تواصل دبي تميزها القائم على الإبداع والابتكار، هذان العنصران اللذان يمكن توصيفهما في طليعة المكونات الرئيسة التي تعتمد عليها منهجيات التفكير واتخاذ القرار على المستويات كافة، وأولت الإمارة اهتماماً واضحاً بالاحتفاء بالأفراد والجهات ذات الأفكار المبتكرة القادرة على تقديم مضمون متميز ومغاير للطرائق التقليدية، وهو ما أدى إلى غرس روح الإبداع في نفوس قوتها العاملة بشتى فئاتها بدءاً من الإدارات العليا حتى رجل الشارع العادي.
رائدة الإبداع
وعن دور دبي في تعزيز الإبداع الحضاري الذي يعلي من القيم الإنسانية النبيلة، قالت منى غانم المري، المدير العام للمكتب الإعلامي لحكومة دبي: «في ظل حالة الركود الإبداعي التي سيطرت على مختلف المجالات الفنية نتيجةً للتحديات الكبيرة التي فرضتها الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة، تبقى دبي، بما تبذله من جهود متواصلة تعلي من المكون الحضاري بوصفه عنصراً أصيلاً لمختلف عمليات التنمية جنباً إلى جنب مع باقي المكونات الاقتصادية والاجتماعية، وجهةً رائدة للإبداع والابتكار، ونموذجاً مشرفاً للعمل الهادف إلى إثراء المشهد الثقافي العربي وإظهار الوجه المشرق للحضارة العربية، بما تحمله من كنوز شعرية وأدبية وفنية».
لغة الإبداع
وأضافت: «يأتي التميز هذه المرة في مضمار لا يتعلق بلغة الأرقام، ولكنه يجيء بلغة الإبداع الإنساني الذي يخاطب العقل والوجدان، والذي يتمثل في مسرحية «الفارس» التي يُرفع عنها الستار خلال أيام، وهي عمل ملحمي غنائي من طراز فريد يعيد إلى الأذهان العصر الذهبي للإبداع العربي، بما اجتمع له من مقومات التميز، حيث تم استلهام قصته من أشعار قائد عربي يُجله العالم ويحترمه، وهو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ويقدمه للجمهور بيت فني له تاريخ عريق في مجال المسرح الغنائي، وهو «الرحباني للإنتاج».
الفارس
وفي ظل سعي دبي الدائم إلى تقديم أعمال مميزة، حرص «براند دبي»، الذراع الإبداعية للمكتب الإعلامي لحكومة دبي والجهة المنتجة لمسرحية «الفارس»، بالتعاون مع «الرحباني للإنتاج» على توفير جميع عوامل النجاح والتميز التي تضع المسرحية علامةً مضيئة على خريطة الأعمال المسرحية العربية، بما تقدمه من مضمون راقٍ يثري المشهد الإبداعي الإماراتي والعربي.
العرض الملحمي الذي يتناول العديد من القيم الإنسانية النبيلة التي نحتاج إليها في الوقت الحالي، يقدم مقاربة إبداعية عالية المستوى، اعتماداً على مجموعة كبيرة من العناصر الفنية، في مقدمتها الشعر الذي يعد النسيج الأساسي للبناء الدرامي، مع خلفية موسيقية تضفي مزيداً من البريق على الأجواء الملحمية التي تدور في سياقها الأحداث، إلا أن الجديد هو الاستعانة بالأوركسترا السيمفوني الأوكراني واللبناني لتقديم الشعر العربي ضمن قالب أوركسترالي، إضافةً إلى تقنيات أخرى استخدمها المبدع مروان الرحباني، مخرج العمل، من خلال التوظيف المميز للديكورات والملابس والخلفيات السينمائية.
المتنبي
وبتتبع رحلة دبي مع الإبداع الثقافي والفني، يجد المتابع أنها بدأت منذ وقت طويل، حيث عززت الإمارة موقعها كوجهة للفكر المتطور الذي يستشرف رؤيته للمستقبل، اعتماداً على فهم مخرجات الواقع واستلهام الماضي، ليخلق صياغة فريدة ترنو بناظرها إلى الأفق البعيد، وتهدف إلى تحقيق نتائج ملموسة، تسهم بحق في بناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة.
