وسط حالة من الضبابية المسيطرة على شباك التذاكر السينمائي، واهتمام المنتجين دائمًا بمتابعة أرقام الإيرادات؛ كدلالة على النجاح، تظهر دائمًا نوعية أخرى من الأفلام التي لا تهتم بأرقام الإيرادات ولا طبيعة العرض بقدر ما تهتم بتسويق الفيلم فضائيًا فيما بعد، والتي تسمى في الأوساط السينمائية بأفلام "المقاولات"، والتي عادةً ما يكون منتجيها من خارج الوسط الفني والإنتاجي.
سينما رديئة
ففي الفترة الأخيرة، ورغم رفع جميع الأفلام من دور العرض، ظهرت دعاية مكثفة لأحد الأفلام رغم عدم طرحه بالسينما، وعدم وجود ميعاد لطرحه أيضًا، وهو ما يمثل عودة لأفلام المقاولات وسينما "بير السلم"، والتي اتَهم البعض منتجيها بغسيل أموالهم في صناعة السينما الرديئة.. وفي ظل هذه الظروف طرأ على الساحة ما يسمى بـ"أفلام المقاولات" وهي سينما تهدف إلى تسويق إنتاجها للفضائيات، وتغطية تكاليفها وأرباحها من خلالها، دون الحاجة للعرض السينمائي، فهي أفلام لا يذهب إليها جمهور السينما، ويفضل أن ينتظرها عندما تعرض على شاشات التليفزيون في بيته.
ربح كبير
ويتخذ منها بعض المنتجين "سبوبة"؛ لأنها تباع لقنوات، أو على أسطوانات مدمجة، وتدر ربحًا كبيرًا على المنتجين، وفي نفس الوقت لا تحتاج إلى تكلفة عالية، ولكن أفكارها عادة ما تكون متواضعة مثل إنتاجها، ولكن الهدف من صناعتها، إنها تغذي المحطات الفضائية، وتجدد من عروضها التي سئم منها جمهورها، فضلًا عن تقاسم أرباح الإعلانات الذي تجذبها هذه القنوات.
وقت الأزمات
ويؤكد نقاد على أن تلك الظاهرة كالموجة التي تحجز لنفسها مكانًا وقت الأزمات؛ لأنها ليس لها وجود في ظل استقرار الوضع السينمائي، فهي تظهر في أوقات، وتختفي في أخرى، حيث تبرأ منها بعض النقاد، ودافع عنها البعض الآخر.
حول هذه الظاهرة الطارئة على المشهد السينمائي، أكد الناقد طارق الشناوي لـ"البيان" على أن تلك الظواهر مثلما لها بعد سلبي، لها آخر إيجابي لابد من الاستفادة منه، وهو أن هناك ممثلين موهوبين لم تسنح لهم فرصة الظهور سوى من خلال أفلام المقاولات، إذ من الممكن أن تكون طريقًا لعبورهم إلى النجومية، والأمر ينطبق أيضًا على المخرجين والمؤلفين وكل صناع العمل.
وأوضح الفرق بينها وبين المستقلة، مشيرًا إلى أن كلاهما تكاليفهما قليلة، ولكن المقاولات تهدف إلى الربح، وقائمة على أفكار سطحية فارغة، وقائم عليها ممثلون درجة ثالثة، بينما المستقلة أفكارها هادفة وجريئة، تحمل فكرًا ورسالة، ولا تهدف للربح بل للقيمة الفنية التي تضيفها لفريق العمل، غير أنها لها شعبية جارفة في وسط الأزمات وغيرها، وأصبح يشارك فيها نجوم الصف الأول، وتعُرض داخل أروقة المهرجانات، منوهًا إلى أنه مع استقرار الأوضاع ستتراجع هذه الأفلام؛ لأنها ليس لها مكان وسط النجوم، والدليل على ذلك أن موسم عيد الفطر شهد أفلامًا جيدة طغت على أفلام المقاولات.
وتبرأ من أفلام المقاولات كافة النجوم واعتبروها وجبة سامة تقدم للمشاهدين وتفسد الذوق العام، وتسيء لتاريخ السينما ولمن يشارك فيها، ومن ضمنهم الفنان الشاب محمد رمضان الذي استاء من نسب البعض لفيلمه الأخير "قلب الأسد" ضمن أفلام المقاولات، مؤكدًا على أنه تجاري من الدرجة الأولى، وشركة السبكي أنفقت عليه ملايين، وحصدت منه على إيرادات بالملايين، تصدرت بها إيرادات أفلام العيد، وذهب الجمهور لرؤيته، موضحًا أنه ليس له مكان في تلك الأفلام التي تسيء للقائمين عليها.
نماذج
من أفلام المقاولات التي انتشرت في الآونة الأخيرة، في ظل تراجع الإنتاج السينمائي عدد من أفلام المقاولات، كفيلم "سيليكون"، "علقة موت"، "بوسي كات"، "شقاوة بنات شبرا"، "عودة جملات كفته"، "جركن وفاء"، وآخرها "إعدام بريء" للفنان أحمد خليل ونهال عنبر وغيرهم.