عزة فهمي«أسطى» زقاق الحرفيين بشهادة معلمي الصنعة، الذين عرفوا بداياتها، وعايشوا إصرارها المغموس بالإرادة أن تكون أول امرأة تفض احتكار صياغة الحُلي على الرجال. لم تلفت خريجة الفنون الجميلة للأصوات المتهكمة والرافضة لوجودها الطاغي بملامح أنثوية وملابس رجالية، فهي تسابق الزمن، وتعيش حلمها في تأسيس دار مستقلة لتصميم المجوهرات العصرية الفاخرة، التي تستمد إلهامها من ثقافة عريقة تمتد 7 آلاف عام، متألقة بروح مصرية أصيلة.

مهنة عتيقة

حول ذلك الحلم الذي ناطح اليوم عنان السماء بمتاجر عالمية على امتداد 4 قارات، منطلقه من دهاليز خان الخليلي، تقول عزة فهمي: الرغبة في تعلم أسرار مهنة عتيقة غارقة في القدم وتطويرها من منظور فني يواكب العالمية، وترافق مع دراستي للفنون الجميلة كان في ذلك الوقت أشبه بمصارعة أمواج البحر العاتية، في مجتمع الخان المنغلق على رجاله الذين رفضوا بشدة توظيفي ضمن طاقم الحرفين، لذلك لجأت إلى حيلة أخرى، أن ادفع من جيبي 3 جنيهات وهي يومية محترمة توازى أجر «الحرفي» في الستينيات أقرضتها لمن يعلمني من عمال ورشة «الحاج سيد»، رحمه الله.

مجتمع الخان

وتضيف: لم أستسلم واكتسبت بمرور الوقت ود واحترام هؤلاء الرجال المعتدين بأنفسهم في ظل المجتمع الذكوري المصري والشعبي كذلك داخل دائرة الخان، ارتديت «الأفرول» بشكل يومي، وتخليت عن مساحيق التجميل والتصاميم الأنثوية فهي لا تناسب أجواء العمل التي تصل إلى 12 ساعة يومياً. أنجزت خلال فترة تدريبي الأولى 3 تصاميم لخواتم ما أزال أعتز بهم وبعتهم بـ15 جنيهاً ثم ربحت 45 جنيهاً وهكذا دخلت المجال، الذي بدأته بغرفة صغيرة في حلوان ثم ورشة في بولاق إلى أن أسست دار عزة فهمي عام 1969 مدفوعة بشغف كبير ورغبة عارمة في ترجمة ذلك إلى مجوهرات فاخرة.

شغف الابتكار

وترى أن الشغف هو محور الابتكار لتنفيذ تصاميم يلتقي فيها عبق الماضي بألق الحاضر، وتمتزج فيها مختلف الثقافات والحضارات ضمن تشكيلات فنية أثنية، مستوحاة من تاريخنا العربي والإسلامي، وتحمل بين طياتها موضوعات بأبعاد فلسفية أو أدبية وفنية كالمجموعة الخاصة بسيدة الغناء العربي «أم كلثوم» تحمل رسائل شخصية تخاطب من ترتديها وترتبط بها.

قطع تنافسية

وعن انتقالها من المحلية المصرية والعربية لتطرق أبواب العالمية بشراكات أكثر التصاقاً بعوالم الموضة والأزياء، تؤكد عزة أن تلك رسالة وطموح عربي قبل أن يكون شخصياً، يهدف إلى التعريف بحرفة الصياغة اليدوية القديمة المتجددة بواسطة قطع متفردة وتنافسية وكانت البداية مع «أسبوع لندن للموضة»2006، وتضمنت شراكة لمدة عامين لتصميم مجوهرات تلائم تشكيلات الأزياء التي أطلقها مصمم الأزياء جوليان مكدونالد.

شراكات عالمية

وتضيف عزة: في الذكرى السنوية الأربعين على إطلاقها، أبرمت شراكة أخرى في عام 2010 مع ثنائي الموضة الشهير جاستن ثورنتون، وتيا بريجازي، مصممي دار أزياء «برين» البريطانية؛ وأثمرت هذه الشراكة عن إطلاق مجموعة استثنائية خلال «أسبوع الموضة بنيويورك»، إلى جانب إطلاق تشكيلة خاصة بمعرض «الحج: رحلة إلى قلب الإسلام»، الذي نظمه «المتحف البريطاني» في العام نفسه.

بعد الفراعنة

وفي ما يتعلق بتشكيلتها الخاصة بالمتحف البريطاني لعام 2016 تقول عزة: تدعم القطع المصممة محور المعرض «مصر بعد الفراعنة»، الذي يغطي 1200 عام من التاريخ المصري بدءاً من سنة 30 قبل الميلاد بعد وفاة كليوباترا، ومارك أنتوني، حيث تولت ابنتي المصممة أمينة غالي، مديرة التصميم في الدار، مهمة ابتكار التصاميم وتضيف: حاولت ابنتي أمينة أن تعكس جوهر المعرض وفلسفتي المهتمة بترجمة المراجع الثقافية بأسلوب السرد الإبداعي لتمنحنا نطاقاً فنياً يغطي كل العناصر التي تجسد روح الحوار، التي ينطوي عليها.

توليفات

وتعتقد عزة أن منهج الحرفية اليدوية بالكامل لكل قطعة هو ثاني ما يميزها فقد صنعت من الفضة الإسترلينية، والذهب عيار 18 قيراطاً، مع إضافة الأحجار الكريمة وشبه الكريمة عبر توليفات من الألماس والجمشت والعقيق الأحمر، وتضم التشكيلة 4 قطع هي عبارة عن قلادتين، وطوق على شكل نقود معدنية تزدان القلادة الأولى برسم الصليب، بينما تحمل الأخرى عبارة «لا إله إلا الله» بالخط العربي.