في حوار موسيقي آسر، له خصوصية ومذاق فني مختلف، تحلق فيه المبدعة إيمان الهاشمي في فضاءات الألحان كأول ملحنة موسيقى بحتة إماراتية، في رصيدها مقطوعات صنعتها كما يصنع الذهب المشغول بأنامل محترفة على آلة البيانو، حيث تدمج أنغام الآلات المختلفة بعفوية مطلقة، سرعان ما تخطف بها انتباه الحاضرين، وتخاطب قلوبهم وعقولهم معاً، عبر مؤلفات لا تخلو من حوارات الأفكار والنغم الحالم. فإيمان فنانة حرة، لم تدرس النوتة الموسيقية، ولكنها تعشق الألحان الفريدة وتعرفها وتعزف بروحها ومشاعرها قبل أصابعها، وقد استطاعت بمهارة المبدعين تكوين قاعدة واسعة من الشغوفين بأعمالها والمتابعين لتجربتها التي أهلتها لأن تعزف لها الأوركسترا الوطنية الإماراتية أعمالها المميزة. وتقول هي عن نتاجاتها: ألحاني غير معقدة، وهذا هو سر جمالها، وفي حوار خاص مع «البيان» تحدثنا الهاشمي عن مشوارها الممتع في عالم الموسيقي.



عزف منفرد



* لا بد أن خلف ظهورك كعازفة أمام الجمهور قصة؟



- أول ظهور لي في عام 2001، عندما ذهبت إلى المجمع الثقافي وأبديت رغبتي في المشاركة بالحفل الذي كان يقيمه المجمع، وذلك بمناسبة عودة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من رحلة علاج، فطلبوا مني أن أعزف وأعجبوا بأدائي، وإحساسي العميق بالنغمات، فقد كنت أريد أن أعبر عن فرحتي بعودته سالماً بلحن بسيط من أوتار قلبي، وللمرة الأولى عزفت مقطوعة موسيقية عنوانها «بابا زايد» أمام الجمهور.



* تمزجين الموسيقى الشرقية والغربية، وتبرعين في تحقيق انصهار بين أنواع مختلفة من الموسيقى.. حدثينا عن تجربتك ورحلتك الموسيقية؟



- مزجت بين الموسيقى العربية والغربية في مقطوعة «صوت الصمت» وقد احتوت على أصوات البيانو والناي والتشيللو وتم تعديله للأوركسترا، وقد لاقت نجاحاً كبيراً ومتابعة على «يوتيوب» وأخيراً قدمت الجزء الثاني تحت اسم «صمت الصوت». أما مقطوعة «قصة حبي» فمزجت فيها الألحان المعروفة مع لحن من تأليفي، وآلات لم أستخدمها من قبل، وقمت بعزفه في إيطاليا في معرض إكسبو 2015 وكنت أول إماراتية تعزف ألحانها خارج الدولة، وفي مقطوعة «رحل مع الهاجس» فهو لحن قريب من قلبي مزجت فيه آلة البيانو مع العود والساكسفون في مقطوعة واحدة، كما مزجت آلة البيانو مع الجيتار في مقطوعة «لست وحيداً» وعزفت مقطوعة «النجاح» بتشجيع من الموسيقار نصير شمه عازف العود والملحن العراقي، وشاركته في عزفها في بيت العود عام 2011، وهنالك أيضا مقطوعة «الشهيد» التي نالت إقبالاً كبيراً، وهو إهداء لجميع شهدائنا الأبرار، واستخدمت فيها الآلات الموسيقية العسكرية فقط واستبعدت آلة البيانو، أما مقطوعة «فقط من أجلك» فقد قمت بتعديل لحنها من عزف منفرد على البيانو إلى أوركسترا كاملة.



النوتة الموسيقية

* كيف تعلمت قراءة النوتة الموسيقية؟ وماذا عن تأليف المقطوعات الموسيقية كيف تمكنت من ذلك؟



- لست محترفة في قراءة النوتة الموسيقية، ولكن أعرف أساسياتها، فهنالك العديد من الموسيقيين البارعين الذين لم يقرؤوا النوتة مثل: ياني وبول مكارتني، ولكني أؤمن بوجوب صقل المواهب، فقد ساعدني ولعي بالقراءة، وتعلمت وقرأت كتب كثيرة في مجال الموسيقي. أما عن التأليف فأنا أقوم بتلحين خط البيانو أولاً ثم أسمع داخلياً بوجود خط آلة أخرى، فأقوم بإضافة الآلة المناسبة ثم أضيف الآلة الثالثة والرابعة، وهكذا.. إلى أن تكتمل المقطوعة الموسيقية بشكل كامل.



* إلى أي مدى كان لعائلتك تأثير في حياتك الفنية، وكيف تقبلوا ميولك الموسيقية؟



- أنا شغوفة بالموسيقى منذ الطفولة، وقد تلقيت الدعم الأكبر من عائلتي، فهم لم يدخروا جهداً في تشجيعي، كما أنهم فخورون بما أحققه في جميع المجالات.



حروف ونغمات



* حدثينا عن مواهبك المتعددة في الكتابة الأدبية، رسم اللوحات الفنية؟



- أرسم إذا شعرت برغبة في احتضان الريشة والألوان وتقبيل جبهة لوحتي البيضاء من حين لآخر، أما الكتابة فهي جوهري الأساسي، وقد أصدرت كتاب «الضحبكاء» و«جواز» و«تفاحة إيمانيوتن» وقد سعيت إلى إظهار مدى الجمال الموسيقي في اللغة العربية، فتشعر وكأنك تقرأ الموسيقى بالكلمات ومن دون نوتة، فهو اتجاه جديد في أساليب الكتابة يميل إلى الديناميكية التي تعتمد على التلاعب بالحروف والكلمات، وذلك لمناقشة بعض القضايا الاجتماعية والإنسانية بطريقة ساخرة لم يعهدها القارئ من قبل.



موهبة واحتراف



تقول إيمان الهاشمي: هنالك العديد من الإماراتيات اللواتي يملكن موهبة العزف الموسيقي ويطمحن إلى احترافه، وأتمنى أن يتنوع الإقبال على جميع الآلات، لكي نتمكن من استكمال عناصر الأوركسترا في الإمارات، كما عليهن الاهتمام بصقل هذه الموهبة بالقراءة والدراسة بجد والتدريب المتواصل، وبالإرادة سيصلن إلى ما يردنه.