اشتهرت هوليوود في الآونة الأخيرة بأفلام لقبت بالـ"بلوكباستر"، التي تعني باللغة العربية "مدمر الحي"، وذلك في إشارة بارعة إلى نجاحها المدوي. ورغم هذه التسمية التي استمدت من قنبلة استخدمت في الحرب العالمية الثانية، وتملك القدرة على تدمير حي بأكمله، فإن الأرباح الانفجارية ليست هي وحدها التي تمنح فيلماً ما هذا اللقب، وإنما نوع الفيلم (لامع ومشحون بالحركة) وطريقة إطلاقه إلى دور العرض العالمية (على نطاق واسع) وقوة تسويقه أيضاً.

رهانات سينمائية

وتحدثت مجلة "توتال فيلم" الفنية، في تقرير نشرته مؤخراً، عن هذه الظاهرة، التي تهز دور العرض العالمية منذ سبعينات القرن الماضي وحتى يومنا الحالي. وأوضحت أنه في العام الجاري، يجد عشاق السينما الأميركية أنفسهم على موعد مع مجموعة واسعة من أفلام "البلوكباستر". وليس من المستغرب أن تلك الأفلام كانت إما تكملات لأفلام سابقة "المنتقمون" و"نهوض الفارس المظلم" و"الهوبيت" و"الرجل العنكبوت المذهل" و"ميراث بورن" أو رهانات محسوبة حيث استحوذ فيلم "ألعاب الجوع" على عشاق سلسلة "الشفق"، وبدا فيلم "البارجة" وكأنه فيلم "المتحولون" في عرض البحر. ولكن سواء وجدت الرهانات الآمنة أم لم توجد، فإن سينما "البلوكباستر" ستستمر.

فخ التكهنات

ويعتقد توم شون، مؤلف كتاب "بلوكباستر: كيف تعلمت هوليوود أن تكف عن القلق وتحب موسم الصيف"، أن الأنباء التي تشير إلى زوال هذا النوع من الأفلام مبالغ فيها. ويقول: "يسهل الوقوع في فخ التكهنات المتشائمة بالزوال والحنين عندما يتعلق الأمر بصناعة أفلام الصيف. إذ يقول الناس: "إنهم لا يصنعون أفلاماً من نوعية فيلم (غزاة الفلك المفقود) هذه الأيام" أو شيئاً من هذا القبيل. ولكن في الحقيقة، فإنه لم يتم صنع العديد من الأفلام التي تضاهي في جودتها ذلك الفيلم، حتى في عام 1981. وكان المعدل يقرب من فيلم "بلوكباستر" ناجح واحد كل صيف. ففي العام الماضي شاهدنا "صعود كوكب القردة" وقبله "الاستهلال" وقبل ذلك "ستار تريك" وهكذا".

تاريخ وأفلام

وكان عام 2011 عاماً جيداً بالنسبة لأفلام "البلوكباستر" عالية الجودة، من "رجال إكس: الدرجة الأولى" إلى "ثور" إلى "الثمانية الخارقون" إلى "صعود كوكب القردة". وصحيح أن ذلك العام شهد انطلاق عدد من الأفلام الفاشلة ("كونان" و"قراصنة الكاريبي" و"الفانوس الأخضر")، ولكنه كان أكثر الأعوام تنافسية في الذاكرة الحديثة. ومع ذلك، فإنه في ظل الأوقات العصيبة الحالية، التي تتيح لـ"تويتر" أن يوقف فيلماً ما بعد عرضه الأول، فإن أفلام "بلوكباستر" تشق طريقها بصعوبة.

وبدأ تاريخ بلوكباستر برقم. وقد كان ذلك الرقم هائلاً للغاية، إلى درجة أنه جعل عيني المخرج ستيفن سبيلبرغ تفيضان بالدمع. ففي يوم 20 يونيو 1975، انطلق فيلم "الفك المفترس" ليعرض في 409 دور للعرض في أميركا.

دوامة الأرباح

وفي وقت كانت فيه الأفلام تنطلق في موقع رئيسي في إحدى المدن الكبرى، مثل نيويورك، قبل أن تنتقل ببطء إلى سائر أرجاء البلاد، كان ذلك أمراً غير عادي البتة. والأمر الذي كان مفاجئاً بدرجة أكبر هو الأرباح التي حققها الفيلم. حيث حصد "الفك المفترس" ما يزيد على 7 ملايين دولار في الأيام الثلاثة الأولى من عرضه. وفي غضون 78 يوماً، حطم الرقم القياسي، 86 مليون دولار، الذي كان مسجلاً باسم فيلم "العراب". وعندما تجاوزت الأرباح الـ100 مليون دولار، لم يصدق ذلك أحد، ولا مخرج الفيلم، وظن العاملون في مجال السينما أن تلك ظاهرة لن تتكرر. ولكن سرعان ما وصل فيلم "حرب النجوم" وكسر حاجز الـ100 مليون دولار للمرة الثانية، وحينها ولدت سينما "البلوكباستر".

 

قصة نجاح

 

من أبرز رواد الـ"بلوكباستر" المخرج والمنتج السينمائي الأميركي ستيفن سبيلبرغ، الذي ولد في ولاية أوهايو الأميركية عام 1946. وهو يمتلك شركة "دريم ووركس" للإنتاج، وقد أنتج العديد من أفلام الكرتون، ومنها "شريك". وحاز على جائزة الأوسكار لأفضل مخرج.