تعتبر البيئة البحرية أحد أهم مكونات مهرجان الشيخ زايد التراثي 2015 الذي يستمر لغاية 12 الجاري، في منطقة الوثبة في أبوظبي، لما لها من أهمية في حياة الإماراتيين، حيث فرض الخليج تقاليد معينة على سكان منطقة البحر، وتجسد هذا من خلال المهرجان عبر مشاهد كثيرة مثل مراحل صناعة السفن، والقوارب والمجاديف، وصناعة شباك الصيد والقرقور، إنها صور يقبع وراء كل منها حكاية يسردها أهل البحر كل بحسب موقعه، إلى جانب ركن يعرض للأدوات البحرية القديمة.

مراحل بناء السفن

يعتبر صالح أحمد الحمادي المسؤول عن ركن صناعة السفن أن هذا الركن من أهم الأركان بسبب وجود أفضل صانعي السفن. وقال: توارثت هذه المهنة عن الآباء والأجداد، إلى جانب مهن أخرى مثل صناعة الحبال من ألياف النخيل، وفلق المحار وتجفيف الأسماك وتمليحها.

واستعرض فهد محمد آل علي أنواع السفن، وهي كما قال: الصمعة، السنبوك، البتيل، والبقارة وغيرها إلى جانب السفن الكبيرة مثل البومة والتي تستخدم في رحلات الغوص والبحث عن اللؤلؤ في الأماكن البعيد. وأضاف: تستخدم أيضاً لأغراض التجارة، حيث كانت ترسو في موانئ بعيدة، مثل الهند وباكستان وشرق أفريقيا، ويساعدها في هذا حجمها وقدرتها على تحميل بضائع تصل إلى نحو 700 طن أحياناً.

كما أشار إلى وجود قوارب صغيرة تستخدم عادة للأماكن القريبة من الشاطئ. واستعاد محمد عبد الله الحمادي علاقته بصناعة السفن، مشيراً إلى أنها بدأت منذ كان عمره عشر سنوات. وقال: هناك أدوات أساسية في صناعة السفن، مثل «الرندة» أي «الفأرة» المستخدمة في تنعيم الخشب، و«الجدوم»، الذي يستخدم لإحداث ثقوب للمسامير في السفن. وأضاف: إلى جانب هذا يستخدم «الكلفات» وهو حبل رفيع مصنوع من القطن يتم وضعه بين ألواح الخشب في السفينة لأجل سد الفراغات ويساعد بالتالي على عدم تسرب المياه، و«الدامر»، وهو عبارة عن مادة تشبه الشمع شفافة اللون يتم تسخينها حتى تصبح سائلة، وتطلى بها السفينة لإحكام سد المسامات ومنع تسرب المياه إلى الداخل، أما «الصل» فهو أشبه بمادة زيتية تستخرج عادة من كبد الحوت أو السمك، وتستعمل في دهان السفنية من الخارج، وهو ما يساعد في إكمال عملية العزل.

وسائل الصيد

يعتبر «القرقور» من أقدم وسائل الصيد في الإمارات، عنه قال سالم محمد سالم: يصنع القرقور من الأسلاك المعدنية، على هيئة شبكة حديدية، على شكل مخروطي، يترك أحد الأماكن فراغاً ما يساعد على دخول السمك فيه. وأوضح تستغرق صناعة «القرقور» نحو يومين وهو مختلف الأحجام يعلق عادة بالحبال ويرمى به إلى أعماق البحر. وأشار سالم إلى أن الإماراتيين كانوا يصنعون القراقير من سعف النخيل وهو ما يسهم في بقائها لفترة أطول من المعدنية التي لا تتجاوز مدة استخدامها الأشهر العشرة.

أما الشباك الأخرى التي كانت تصنع في الإمارات فعرفت بـ «الليخ» عن هذا قال يوسف محمد آل بشر: تصنع هذه الشباك من خيوط النايلون أو القطن، ويوضع فيها «الكرب» وهي قطع صغيرة من النخيل تسهم في بقاء الشباك طافية على سطح الماء.

بينما ينزل «الليخ» تحت سطح البحر بشكل مستقيم. وأوضح آل بشر إلى أن صناعة «الليخ» تحتاج إلى صبر كبير لأن كبيرة ويصل طولها إلى 200 متر في بعض الأحيان. إضافة إلى الحاجة أن يكون الشبك متيناً لأجل أن يتحمل أوزان الأسماك التي يتم اصطيادها.

مركز السلوقي.. عناية واهتمام بكلاب الصيد

أصبحت تربية كلب الصيد السلوقي العربي جزءاً مهماً من تراث الصيد العربي، حيث عرف العرب استخدام هذا الحيوان في رحلات الصيد، منذ آلاف السنين نظراً لقوة صبره وذكائه الشديد ووفائه لصاحبه. ويشارك مركز السلوقي العربي الذي تم تأسيسه في عام 2001، ضمن مهرجان الشيخ زايد التراثي المقام حالياً في منطقة الوثبة بأبوظبي حتى 12 ديسمبر الجاري.

ويضم جناح «السلوقي العربي» تعريفاً بهذا النوع من الكلاب المدربة على الصيد، ويجذب الجناح زوار المهرجان خاصة من الصغار الذين يتوقفون لدقائق معدودات أمام «السلوقي»، ويتعرفوا على أفضل الأنسال من كلاب الصيد العربية الأصيلة.وقد تم إنشاء مركز السلوقي العربي ليقوم بإحياء هذا التقليد العربي الأصيل بتقديم الرعاية والخدمات المتخصصة للأعضاء وكلابهم السلوقية، ويعتبر المركز الأول من نوعه على مستوى منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.

