طالما حافظت الحرف اليدوية التقليدية على مكانتها نمطاً من أنماط التراث الثقافي غير المادي في المجتمعات العربية على نطاق واسع عبر العصور، ومع التطورات التي شهدتها صناعة الموضة ذات الصلة بالفنون اليدوية المعاصرة طبعت تصاميم الأثاث والإكسسوارات بعبق أصالتها الشرقية وطابعها الإسلامي.

الثنائي ميرنا حمادة، وإيلي أبو جمرة، بخبرتهما في مجال التصميم اجتمعا على رؤية موحدة وهي خلق علامة «كشيدة» المرتكزة على ثقافة إدخال جمال الخط العربي إلى البيوت من خلال تصاميم أنيقة وعملية.

توازن

تؤكد المصممة ميرنا حمادة الشريك المؤسس لعلامة «كشيدة»، أن الخط والكتابة وجهان لعملة واحدة، وهما عصارة فكر الإنسان الذي فكر في الإبداع منذ الأزل، وسيبقى يفكر في خلود الذكر والأثر إلى الأبد، وتقول: نظراً لقيمة الخط العربي بالنسبة لنا فنحن نعمل من خلال تصاميمنا التي تطرح فكرة التوازن ما بين الآلة والإنسان، في غالبية مجموعاتنا يتم وضع اللمسات النهائية بالحرفية اليدوية، من خلال تقنيات فنية دقيقة، منذ إطلاقنا للعلامة في عام 2011 بدبي.

ثلاثي الأبعاد

وتستطرد: «كشيدة» تعني في اللغة العربية التطويل أو التفصيل هي إضافة تضاف بين حروف الكلمة الواحدة في الكتابة العربية بغرض تطويلها، وإن المحافظة على المزج بين التقنيات المعاصرة وحرفية العمل اليدوي من أكثر الأمور صعوبة من الناحية التصميمية للحرف الذي يتم إعادة تشكيله ليصبح ثلاثي الأبعاد، وهو الأمر الذي يخلق صعوبات عدة أبرزها الحفاظ على شكل ووزن الحرف في آنٍ معاً، والحفاظ على شكل واقعي في مجال التصنيع. إذاً نختار نوع الخط الذي يتماشى مع القطعة التي ننفذها ونعمل بخطوط عصرية تتماشى مع أذواق الناس. وتضيف: اللغة وجماليات الخط من أهم قنوات التواصل عبر الثقافات، والخط العربي فن من فنون أمتنا، سيبقى فناً عريقاً يتماشى مع العصر. إذاً، اللغة تتجسد عبر فن الخط، حتى من لا يجيد القراءة بالعربية يجذب إلى فن الخط وبخبرتنا يقتني مجموعة من تصاميم أشكالها فنية، لأن الفن لا حدود له وهو عابر الثقافات. فن الخط يتطور عبر الزمن وأصبح بأشكال معاصرة تتطابق مع حياتنا العصرية.

وزن الحرف

وتعتقد ميرنا أن اكتشاف تصاميم استثنائية تقوم على خامات وتقنيات متعددة شغوفة بالخط العربي، كان المحرك الأساسي لابتكار أشكال وأنماط محببة من قطع الأثاث والديكور إلى جانب الإكسسوارات مثل كرسي «البركة» ومكتبة «اقرأ». ندرس الحرف نفسه ثم نرسم تصاميم تحفظ وزن الحرف وشكله، وأخيراً ندرس الخامات والتقنيات الأنسب لتحويل رسمنا إلى حقيقة، مع الحفاظ على أعلى جودة في التنفيذ.

مشروع إبداعي

وحول أول تصميم تم ابتكاره من قبل استديو «كشيدة» وكيف كانت بداية هذه المشروع الإبداعي توضح ميرنا، قائلة: أول تصميم لدينا كان كرسي للاستجمام (lounge chair)، كان عبارة عن حرف واحد وهو حرف الميم في أول الكلمة، حيث أول الحرف شكّل وسادة للرأس أما نهاية الحرف فتحول إلى كرسي ممدود على الأرض، قطعة جميلة لكن توقفنا عن تصنيعها من فترة. الآن نطلق في كل موسم تصاميم جديدة يعتبرها الكثيرون أنها الأفضل، لذلك لن نتوقف يوماً عن تحدي أنفسنا وعناصر إبداعنا الذاتي الشغوفة بهويتنا ومورثنا الذي يغلف ما نقوم به.

حرف معاصرة

وتتابع: هناك العديد من التحديات التي تواجه الحرف والصناعات اليدوية بطابعها المعاصر، في أول مسيرتنا في «كشيدة»، انطلقنا من بيروت، حيث مجال الحرفية معروف ومزدهر، لكن سمعنا كلمة «كلا» أكثر من 100 مرة، كانوا يقولون لنا إن رسماتنا من نسج الخيال ولا يمكن تنفيذها! طبعاً لم نمل، وأخيراً وجدنا حرفياً آمن بنا وحاول تنفيذ تصميمنا، منذ تلك اللحظة انغرس بداخلنا هدف جوهري بالنسبة لنا كمصممين وهو إعادة مجد العمل الحرفي من خلال تصاميم معاصرة نطلقها للعالم، مزج التصميم الفريد بتنفيذ حرفي من أجمل الأشياء في الدنيا.

تقنيات خضراء

وفيما يتعلق بتحقيق مفهوم الاستدامة في التصاميم التي تنتجها «كشيدة» تقول ميرنا: ندعم التصاميم والأعمال التي تحمل خصائص الابتكار والتي تقوم على مفهوم الاستدامة في سبيل خلق أثر إيجابي للمجتمع من خلال التصميم الذي يبرز أهم الحِرَف القديمة والمنسوجات في المنطقة.

متطلبات السوق

تقول ميرنا حمادة: من سنوات عدة ونحن نضع الفن في المقام الأول، لكن الحقيقة هي أن «كشيدة» علامة تجارية، فلا بد من أخذ طلب السوق بعين الاعتبار. اليوم، نصمم بابتكار قطعاً يرغبها زبائننا، مثل فناجين القهوة والدلة مثلاً، لكن جزءاً من تصميمنا ظل من نسج خيالنا، فكل تصميم لديه رحلته الخاص في «كشيدة»، بداية من الرسم على الورق في معظم الوقت لا يطبق في الحقيقة من أول مرة، وصولاً إلى مرحلة التجريب أهم مرحلة في مجال تصميم القطع، هناك تُجرى التعديلات كي تصبح قطعة مثالية تضم عبر الزمن.