يكفي أن يدون في سجل سلامة الشامسي، أنها أول من شغلت منصب مدير «قصر الحصن»، لتشعر بالاعتزاز والثقة بقدراتها، خاصة أن هذا المبنى ملتصق تاريخياً بإمارة أبوظبي، في وقت ينتظر فيه الجمهور افتتاح قصر الحصن يوم الـ 7 من ديسمبر المقبل.
وفي أول حوار لها، بعد الإعلان الرسمي عن مركزها، عبّرت سلامة الشامسي عن فخرها بتعيينها مديرة لقصر الحصن، وقالت في حديثها لـ «البيان»: إنها لمسؤولية كبيرة جداً أن أتكلم عن تاريخ وطني، وعن تاريخ «قصر الحصن» وأهله الذين كانوا يتعاقبون على العيش في أروقته.
وأضافت: إلا أن اشتغالي على هذا المشروع قبل الافتتاح، يمنحني دافعاً أكبر وأقوى لأستمر فيه. وتابعت: تنبع أهمية قصر الحصن كمعلم تاريخي تراثي ثقافي، كونه يمثل أبوظبي ويمثل الإمارات، ويمثل المنطقة العربية، لأن كل الثقافات تترابط مع بعضها بعضاً..وبينت أن قصر الحصن يربط الماضي بالحاضر، من خلال المجمع الثقافي وفعالياته وقيمته وأدواره.
الشامسي التي يندرج تحت مسؤولياتها الإشراف على العمليات الإدارية والتشغيلية في «قصر الحصن»، و«المجلس الاستشاري الوطني»، و«بيت الحرفيين»، أشارت إلى استعداد قصر الحصن لاستقبال الزوار المتشوقين، للتعرف عن قرب إليه، بعد الانتهاء من عملية ترميمه. كما كشفت عن العديد من التفاصيل التي تسكن خلف جدران هذا القصر المتشبع بعبق التاريخ، من خلال الحوار التالي..
فخر واعتزاز
كنت في السنوات الماضية تشرحين عن قصر الحصن، خلال الجولات التي يتم تنظيمها للإعلاميين، بهدف التعرف إلى مراحل الترميم، وإلى بعض أقسام القصر، فهل كنت تتوقعين شغل منصب مديره في يوم من الأيام؟
أفتخر أني عينت مديرة لـ «قصر الحصن»، وإنه لشرف كبير لي، أن أتكلم عن هذا المعلم الوطني وعن تاريخ أبوظبي والإمارات وأنا في موقع مسؤوليتي الوظيفية الآن، كما أفخر بمنحي الثقة أن أدير واحداً من أهم المشاريع في الدولة، خاصة أنه صرح وطني، وسأكون إن شاء الله على قدر هذه المسؤولية، وأقدم أكثر من الذي أقدر عليه أيضاً.
هل سيكون هناك شيء مختلف عندما تشغل امرأة إدارة «قصر الحصن»؟
قدّرت الإمارات المرأة منذ البدايات فأتاحت لها المجال لأن تثبت نفسها وتبرهن أهليتها، وذلك حتى قبل قيام الاتحاد، فالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كان الداعم الأول للمرأة، سواءً أكان في التعليم أو في تربية العائلة أو في مجال الصحة، وكان الشيخ زايد يبتعث نساء إماراتيات إلى خارج الدولة للدراسة، سواءً كن طبيبات أو مهندسات، وفي غير ذلك من التخصصات.
يعود الفضل في هذا الدعم أولاً للشيخ زايد، طيب الله ثراه، ولسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، التي تعد القدوة الملهمة لأي فتاة إماراتية، ونحن نثق بحرص ورؤى قيادتنا في المجال، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإخوانهم جميعاً، والذين دعموا المرأة وعززوا فكرة ألا يوجد فرق في دولتنا بين المرأة والرجل في كافة المجالات.