ويقدم خدمات عدة، منها توفير أماكن للإيواء وهي عبارة عن غرف خاصة مجهزة بدرجات معينة، ومسارات فردية للجري ملحقة بها.

طلبة المدارس يطّلعون على تراث أجدادهم

زار مهرجان الشيخ زايد التراثي أمس ما يزيد عن 4000 من طلبة المدارس والجامعات، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، ومجلس أبوظبي للتعليم.

وانطلق الطلبة في ساحات المهرجان للتعرف على تراث أجدادهم ومكوناته، وأخذ جرعة معلوماتية تراثية عن البيئات المختلفة للمجتمع الإماراتي، من خلال تجولهم في جناح ذاكرة الوطن، الذي يقدم صوراً وأفلاماً تاريخية حول مسيرة الاتحاد وبناء الدولة والدور الذي لعبه المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تأسيس الاتحاد، إضافة إلى وثائق تعكس إنجازاته وأقواله الخالدة واهتمامه بالتنمية والتعليم والزراعة والمرأة والتراث.

معالم تراثية

كما تعرفوا في واحة التراث على المعالم التراثية والتاريخية التي تحفل بها مدينة العين، والتي من أبرزها (قصر العين) الذي كان يقيم فيه الشيخ زايد، حيث تم عرض صور ومقتنيات من متحف قصر العين، ثم توجهوا إلى الأحياء التراثية، التي تتنوع بين الإماراتي، والسعودي، والبحريني، والعُماني، والمصري، والمغربي، والكازاخستاني، والبوسني، والأفغاني، ومن ثم تفقدوا معرض العادات والتقاليد، التي ارتكزت على الأخلاق الإسلامية والأعراف العربية الأصيلة، ومن تلك العادات والتقاليد ما يتصل بأسلوب الأهالي في مختلف المناسبات والزيارات والضيافة، وقد استمتعوا بأجواء المهرجان التراثية التي نقلتهم إلى الماضي بأدق تفاصليه.

وقالت المعلمة مارجري بوننج، من مدرسة بني ياس الابتدائية، إن أجمل ما في المهرجان أنه يحمل اسم المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهذا يؤكد حبنا جميعاً لكل ما قدمه من أجل الوطن، وحرصه على الاهتمام بالكبير والصغير، وعمله على إسعاد الجميع. وأشارت المعلمة حنان عبد الله من مدرسة التقدم، إلى أن الطلبة هم الجيل القادم الذي سيبني هذا الوطن، وإنه من الضروري بمكان أن يتعرف هذا الجيل على تراث آبائهم وأجدادهم، كي يعملوا في المستقبل للحفاظ على هذا الموروث التراثي الجميل، وينقلوه بدورهم إلى الأجيال المقبلة.

وقال المعلم ماريس فونيس من مدرسة جولجيت الأميركية بدبي، إن زيارة طلاب مدرستنا لمهرجان الشيخ زايد التراثي يعتبر فرصة جميلة ليتعرفوا عن قرب على التراث الأصيل لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتراث الدول المشاركة، ولقد استمتع الطلبة كثيراً في هذه الزيارة من خلال اقترابهم والتقاطهم الصور التذكارية للإبل والصقور والخيول العربية الأصيلة.

ومن جانبها قالت رشا محمود عبد العزيز، اختصاصية برامج ذوي احتياجات خاصة، من مدرسة الزلاقة، إن المهرجان أكثر من رائع يقدم التعلم الذاتي والترفيه بطريقة تفاعلية جميلة لمسناها في جناح ذاكرة الوطن، وأقدم شكري الجزيل إلى اللجنة المنظمة لما وجدته من توفير خدمات وتسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة، وأعجبتني كثيراً الكوادر المواطنة الموجودة في المهرجان التي تقدم كل أشكال المساعدة والدعم للزوار، كما أشكر إدارة المهرجان واللجنة المنظمة على الضيافة والوجبات التي قدمت إلى الطلبة، وعلى الجهد المتميز الواضح في التنظيم بكافة أشكاله.

خطة لجمع تراث العالم

يهدف المهرجان إلى الوصول إلى العالمية، وهو ما أشار إليه حميد سعيد النيادي نائب رئيس اللجنة العليا لمهرجان الشيخ زايد التراثي 2015 منذ الإعلان عن إقامة المهرجان وقال: في الخطة الخمسية الثانية، وهي السنة السادسة من عمر المهرجان، نهدف إلى أن نصل إلى العالمية، لأجل جمع حضارات وتراث العالم المتنوعة في دولة الإمارات العربية المتحدة، فما جمعه المهرجان من أحياء تراثية تعود لدول في الخليج العربي أو دول عربية وأجنبية، التي تشارك في المهرجان للمرة الأولى يعكس هذا الطموح، من خلال خطة مدروسة تتطلع إلى التوسع في المستقبل.

محتوى تثقيفي وترفيهي يستهدف العائلة

يتميز مهرجان الشيخ زايد التراثي 2015 بمحتواه التراثي والتثقيفي والتعليمي، الذي يقدم بشكل ترفيهي ليجذب إليه العائلات الإماراتية والمقيمة في الدولة، وتم من أجل هذا وضع العديد من الفعاليات، إلى جانب مسابقات مواقع التواصل الاجتماعي، كما رصد الكثير من الجوائز التي قدمت من رعاة المهرجان على اختلافهم، إلى جانب إقامة العديد من المسابقات الرياضية والرماية والصيد بالصقور، والسحوبات في معرض الخيول، ومسابقة من وحي البيئة المحلية مثل مسابقة أجود أنواع التمور، وغير ذلك الكثير الذي يجذب الزائرين ويحفز المشاركين في المسابقات على المنافسة، إلى جانب توفيره الكثير من المساحات التي تجذب الأطفال، ما يجعله مهرجاناً عائلياً بامتياز.