حول العرب والعروبة»، «حول التقدم والتحرر»، «حول الشباب والحرية»، «حول الدين والديمقراطية»، «حول الثقافة والتعليم»، «حول العلم والعمل»، و«حول العدل والعدالة».. وكتب نجيب محفوظ على ظهر الغلاف آنذاك كلمة بخط يده، يشكر فيها الكاتب فتحي العشري ويعترف فيها بفضله في جمع هذه المقالات، وتصنيفها، ويؤكد أنه لولاه لما تم جمعها في كتاب.
حول الأدب والفلسفة
وأما الجديد في الأمر فهو أن الدار المصرية اللبنانية، قد اتخذت خطوة أخرى أكثر وعياً بأهمية كتابات «محفوظ الفلسفية»، إذ اختارت كتابه «حول الأدب والفلسفة» لترجمته إلى الإنجليزية، ونشره في لندن، ومن ثم توزيعه في دول أوروبا وأميركا، هذا إضافة إلى إعادة نشر جميع المقالات في ثلاثة مجلدات باللغة العربية، وهو الأمر الذي يؤكد إدراك القائمين على الدار بأهمية ما كتبه «محفوظ» في الفلسفة.
وحول هذه الخطوة، أوضح الناشر محمد رشاد، صاحب الدار المصرية اللبنانية، حرص الدار على مواصلة نشر أعمال محفوظ في الفلسفة، وقال: لذلك قمنا بتجديد عقد حقوق الملكية الفكرية لمقالاته الفلسفية مع ورثته، لإعادة نشرها في «ثلاثة مجلدات» باللغة العربية، سيخرج الأول منها للنور في شهر يناير المقبل بالتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب، على أن يصدر المجلدان الآخران خلال العامين المقبلين.
علامة
تعد مقالات نجيب محفوظ في الفلسفة، هي الحدث الفارق في مسيرته، حيث تخرج محفوظ في كلية الآداب، قسم الفلسفة، بجامعة القاهرة، عام 1934، وكان قد وطن نفسه على أن يكمل دراسته العليا فيها، وبدأ يستعد لكتابة الماجستير في موضوع علم الجمال، إلا أن حبه للأدب، أدخله في صراع بين دراسته الفلسفية، وكتاباته الأدبية، حتى انتصرت رغبته الأخيرة، ورغم ذلك إلا أن محفوظ، لم يستطع الابتعاد عن الفلسفة فكتب فيها تلك المقالات المتنوعة في §يجد أن الفلسفة حاضرة فيها خاصة روايات مثل «الحرافيش» وغيرها.