الكرم إحدى السمات الاجتماعية في دولة الإمارات قديماً وحديثاً، وتقاليد السنع من الأسس التي عرف عنها البيت الإماراتي في استقبال الضيف والترحيب به، فحسن الضيافة والبشاشة والتواضع والتراحم يتجلى في الزيارات بصورة كبيرة، والتي لا تتنازل عن وجود المضيف الأول لكل زائر وهو «القهوة العربية»، التي تعتمد على تقاليد وطقوس تسري بين مجمل البيوت الإماراتية منذ القدم وإلى يومنا الحالي.
ويقول الشاعر والمهتم بالشأن التراثي، عبيد بن طروق النعيمي، إن الضيف له شأن كبير عند مضيفه، ويحظى باهتمام بالغ في المجتمع الإماراتي والخليجي والعربي عامةً، وجرت عادات السنع على احترام الضيف وإكرامه وصولاً لضيافته وحمايته إلى أن يغادر. ويتحدث عن أصول السنع في استقبال الضيف في الماضي ويقول: «عرفت فرجان وأحياء دولة الإمارات في الماضي بوجود ما يسمى «بريزة» من المبزر، وتسمى كذلك «حظيرة»، وهي موجوده حتى الآن في المزارع، وتكون على شكل دائري مصنوعة من أغصان الأشجار، ويستقبل فيها الضيف حيث يتم الترحيب به وتقديم الضيافة له».
سنع الضيافة
أما عن طريقة تقديم القهوة العربية للضيف، يقول بن طروق: «القهوة والماء والتمر من أساسيات الضيافة الموجودة في «البريزة» بشكل دائم، وتستخدم في توجيب أفراد الفريج الذين يجتمعون لقهوة الضحى أو بعد صلاة العصر والمغرب».
ويقول بن طروق إن القهوة في السابق كانت تُعد في «البريزة»، وكان الضيف يشارك في إعدادها في دلة كبيرة تسمى «الخمرة» وتقدم قبل «الفوالة» وبعدها. وتبقى الدلة الكبيرة بالقرب من الحطب حتى لا تبرد القهوة، وبسبب شح الحياة المادية في الماضي كان البعض يعيد تسخين ما تبقى من القهوة لليوم الثاني.
ومن أصول السنع في ضيافة القهوة أن يقدمها الصبيان أو الرجال الأصغر سناً للضيف، ويقول بن طروق: «من أصول السنع في تقديم القهوة أن تقدم للضيف باليد اليمني التي تحمل حوالي 6 فناجين، وفي اليد اليسرى تكون الدلة، وعندما يصل الصبي للضيف يقف ويخضع له عند التسليم والاستلام ما يعكس قيم الاحترام، ويدور بعدها على باقي الضيوف، وفي تلك الأثناء يكون الصبي شديد الملاحظة بحيث ينتبه إذا حرك الضيف فنجانه، ليعود له من جديد من أجل تقديم واجب الضيافة».
أسباب الزيارة
ويضيف بن طروق: «بعد تقديم القهوة للضيف، يسأل كبير القوم أو أكبرهم سناً عن أحوال الضيف، ويقول له «علومكم» ومنها يطلع عن أخباره ويكشف الغطاء عن أسباب الزيارة، فمن الممكن أن يكون مضيع طريقه، ومنها يوفر له الحماية والإكرام». ويشير بن طروق أن القهوة عند أهل البدو تعتبر من أساسيات الحياة، فيتم إعداد القهوة في ساعات الفجر الأولى، ويقول إنه من المستحيل أن يتناول التمر من دون وجود القهوة، مشيراً إلى أن القهوة العربية في السابق كانت تحتوي على البن والهال، وبعدها تم إضافة الزعفران وماء الورد وغيرها.
إعداد القهوة
وعن طريقة تحضير القهوة يتحدث بن طروق: «بعد أن يتم تنظيف القهوة وإزالة الغبار والشوائب منها، يتم وضعها في «التاوة»، وتقلب القهوة بــــــ«المحماس» وبعدها تقلى، وبعضهم يفضلونها نيئة، والأكثرية باللون الأحمر، ولدى آخرين يفضلونها باللون الأسود، وبعدها تدق بـــــ«المنحاز» وهو الإناء المصنوع من الحديد أو النحاس، و«الرشاد» وهو المدق المصنوع من الحديد. حتى تنعم القهوة، وتكون بذلك جاهزة للطبخ». ويشير بن طروق إلى أن القهوة يتم إعدادها من الماء النقي جداً لأن الملوحة تغير من طعمها، ويفضل استخدام أخشاب أشجار الغاف الميتة كحطب لطبخ القهوة.
ويذكر الشاعر عبيد بن طروق قصيدة القهوة، ويقول:
أنـا لـومـــي عـلـى مـــن قــلانـــي
لاعـدّل الـجـلـيـه ولا نـقّـد الـشـيـن
صـبـوا سريبـي والحـثـل ما أدانـي
وخلو وجيد م الغضى اليابس الزين