منطقة الحصن
منذ سنوات والعمل قائم على ترميم «قصر الحصن»، فما شعوركم وأنتم تحضرون للافتتاح أمام الزوار؟
كما تعلمين، فإن دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، تعمل على مشروع «قصر الحصن»، من ترميم وحفظ للمبنى منذ سنوات، وأنا محظوظة بأنني من ضمن الفريق الذي يشتغل على «قصر الحصن»، ونعمل على تجهيزه للجمهور، سواءً أكانوا من داخل الإمارات، أم من خارجها.
الناس تتطلع إلى افتتاح «قصر الحصن»، فما التغيير الذي سيحدثه، خاصة أنه مرتبط بمنطقة ثقافية وتراثية متكاملة؟
نحن نسميها منطقة الحصن الثقافية، لوجود 3 مبانٍ مهمة، وهي «قصر الحصن» المبنى التاريخي والصرح الوطني، والمجمع الثقافي، وبيت الحرفيين، وهو الإضافة الجديدة والمشروع النوعي الذي سنقدمه للجمهور في الافتتاح.
هل يختص بيت الحرفيين فقط بالحرفيين الموجودين في أبوظبي؟
هو مختص بالحرف التابعة للساحل، باعتباره واقعاً بالقرب من الساحل في أبوظبي، فهناك حرف بحرية، كما يوجد حرف أخرى من المنطقة الغربية، أو من الذين كانوا يعيشون في الواحات، أو في الصحراء، ولدينا استراتيجية للتعاون، ليس فقط مع الإمارات، بل مع الدول الأخرى المهتمة بالحرف الصناعية، والتي سَتعرض منتجاتها الحرفية للبيع.
في أروقة الحصن
هناك متحف في قصر الحصن، فما مصادر مقتنيات المتحف؟
هناك قطع تم استعارتها من متحف العين، وهناك قطع من مقتنيات دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، وهناك قطع تراثية قديمة ثقافية، وقطع أثرية حصلنا عليها في موقع «قصر الحصن» نفسه، ما يرمز للتاريخ العريق في أبوظبي.
هناك مقتنيات أخرى، منها ما هو خاص بأفراد من عائلة آل نهيان، مثل مقتنيات الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وأخرى تعود للمغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ولدينا مقتنيات من عصر الشيخ زايد الأول..وغير ذلك الكثير.
ما عمر أقدم قطعة يحتويها المتحف؟
أقدم قطعة عمرها 3000 عام.
في الجولات الإعلامية التي قمتم بتنظيمها في السنوات الماضية، كان هناك عدد من «الفيديوهات» لعدد من الرواة الذين مروا على قصر الحصن، فهل هي من العناصر التي سيحتويها المتحف؟
بالتأكيد، لأنهم كنز من المعلومات، ولا غنى لنا عنهم. وهناك شهادات كتبت على شكل قصص وبحوث تثري محتوى المتحف.
عقبات وحلول
أذكر أن هناك بعض العقبات التي واجهتكم خلال العمل على الترميم، مثل إيجاد الحجارة المرجانية التي بني منها «قصر الحصن»، فكيف تم التعامل مع هذه العقبات؟
كما هو معروف، بني القصر من الأحجار المرجانية، وكانت هذه الأحجار هي المتوافرة أثناء بنائه، باعتبار أن القصر بجانب الساحل.
وقد واجه فريق الترميم والحفاظ على المباني التاريخية في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، بعض الصعوبات، بأن يجدوا ذات الأحجار التي بني منها القصر، ووجدوا بالفعل منها، كما صنعوا الكثير من الأشياء، وأوجدوا نفس الخلطات التي استخدموها في القصر في بعض الفترات، وبالتالي، حافظوا على القصر بالضبط مثلما كان.
هذا بالفعل ما يريد أن يعرفه الناس، هل عاد القصر مثلما كان؟
نعم، عاد القصر الخارجي مثلما كان بالضبط في فترة الأربعينيات من القرن الماضي، والجهد مبذول من فريق العمل، الذي نفتخر فيه.
