أكد الباحث والخبير والمستشار د. معتز عثمان، أن إصدار دولة الإمارات لعملتها الوطنية عام 1973، وضع حداً للعملات التي كانت سائدة آنذاك، والتي كان التجار والمواطنون يعانون الأمرين بسببها، وذلك في ندوة تاريخ النقد والعملات في الإمارات، التي نظمها مركز جمال بن حويرب للدراسات مساء أول من أمس.

وبدوره، قال المستشار والباحث جمال بن حويرب، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، رئيس المركز، إنه تم اختيار هذا الموضوع لأن كثيراً من القراء لا يعرفون تاريخ النقد، عبر العصور، سواء بالنسبة للدولة أو في العالم. وها هو د. معتز يحدثنا عن هذا الموضوع المهم بحضور المستشار والباحث والخبير في شؤون النقد والمسكوكات، عبدالله بن جاسم المطيري.

بدأ عثمان قوله بالتحدث في هذا المجال عن مراحل عدة، الأولى: العملات اليونانية والإغريقية، (الدراخمة اليونانية القديمة)، قائلاً إن أول مسكوكة في العالم جاءت من مملكة «ليديا» حوالي 652 ق.م.، إذ يعود اختراع النقود إلى الليديين، سكان وسط آسيا الصغرى في عهد الملك «إرديس»، وقد سك ملوكها النقود ونقشوا عليها في أول إصدار معروف للنقود (أسداً فاغراً فمه ويهاجم ثوراً).

ثم جاءت الدراخمة اليونانية القديمة «دراخمة الإسكندر 320-323 ق.م.»، ثم جاء الدرهم الإغريقي، ويظهر على وجهه نقش لصورة الإسكندر الثالث المقدوني، المعروف باسم الإسكندر الأكبر، وهي واحدة من أهم اللقى الأثرية في الإمارات، وبالتحديد في موقع مليحة، ثم مرحلة الدراهم الساسانية خلال أواخر العصر الجاهلي، وتمثل هذه العملة صوراً لموقد النار وللملك خسرو الثاني.

النقود الإسلامية والتعريب

والمرحلة الثانية كما ذكر عثمان، مرحلة النقود الإسلامية والتعريب سنة 77 هجري (دينار ودراهم الخلافة الأموية) أيام الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، وفي هذه المرحلة تم تعريب الدراهم الساسانية والبيزنطية، ولعل أهم هذه العملات درهم المهلب بن أبي صفرة الأزدي عام 76 هجرياً.

والمرحلة الثالثة، مرحلة تضارب تداول العملات، التي تمتد من 1480 – 1798م وعنها يقول عثمان: في هذه الفترة كان هناك عملات عدة، منها عملة «اللارين» (1470-1780م)، عملة «طويلة الحسا» (1480-1789م)، التي كانت رائجة جداً في مجال التجارة البحرية واستخدمت على نطاق واسع بين موانئ المنطقة، لكن سرعان ما تم الاستغناء عن تداولها، واختفت سريعاً في عام 1790م، وحل مكانها «الريال النمساوي»، أو ما كان يطلق عليه دولار «ماريا تريزا» (الريال الفرنسي)، (1790-1920م).

وتخلل تلك الفترات تداول بعض العملات لفترات صغيرة، وعلى السواحل فقط منها العملات الفارسية (1795-1825م)، وعملة مرضوف القواسم (1834 -1832م) وقد سكها الشيخ سلطان صقر بن راشد القاسمي. وكذلك عملة «بيزة برغش» (1870-1888 م) نسبة إلى السلطان برغش بن سعيد بن سلطان (سلطان زنجبار). و«بيزة السلطان فيصل بن تركي» (1891م)، تلا ذلك فترة تداول نقود الدولة العثمانية (1839-1947م).

«الروبية الأولى»

المرحلة الرابعة: «الروبية الهندية البريطانية» (1830-1947م)، حيث قام الملك وليم الرابع بسك «الروبية الأولى» في عام 1835 م، تلاها «روبية الملكة والإمبراطورة فيكتوريا» من (1937-1901م)، ثم «روبية الملك إدوارد السابع» (1901-1910م) فروبية الملك جورج الخامس (1910-1936م)، ثم جاءت روبية الملك جورج السادس (1936-1952م).

وواصل: في يوليو 1932، تم توقيع اتفاقية بين الحكومة البريطانية والشيخ سلطان بن صقر القاسمي، حاكم الشارقة آنذاك تقضي بأن يكون الدفع بالروبية المعدنية وليس الورقية. ومرحلة الروبية الهندية المستقلة (1950-1956م)، تلاها في العام 1950 م مرحلة الروبية الهندية الورقية.

استقلال الهند

وتحدث عن مرحلة استقلال الهند في 15 أغسطس 1774م، حيث أصدرت الحكومة الهندية قرارين، الأول يقضي بمنع استيراد اللؤلؤ من دول الخليج العربي (14/‏‏‏8/‏‏‏1947م). والثاني خفض قيمة الروبية الخليجية المخصصة للتداول في دول الخليج العربي بتاريخ 5/‏‏‏6/‏‏‏1966م، في هذه الفترة (1959-1966) تم التداول بعملات ورقية خاصة في دول الخليج العربي، وتم الاتفاق، كخطوة مؤقتة على إحلال الريال السعودي محل الروبية الخليجية في التداول اليومي، لكن أبوظبي آثرت التداول بعملة البحرين (1966-1973م).

لكن في دبي تم تداول مجلس نقد دبي (21/‏‏‏مارس 1966 وحتى 19/‏‏‏مايو 1973 م)، على أساس سعر الصرف السائد (10 ريالات دبي) لكل دينار بحريني.

عملة الإمارات

وقال عثمان: بعد قيام دولة الإمارات عام 1971، تم إصدار العملة الخاصة بالدولة بموجب المادة (8) من القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 1973، وتم تأسيس مجلس النقد في مايو 1973 بموجب القانون الاتحادي رقم (2) لسنة 1973.

وفي 10 ديسمبر من العام 1980 صدر القانون الاتحادي رقم 10، الذي يقضي بتحويل مجلس النقد إلى مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، حيث أعطي المصرف صلاحيات واسعة، يتمتع بها إلى يومنا هذا.

 

نقاشات هادفة

اختتمت الندوة بنقاشات هادفة شارك فيها كل من الكاتب عبدالغفار حسين، والكاتب والباحث د. شهاب غانم، والباحث رشاد بوخش، والباحث راشد بن هاشم، وكان مسك الختام للمستشار والباحث عبدالله المطيري، الذي تحدث بشيء من التفصيل عن أنواع وأماكن سك العملات عبر التاريخ.