فتح بيت النابودة الأثري بقلب الشارقة، أبوابه لزواره بعد عمليات ترميم شاملة استغرقت سنوات عدة، بإشراف فريق من المؤرخين والحرفيين والخبراء المتخصصين بتقنيات البناء الأثري، وهو يعد أحد أكبر البيوت في الشارقة، ونموذجاً للهندسة المعمارية المتميزة، ويجسد التصميم البيوت التقليدية الأصيلة التي استعادت ألقها السابق بعد عمل مكثف على يد فريق من الحرفيين والمؤرخين.
تاجر لؤلؤ
وعن بيت النابودة الأثري التقت «البيان» عائشة الحوسني، أمين متحف بيت النابودة، التي قالت: تفضل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، بإعادة افتتاح بيت النابودة في 8-4-2018، تزامناً مع أيام الشارقة التراثية، ويتكون المتحف من 3 محاور رئيسة،هي تجارة اللؤلؤ، والعناصر المعمارية والزخارف.
إضافة إلى البيت الإماراتي التقليدي، وتعود ملكية هذا البيت الأثري، الذي تم تشييده عام 1845، إلى صاحبه عبيد بن عيسى بن علي الشامسي، الملقب بالنابودة، وهو تاجر لؤلؤ في الخليج العربي، استطاع أن يوسع شبكة علاقاته التجارية لتشمل مناطق الخليج العربي، والهند، وصولاً إلى أوروبا.
وتابعت: الهدف من إقامة المتحف هو إبراز أثر تجارة عبيد النابودة، في اللؤلؤ على الطابع المعماري للبيت، الذي يقع في حي السوق بقلب الشارقة القديمة، كما يجاور البيت مجموعة من بيوت التجار الأثرياء والأعيان، ومنهم إبراهيم محمد المدفع، وحميد بن علي بن كامل، وعيسى بن عبد اللطيف السركال، كما عاشت عائلة القواسم الحاكمة في المنطقة نفسها.
ويتميز بيت النابودة بتصميمه وجماله وحجمه. وقد جمع المبنى بين عناصر تصميم وموروثات ثقافية محلية، وخصائص معمارية خارجية قدمت من الهند وبلاد فارس. وبسؤالها عن كيفية الاستدلال على أماكن ترتيب الغرف وملحقاتها عند إعادة الترميم، قالت:
لدينا قسم خاص في هيئة الشارقة للمتاحف، معنيّ بالبحوث، قام أعضاؤه بالتواصل مع أحفاد النابودة، والأشخاص الذين زاروا البيت، وكبار السن، وقد استغرق العمل أكثر من 4 سنوات، لتجديد محتوى البيت، والوصول إلى ما هو عليه حالياً.
ويتميز بيت النابودة الأثري بتصميم معماري متقن مكون من طابقين، يضم الطابق الأرضي مجلساً وغرفاً، ومرافق المنزل، وفناءً واسعاً، بالإضافة إلى بئر ماء، أما الطابق الأول فيضم غرف النوم الصيفية. وكان البيت يشكل تحفة معمارية بارزة خلال تلك الحقبة التاريخية.
فقد كان من أوسع البيوت وأكبرها مساحة في المنطقة، فضلاً عن موقعه المميز في قلب الشارقة، على مقربة من حصن الشارقة، والميناء، والأسواق الرئيسة.
نوافذ
تلفت روعة التفاصيل الداخلية للأبواب والنوافذ الخشبية والأعمدة ذات التصميم الروماني الموزعة في فناء البيت انتباه القادمين إلى زيارة متحف بيت النابودة، وذلك بعدما خضع لعملية ترميم شاملة للمحافظة على سلامة جدرانه الجصية، وأسقفه الأثرية المدعمة بالعوارض الخشبية، وأعمدته المصنوعة من خشب الساج، حيث نفذ الأعمال فريق من مؤرخي وخبراء معهد الشارقة للتراث.
جُهز المنزل بنظام تبريد مبتكر، مكون من ملاقف هواء تمتد على طول الجدران الداخلية، وتعمل على تدفق الهواء وتدويره بشكل طبيعي للتخفيف من درجات الحرارة العالية.
معرض
تحول المنزل إلى معرض مصغر، يتضمن مقتنيات عائلة النابودة، التي شملت عملات معدنية من منطقة الهند والخليج العربي، إضافة إلى مجموعة من الأجهزة والمعدات الأساسية لقياس وزن وحجم اللآلئ التي تم جلبها إلى الشارقة، وزُود بيت النابودة بمجموعة من شاشات العرض التفاعلية في جميع أرجائه، لإعطاء الزوار فكرة قيّمة عن أهمية تجارة اللؤلؤ في الشارقة، ومنطقة الخليج بأكملها.