كيف سيتم تقديم مبنى المجلس الاستشاري الوطني الموجود في منطقة الحصن؟
المجلس الاستشاري الوطني، سيبقى مبنى تاريخياً كما هو، وحين الدخول إليه، يمكن رؤية «فيديوهات» للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان، وأول خطاب له، وأول جلسة عقدت في المجلس الاستشاري الوطني، وهناك مقتنيات أصلية كانت موجودة في المجلس، وهناك صور تاريخية لعدد من الجلسات التي عقدت فيه، وتسجيلات شفهية لبعض الأعضاء.
كان محمد المبارك رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، قد قال «إن قصر الحصن ومتحف الشيخ زايد الوطني سردية وطنية»، فكيف تترجمين هذه العبارة؟
نحن نتكلم عن سردية وطنية واحدة، نتكلم عن قصة أبوظبي، وكل شيء يتمم ويكمل الآخر، ليس متحف الشيخ وطنياً فقط، بل متحف العين أيضاً والجاهلي والمويجعي، وهذه المناطق تتكلم عن قصة وطنية واحدة، ولكن كل موقع مختص بشيء معين، وكل موقع له قصة معينة، وكلهم في النهاية يكملون بعضهم بعضاً.
مرشدون سياحيون
هل سيوجد مرشدون سياحيون يشرحون للزوار عن قصر الحصن وتاريخه ومقتنياته؟
لدينا فريق كامل من المرشدين السياحيين الإماراتيين، يقومون بجولات متخصصة، وهم موظفون تابعون لإدارة «قصر الحصن»، وتوجد أيضاً بطاقات بجانب القطع للتعريف بها، مثل أي متحف آخر، وهناك تطبيقات يمكن تحميلها على الهواتف الذكية، تزيد من معرفة المعلومات التي يريد الزوار التعرف إليها بشكل موسع، في كل قاعة من القاعات التي يتجولون فيها أيضاً.
كما ان المرشدين السياحيين لدينا خريجون من مختلف الاختصاصات، يوجد منهم متخصصون في الدراسات الإماراتية، وهناك متخصصون في السياحة الثقافية، وهناك متخصصون في دراسات المتاحف.
هل ستكون هناك مبيعات لقطع فنية تشبه المعروض في المتحف، كما جرت العادة في المتاحف العالمية؟
بالتأكيد، هذا عنصر مهم لأي زائر لمتحف أو لأي مكان، إذ تبقى بمثابة الذكرى لديه من المكان الذي زاره، وهناك أشياء تجسد محتوى قصر الحصن. وستتوافر مبدئياً كتيبات للزوار باللغتين العربية والإنجليزية، وهناك خطة لتوفير كتيبات بعدد من اللغات الأخرى.
هل هناك فكرة لوجود قاعة لاستضافة مقتنيات من متاحف أخرى من داخل الدولة أو من خارجها، بما فيها الفن المعاصر؟
باعتبار أن «قصر الحصن» متخصص بالتاريخ والثقافة الإماراتية والتراث الثقافي، لن تكون هناك قاعة متخصصة لاستضافة مقتنيات أخرى، خاصة من الفن المعاصر، لكن المجمع الثقافي الذي يقع بجوار القصر، سيوفر مساحة لأي معارض للفن الحديث والمعاصر.
من خلال المجمع الثقافي، يمكن أن نقول إننا نربط الماضي بالحاضر؟
بالتأكيد، لأن رؤية المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كانت ربط الماضي بالحاضر، عندما وجّه ببناء المجمع الثقافي بجوار أقدم مبنى في أبوظبي. وهو ما يجمع الماضي بالحاضر، ويروج لأهمية ربطهما ببعضهما.
