يقاس تطور المجتمعات بمدى الحراك الثقافي والمسرحي، حيث يعتبر المسرح أبا الفنون، كونه الذي ينطلق منه الإبداع والابتكار، ومن أجل مسرح يحقق آمال وتطلعات الكادر الفني والمسرحي والجمهور المتابع للحركة المسرحية بشغف، يقوم معهد الشارقة للفنون المسرحية بالدعم والإسهام كمؤسسة ذات مسؤوليات تثقيفية وتربوية، ويحرص بذلك على نشر ثقافة المسرح بالمجتمع الإماراتي. «البيان» التقت أحمد بورحيمة مدير إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام، الجهة المسؤولة عن المعهد، للتعرف على دوره والجهود المبذولة لتطوير الحركة المسرحية بالدولة.
إذ شدد على أن المعهد يكرس الممارسة المسرحية الأكاديمية.
* كيف ننمي الحراك الفني والثقافي لرفد المسرح المحلي بطاقات شابة؟
أظن أن معهد الفنون المسرحية في الشارقة يؤدي اليوم، دوراً محورياً في ترسيخ المعرفة المسرحية وتطوير قدرات الموهوبين في مجالات التمثيل والإخراج والكتابة وغيرها من عناصر العمل المسرحي. إذ إنه تأسس لهذا الهدف بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، سنة 1999، واستضاف خلال السنوات القليلة الماضية العشرات من البرامج المسرحية التدريبية التي استهدفت فئات وشرائح مختلفة من المجتمع، بمشاركة مدربين متخصصين، استقطبتهم دائرة الثقافة والإعلام من جامعات ومعاهد مسرحية عدة في الوطن العربي.
* كيف ساعد المعهد على تطوير الفن المسرحي محلياً ؟
أدى ويؤدي المعهد رسالته في الخصوص، عبر الورش التدريبية المستمرة. إذ نجح في تكريس ممارسة مسرحية أكاديمية منظورة، كما ساعد في زيادة الوعي التقني والحرفي بفن المسرح ليس فقط على مستوى إنتاج العروض وتقديمها ولكن أيضاً على مستوى تلقيها ونقدها أو محاورتها، فهناك العديد من المسرحيين الشباب الذين ظهروا أخيراً في عروض مسرحية محترفة، هم ممن استفادوا من ورش وبرامج معهد الشارقة للفنون المسرحية. ولكن طموحنا أكبر ونأمل أن نتمكن في السنوات القليلة المقبلة من تعزيز مكانة المعهد ودراساته النظرية والعملية أكثر فأكثر.
أُسس
* ما هي الجهود المبذولة لتطوير المسرح ؟
استغرقنا في الفترة الماضية في دراسة توجهات الطلاب والمهتمين بالمسرح، وميولهم ـ وهم في معظمهم من المهنيين وطلاب الجامعات إضافة لبعض الموهوبين من صغار السن ـ، وسعينا إلى ضبط مواعيد الحصص التدريبية وطبيعتها، مع مراعاة ظروف كل المنتسبين إلى المعهد، وهذا يحصل بشكل دوري ومن سنة لأخرى. وبلغ معدل الورش والدورات التدريبية نسبة أعلى في السنة الأخيرة مقارنة بالسنوات الفائتة، كما أن نسبة الطلاب المشاركين في تزايد مستمر، ونتوقع أن يتحسن الأمر كثيراً مع الاستمرارية والمثابرة.
لكن المعهد ظل يتركز بمثابة مؤسسة ثقافية وفنية، وهناك دعوات من مسرحيين ومهتمين إلى تحويله مؤسسة أكاديمية ذات صلة بوزارة التعليم العالي في الدولة، ويبدو ذلك مهماً في تقديري، وخصوصاً في هذا الوقت الذي نشهد فيه اهتماماً أكبر في المجتمع بالفنون، وبالمسرح على وجه الخصوص، ولكنه يستلزم إجراءات تتشارك فيها جهات عدة، أي ليس إدارة المسرح لوحدها، ونأمل أن تحرز الجهود في هذا الجانب ما ينفع الناس.
تنسيق
* يطرح قريباً دبلوم لإدارة المسرح بجامعة الشارقة.. ماذا عن المنهج الدراسي في الخصوص.. كذلك الممثلون والكادر الفني؟
دبلوم إدارة المسرح هو مشروع قيد العمل، بالتنسيق بين إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وكلية المجتمع في جامعة الشارقة، وأُجريت دراسات وبحوث عدة، بواسطة فريق من المتخصصين، لمعرفة مدى قابلية المجتمع لمشروع الدبلوم، وفكرته قائمة على إعداد كوادر مؤهلة في الإدارة المسرحية، أي النظم الهيكلية والتخطيطية والأرشيفية والتوثيقية الخاصة بالفرق والمجموعات والأندية والجمعيات وسواها من المؤسسات المعنية بالمسرح، كذلك يتضمن الدبلوم دراسات حول كيفية التعامل مع القاعات والأجهزة الفنية وتقنياتها، باعتبار أن للمسرح صلته بالعديد من الأنشطة الاجتماعية والثقافية. إجمالاً، يمكن القول، مع ما تشهده الساحة الثقافية في الدولة من أنشطة على مدار العام، إن مشروع الدبلوم يبدو واعداً جداً.. وفي المستقبل القريب ستظهر ثماره على أرض الواقع.
تدريب وصقل
* هل الورش المسرحية تفي بغرض تخريج ممثلين ومخرجين يخدمون الحركة المسرحية في الإمارات ويمثلون الدولة عالمياً؟
على رغم من أن حركة المسرح الحديث في معظمها قائمة على البرامج التدريبية المؤقتة التي تستضيفها وتنظمها مراكز فنية خاصة وعامة، وبرغم التأثير الكبير الذي أحدثته الورش التي نظمت في الدولة منذ مطالع ثمانينيات القرن الماضي، إلا أنها لا يمكن أن تكون بديلاً عن المعهد المسرحي أو الكلية أو أي شكل من أشكال التدريب المستمر وخصوصاً في المسرح الذي يتطور كل يوم ويطرح العديد من التحديات المعرفية والتقنية للمشتغلين به، وهو ما يستجوب منا أن نعمل بصفة متصلة، تدريباً وصقلاً ومواكبة.
لا يتعلق الأمر بتمثيل الدولة دولياً، فحسب ولكن حتى الممارسة المسرحية على الصعيد المحلي يلزمها أن تكون في مستوى يوازي في نوعيته المسيرة الطويلة التي قطعها فن المسرح في مجتمعنا؛ لذلك علينا أن نبحث دائماً عما يرتقي بتجربتنا المسرحية ويزيدها صلابة وفعالية.
فرادة
يقع مقر هذا الصرح الثقافي والأكاديمي، الفريد، داخل مبنى متميز في منطقة المريجة في (قلب الشارقة)، ويضم بين جدرانه مسرحين هما على أحدث طراز، يتسعان لـ 475 متفرجاً، وتقام فيه العروض المسرحية والدورات التدريبية والورش والمختبرات المسرحية، فضلاً عن الدراسات الأكاديمية.