تجذب الزائر رائحة القهوة الآسرة فيتعقب مصدرها، وحاسة الشم دليله لكي يصل إلى متحف فريد من نوعه في أحد البيوت القديمة بحي الفهيدي التاريخي في دبي، الذي يعرف السائح على أسرارها ويتوغل في فلسفتها، وفي مذاقها.. كل هذا وأكثر في «متحف القهوة» نعم القهوة التي يرتشفها هواتها كل صباح وتأسرهم رائحتها، ورغم مرارتها إلا أن لذة التمتع بارتشافها بهدوء غريبة.
فقد أصبح للفاتنة السمراء «متحف» يعرف الزائر على فنون تحضيرها، وأسرار وطرق تحميص وطحن أشهر مشروب في العالم، وتتذوق في المتحف طعم القهوة العربية الأصيلة على أرض مجلس المتحف التراثي بيد مواطن خبير في إعدادها، واحتساء القهوة المصرية والأثيوبية في أجواء مميزة.
تاريخ وثقافة
المتحف هو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وقد أسسه خالد الملا مالك إحدى الشركات الإماراتية المتخصصة بمجال القهوة، وحول أهدافه من إقامة المتحف، قال: أردت تعريف الزوار والسياح بمكانة القهوة وأهميتها باعتبارها جزءاً من الثقافة المحلية، وتعبيراً أصيلاً عن حسن الاستقبال، وأبرز وجوه الضيافة العربية .
الذي يعود إلى مئات السنين، فهي تشكل مصدراً مهماً للتعريف بالتراث الإماراتي والعربي وثرائه وتنوعه، كما يسلط الضوء علي تاريخ وثقافة القهوة بالمنطقة، والتي اتفق العالم كله على حبها، وإن اختلفوا في طريقة إعدادها منذ اكتشافها للمرة الأولى في إثيوبيا.
ونسعى لأن يكون المتحف هو الأول والأهم في المنطقة لتعزيز مكانة دبي الثقافية والحضارية، ولكي ننافس المتاحف العالمية في بريطانيا وألمانيا وأميركا وكولومبيا وسويسرا وغيرهم.
مهرجان القهوة
يعتبر المتحف موسوعة معلوماتية ضخمة تستعرض تاريخ القهوة منذ بداية اكتشافها، ويتيح المتحف الذي يشارك فيه إلى جانب خالد الملا كل من الدكتورة منى البحر، والدكتورة حصة لوتاه، وبالتعاون مع هيئة دبي للثقافة والفنون، فرصة لزواره للاستمتاع ومشاهدة أبرز طرق تحضير القهوة، وتجربة مذاقات ولا أروع.
وعن الخطوات التطويرية والمشاريع المستقبلية يقول خالد الملا: تجري التحضيرات لإقامة «مهرجان القهوة» في شهر مارس 2017 في حي الفهيدي التاريخي بدبي، وسيتيح المهرجان لعشاق القهوة من مختلف أنحاء دولة الإمارات والمنطقة، مشاهدة أحدث آلات إعداد القهوة، وتحميص البن، وتشكيلة واسعة من أجود أنواع القهوة، وطرق تحضيرها، بالإضافة إلى محاضرات تثقيفية، ونشر الوعي بين المستهلكين حول المنتجات عالية الجودة.
القهوة العربية
يضم المتحف ما يزيد على 400 قطعة نادرة متعلقة بتاريخ هذه الصناعة، ويعود تاريخ أقدمها إلي 600 عام، ويضيف الملا: المتحف مؤلف من طابقين ويحوي قطعاً متنوعة وأدوات بدائية مستخدمة في إعداد القهوة وتحميصها وتحضيرها يعود تاريخها إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث كان المحاربون يشربون القهوة وهي قطع مصنوعة من النحاس، وعن بقية غرف المتحف قال الملا:
الطابق الأرضي يضم غرفة للتحف الشرقية، وأخرى للغربية، ولأشهر أنواع القهوة وخصائصها نصيب في المتحف، حيث توجد غرفة تعرض البن في جوالات قديمة كان يستخدمها المزارع.
ومواطن تواجده، بالإضافة إلى تاريخ الشركات العريقة التي نجحت في تطوير هذه الصناعة، أما المجلس التراثي المحلي فقد احتل مكاناً مثالياً في المتحف وصممته مثل المجلس الموجود في البيوت الإماراتية، بحيث يمكن لزواره الجلوس فيه، والاستمتاع بتجربة شرب القهوة العربية وتحضيرها بأدوات تقليدية في أجواء ممتعة.
طقوس ومذاقات
يضم بهو المتحف عدة أركان، للتعرف على مذاقات القهوة، فالركن المحلي تأسرك فيه رائحة القهوة الإماراتية التي يعدها مواطن خبير في إعدادها، أما في الركن المصري فيقف شاب مصري على الرمالة المصرية القديمة التي يرجع تاريخها إلى أيام الدولة العثمانية ليقدم لك أفضل فنجان قهوة مصري يمكن أن تتذوقه.
وبطريقة أفريقية تقدم لك فتاة تجلس في الركن الإثيوبي ومتخصصة في طقوس تحضير القهوة، تحية خاصة على الطريقة الإثيوبية باعتبارها المحطة الأولى للقهوة.
مقتنيات نادرة
أثناء التجوال بين أركان المتحف وغرفه المميزة يستطيع الزائر مشاهدة المقتنيات النادرة والموجودة في الطابق السفلي، والتي جمعها الملا عاشق القهوة، والذي يهوى معرفة كل شيء عنها، وذلك من خلال رحلاته حول العالم، مقتنيات عندما نراها تعود بنا في لحظة إلى الزمن القديم، فتلك المطحنة المصنوعة من بقايا قذيفة.
مؤكداً أن الحرب العالمية الثانية استهلكت الحديد في صناعة الآلات الحربية، ومطحنة من بريطانيا يعود تاريخها إلى عام 1860، وأقدم محمصة سويدية يعود تاريخها لعام 1840 كما يضم المتحف لوحات قديمة مرسومة بالقهوة.
حول العالم
من خبرته الغنية في عالم القهوة الساحر استطاع الملا تصميم المتحف، وقام بنفسه بتنسيق وترتيب مقتنياته، ففي الطابق العلوي يشاهد الزائر العديد من اللوحات الأثرية القديمة التي تعبر عن زراعة البن وصناعته، وفي مكان مميز توجد لوحة كبيرة أطلق عليها «تاريخ القهوة» طولها 3 أمتار ونصف المتر، تستعرض بداية اكتشاف حبة البن وانتشارها حول العالم .
وثائق وكتب
الدخول إلى غرفة المطبوعات في المتحف يشاهد الزائر مؤلفات نادرة وكتباً ومراجع تتناول تاريخ صناعة القهوة منذ آلاف السنين، إضافة لبعض المقتنيات، والأدوات الخاصة بالقهوة، أما غرفة الإعلام فيعرض فيها الأفلام الوثائقية عن القهوة، كما توجد فيها طاولة كبيرة لعقد اللقاءات والاجتماعات الخاصة مع المهتمين بهذه الصناعة وتاريخها، كما يوفر المتحف مختبرا لاختبار الأجود منها.