هل سيستضيف قصر الحصن فعاليات معنية، أم سيتم الاكتفاء بما سيقدم خارج محيطه؟
قصر القصر يعتبر متحفاً، وهو تجربة كاملة للزائر، من خلال القصر الداخلي والقصر الخارجي، لكن المساحة بين القصر الداخلي والخارجي، قد تنظم فعاليات تخص القصر، مثل مجلس آداب القهوة..وخارج قصر الحصن، سينظم الموقع كاملاً فعاليات كثيرة من وحي التراث الإماراتي، بجانب فعاليات المجمع الثقافي، وفي أسبوع الافتتاح، ستقام فعاليات مكثفة.
لاحظت من خلال المشروع ككل، أن هناك اهتماماً كبيراً بالأطفال، فما طبيعة رؤيتكم لهذا الموضوع؟
أهم شرائح المجتمع لدينا، الأطفال ونعتني جداً بركائز توعيتهم وتعليمهم، فهناك ورش عمل للأطفال، كما خصصنا إحدى الغرف الخارجية لقصر الحصن، لتعليم الأطفال عن مبنى قصر الحصن، وكيف بني بطريق جذابة للأطفال.
سيرة
تشغل سلامة الشامسي منصب مدير «قصر الحصن»، وتقلّدت قبل ذلك منصب مدير مشروع «متحف زايد الوطني»، تحمل الشامسي عضوية العديد من المجالس الأكاديمية المرموقة، من بينها عضويتها في مجلس المحررين لـ «دورية المتاحف».
وتحمل الشامسي درجة الماجستير في الثقافة وإدارة المشاريع الإبداعية من كلية التقنية العليا في أبوظبي، حصلت من قبل على بكالوريوس التصميم الداخلي من جامعة زايد، وهي إحدى خريجات معهد «غيتي» للقيادة. وشاركت بالعديد من المؤتمرات والندوات المحلية والدولية، التي تتناول دور وتأثير المتاحف في الهوية الوطنية، وأهمية الاستثمار في القطاع الثقافي.
سيرة مهنية ناجحة تكللت بتبوؤ إدارة «القصر»
أعلنت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، عن تعيين سلامة ناصر الشامسي مديراً لـ«قصر الحصن»، الذي شهد أخيراً سلسلة من أعمال الترميم والتجديد باعتباره أحد أبرز المعالم التاريخية وأكثرها أهمية في إمارة أبوظبي، والذي يفتتح للجمهور في 7 ديسمبر.
ويأتي تعيين سلامة ناصر الشامسي في منصب مدير «قصر الحصن»، عقب مسيرة مهنية ناجحة بدأت منذ انضمامها لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي عام 2009. وقد لعبت الشامسي دوراً بارزاً في شتى جوانب مرحلة التحضير لافتتاح «قصر الحصن» وكافة عناصر تطوير المشروع.
وشغلت الشامسي منصب مدير أول لمشروع متحف زايد الوطني، حيث كان لها دور رئيس ضمن فريق العمل المكلف بإنجاز الدراسات والبحوث والسرد المتحفي، ووضع استراتيجية مجموعة المقتنيات الفنية وخطط إعداد البرامج العامة للمتحف.
وبهذه المناسبة، صرّح محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: «نحن سعداء بتعيين سلامة ناصر الشامسي مديراً لـ«قصر الحصن»، ثقة منا بإمكاناتها وخبراتها القيّمة وهي التي أثبتت جدارتها كعضو بارز ضمن فريق عمل دائرة الثقافة والسياحة. وقد أكدت الشامسي حضورها بقوّة منذ انضمامها إلى مشروع تطوير «قصر الحصن»، إذ لعبت دوراً بارزاً في إنجاز أهداف المشروع وترجمة رؤيتنا لهذا المعلم التاريخي».
وأضاف: «قصر الحصن هو الشاهد على ماضينا العريق، ويتواصل دوره في قيادة دولتنا نحو المستقبل انطلاقاً من قيم أجدادنا وتقاليدنا الأصيلة».