في عام 2001، قدمت دبي، بالتعاون مع الرحباني، مسرحية «المتنبي» التي تقص سيرة الشاعر العربي الكبير أبي الطيب المتنبي على مسرح مدينة دبي للإعلام، وجاء العمل إبداعياً بدرجة كبيرة، حيث أذهل الجمهور بضخامته وتكامل عناصره الفنية التي شملت السيناريو والديكور والموسيقى والأزياء والاستعراضات الغنائية، وتوج ذلك بأداء راقٍ لنجوم العمل.
عمل متكامل
وبدأ عرض العمل المسرحي الكبير على مسرح ضخم شُيّدَ في مدينة دبي للإعلام، بكل ما تحمله عمارة العصر العباسي من جمال وروعة هندسية. ونجحت المسرحية، التي سلطت الضوء على مراحل عديدة من حياة المتنبي، في تقديم عمل فني متكامل جمع بين التاريخ والأدب والفن والأغنية والاستعراض والموسيقى الرائعة، من خلال استخدام متمكن للكلمة والأداء والمشهدية، بمشاركة فريق عمل ضخم مؤلف من 500 شخص بين ممثل وموسيقي وفني من الإمارات ولبنان وسوريا.
زنوبيا
في عام 2007، وعلى الرغم من حالة النمو الاقتصادي التي شملت مختلف القطاعات الاقتصادية في الإمارة حينها، أثبتت دبي أن نهضتها لا تركز على قطاعات المال والأعمال فقط، بل تتسع لتشمل الجوانب الإبداعية والحضارية، وقامت الإمارة بالتعاون مع الرحباني بإنتاج مسرحية «زنوبيا»، ملكة تدمر التي أعلنت التمرد على الإمبراطورية الرومانية ونجحت في هزيمة الجيش الروماني الذي أُرسل لتأديبها، ما سطر اسمها واحدةً من أقوى الملكات على مر التاريخ.
المسرح مدينة
عُرضت المسرحية للمرة الأولى في دبي، وشارك فيها نحو 150 ممثلاً وفناناً، ومجموعة كبيرة من الخيول والجمال، ولاقت وقت عرضها صدىً طيباً من الجمهور والنقاد على السواء، حيث إنها قدمت رؤية فنية مميزة، وتم عرضها هي الأخرى على مسرح بُني خصوصاً لها، وكان الأكبر من نوعه على مستوى العالم، من حيث المساحة ومن حيث الحجم، إذ وصلت فتحة المسرح إلى 100 متر، فيما بلغ عمق المسرح مع الخلفية نحو 400 متر، وكان المسرح كمدينة تحرق في كل مساء ويعاد بناؤها في اليوم الثاني استعداداً لعرض آخر، واستمر العرض ست ليالٍ، وشهد حضور نحو 24 ألف شخص شعروا كأنهم يشاهدون فيلماً سينمائياً على خشبة المسرح مع أناس حقيقيين ومعارك وخيول في ساحات المعارك الحقيقية.
آرت دبي
كما يستضيف «آرت دبي»، الذي يعد أكبر معرض فني في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، مجموعة منوعة من أفضل الأعمال الفنية المعاصرة والحديثة لفنانين من الإمارات ودول العالم كافة، كما يضم المعرض أجندة واسعة من الفعاليات تشمل برنامجاً سينمائياً وإذاعياً، وبرامج فنية للقيّمين والفنانين، إضافة إلى مبادرات تعليمية عدة للأطفال، وأخرى تدريبية للمحترفين.
الأدب
وفي مجال الآداب، يشهد مهرجان طيران الإمارات للآداب، الذي عُقدَ للمرة الأولى في عام 2009، نشاطاً ثقافياً متنوعاً، شمل جلسات الحوار والنقاشات والقراءات وورش العمل، وذلك بمشاركة نخبة من ألمع الكتّاب والأدباء، إضافة إلى عدد كبير من المواهب التي بدأت تشق طريقها في عالم الأدب من الإمارات وشتى دول العالم.
فعاليات متنوعة
تتنوع الفعاليات الثقافية في دبي، كي تكون جسراً لتبادل المعرفة ونشر الأفكار الإبداعية طوال العام ،وأبرز مثال على ذلك مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي نجح منذ انطلاقته في عام 2004 في تكريس مكانة دبي بوصفها مدينة تحتفي بالإبداع بكل قوالبه، وتحول المهرجان سريعاً إلى منصة مهمة لصنّاع السينما العربية لعرض إبداعاتهم أمام الجماهير العالمية.وفتح آفاق جديدة امام العاملين في الحقل السينمائي لابراز اعمالهم الهامة والجديدة في دبي .