لم يتوقع الكثيرون من المتابعين أن تستمر زاوية «فوتوغرافيا» التي تقدّمها لكم جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي، لمدة 150 أسبوعاً أي ما يقارب ثلاثة أعوامٍ متتالية، وهذا دون أدنى شكٍ إنجازٌ كبير وله أسبابه وأسراره أيضاً.
من أهم الأسباب التي ساعدت على استمرارية هذه الزاوية هي التفاعل الصحي مع الأفكار والمواضيع والأطروحات التي نقدّمها في شتّى المجالات الفنية والثقافية والفكرية، التفاعل الصحي أعني به هنا التفاعل المؤيد للأفكار المنشورة والمعارض لها أيضاً! فأنا لا أكتبُ بنية فرض الرأي أو تأطير الأفكار أو التنظير الفني والثقافي أو حتى التفريق بين الصواب والخطأ، بل الهدف الرئيسي هو تعزيز حالة النقاش.
في الفنون بشكلٍ خاص يجب أن تكون واسع الاطلاع متقبّلاً لكل الاختلافات متذوّقاً لما تحب ولما تكره أيضاً، فهذا يثري من قريحتك ويجعل أفقك أوسع وتجربتك أقوى وأعمق، لقد عرضتُ على مدار 150 أسبوعاً الكثير من أفكاري وتجاربي لكني بالمقابل عرضتُ أيضاً العديد من الأفكار والاقتراحات التي أختلف معها بل والانتقادات التي وصلتني، أنا أؤمن تماماً بضرورة عرض الرأي الآخر لأني أعتبره مكمّلاً للصورة وموضّحاً لها، ولأني شخصياً أستفيد من نقاشي للأفكار والرؤى التي لا تروقني أكثر بكثير من غوصي في البحار المألوفة وحواري مع العقول والأقلام التي توافقني الرأي.
اليوم أحتفل معكم ليس بالرقم الذي حققناه فحسب، بل بالأثر الكبير والعلامة الفارقة لأصداء هذا المنبر والقضايا التي أثارها ومدى الفارق الواضح الذي بدا جلياً لكل المتابعين على المستوى الفردي والجماعي، وعلى مستوى النشاط الفكري والمخزون المعرفي والممارسة العملية للفنون وبخاصة فن التصوير الضوئي، فنسبة المنضمّين لهذا العالم في تزايد كما هي نسبة المبدعين والمتألقين أيضاً، عدا عن تصاعد عدد المدربين المؤثرين وإن كان لم يصل بعد للمطلوب كمّاً وكيفاً، إلا أن الأجواء العامة تبشّر بالخير.
ولا أنسى من زاويةٍ أخرى أن أشيد بحجم الالتفاف حول الجائزة وتقدير مجهوداتها وعلاقة الشراكة معها التي ينتهجها المصورون ونسعد بها لأنها تقودنا نحو صناعة مستقبلٍ أجمل يلعب فيه الفن دوره الريادي في بناء الحضارة وتعزيز القيم والمبادئ ونشر ثقافة الجمال.
لكل من ساهم ولو بكلمة في التفاعل مع ما نقدّمه، بطاقة شكرٍ ننسجها لكم بكل محبةٍ وتقدير ونهيب بكم أن تستمروا في منظومة العطاء المشترك فنجاحنا أنتم من أهم أسبابه.
فلاش
كلما فهمنا الطريق أكثر كلما عرفنا أنه ما زال طويلاً