في رحاب ندوة الثقافة والعلوم في دبي، وعلى شاشتها، عرض أول من أمس، الفيلم الإماراتي «تنباك» للمخرج عبد الله حسن أحمد، ضمن النشاط الشهري لنادي السينما بالندوة. ويعتبر الفيلم واحداً من الأفلام الإماراتية التي حصدت العديد من الجوائز الأولى من مهرجانات محلية ودولية.

السرد البصري

الفيلم يشكل محطة بارزة في مسيرة المخرج، فقد استطاع أن يستخدم أدواته السينمائية باحتراف وانسيابية، واحتكم إلى عناصر جمالية متناغمة، بين القصة وبناء الشخصيات من جهة، وأماكن التصوير والسرد البصري من جهة أخري، مع الاشتغال على توثيق البيئة الإماراتية. ورسالة الفيلم مكثفة ومختزلة بعناية في مدة لا تتجاوز 26 دقيقة، كانت كافية لتقديم قضية اجتماعية محلية ذات مضمون إنساني عميق.

تدور أحداث الفيلم الذي شهد عرضه سلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة، والأديب محمد المر، والأديب عبد الغفار حسين، في قرية جبلية إماراتية، حول صديقين في العقد الثاني من العمر، الأول أبيض البشرة، وهو بائع التبغ، والثاني أسمر البشرة، بائع الفحم، ويدخل بنا الفيلم إلى ثلاثة محاور رئيسة، وهي القصة القديمة التي يتم سردها بشكل مبهم، والمحور الثاني هو قصة الصديقين، وتمثل الحاضر، والمحور الثالث، هو شخصية الولدين داخل الفيلم، حيث ندرك معهم الزمن الذي تستمر معهم الحكاية، التي ربما لا تنتهي، وفي تجاذب بين الحب والقهر، يناقش الفيلم قضية العنصرية من منظور اجتماعي، من خلال شاب أسود يرفض أهل الفتاة البيضاء أن يزوجوها له، والفيلم سيناريو وحوار محمد حسن أحمد، وتصوير سمير كرم، ومن بطولة الفنانين: حبيب غلوم وسعيد عثمان، أشجان، شيماء، يعقوب اليعقوبي، ودرويش الطويل، من إنتاج فراديس.

وبعد عرض استمتع خلاله الحضور بالفيلم، فتحت المخرجة والكاتبة الإماراتية، منال بن عمرو، باب المناقشة، في جلسة أدارتها أمام الجمهور، حيث أشاد الأديب عبد الغفار حسين بالفيلم وأداء الممثلين، ولكنه تساءل عن سر التسمية بتنباك، دون بقية الأسماء، ليوضح المخرج قائلاً: إن الاسم محلي، وهي مفردة موجودة ومتداولة عند بعض الناس في رأس الخيمة، وهو يعني «الغليون»، وسأل أحد الحضور، المخرج عن كيفية رؤيته للفيلم، بعد مرور عشر سنوات على إنتاجه، فأوضح المخرج أن الفيلم أنتج عام 2005، ولا يزال يؤرخ على أنه واحد ضمن أهم الأفلام الخليجية القصيرة، ويعتبر بالنسبة له تحولاً كبيراً في مجال الإنتاج والديكور والتصوير، ونقلة نوعية من مرحلة الهواية إلى مرحلة الاحتراف في مجال الإخراج والإنتاج.

علامة بارزة

شكلت أفلام المخرج الإماراتي عبد الله حسن أحمد، علامة بارزة في حركة السينما الإماراتية وتطورها، ولم يقتصر دوره كمخرج، بل كمنتج أيضاً، من خلال «فراديس»، هذا الاسم الذي نراه في أفلام إماراتية كثيرة أنتجتها هذه المجموعة التي يديرها عبد الله، وقد فاز فيلم «تنباك» بجائزة أفضل فيلم قصير في الدورة الأولى من مهرجان الخليج السينمائي عام 2008، وأخيراً، فاز المخرج بجائزة وزارة الداخلية للسينما لأفضل سيناريو مجتمعي، عن السيناريو الذي قدمه «مطلع الشمس» في مهرجان دبي السينمائي الدولي.

إبداع

أكد سلطان صقر السويدي، أن اختيار عرض فيلم «تنباك»، يأتي في ظل توجهات ندوة الثقافة والعلوم لدعم المواهب الإماراتية والعربية الشابة، من خلال استقطاب وتحفيز الإبداع والمبدعين، لمناقشة وطرح القضايا الاجتماعية بطرق بناءة تعالج هذه القضايا، وتقديم فن هادف يخاطب وجدان الجمهور، وأشاد السويدي بجهود المخرج، كونه أحد أبناء الإمارات المتميزين في هذا المجال.