الأسرار أثقلت كاهلها فلم تعد تستطيع التحمل، أرادت الإفصاح عما تخفيه في جعبتها طوال السنين الماضية، وأن تزيل ذلك الحاجز الذي كسر ظهرها، وتطفئ الحممم المشتعلة في صدرها، ولكن القدر لم يمهلها الفرصة.
فلحظة اجتماعها ببناتها، تسقط الأم العمياء من النافذة وتلقى حتفها، يتوافد الزوار لتعزية الأسرة، ومع كل زائر جديد تنصدم البنات بجهلهن بحياة أمهن الغامضة... فما تلك الأسرار التي اكتشفتها البنات، وإلى أي درجة شعرن بالغربة عن والدتهن المتوفاة...
كل هذه الأسئلة يطرحها ويجيب عنها فيلم «الرجال فقط عند الدفن» للمخرج عبدالله الكعبي، الحائز جائزة أفضل فيلم في مسابقة المهر الإماراتي الطويل بمهرجان دبي السينمائي. التقيناه ليسلط الضوء على الفيلم وصولاً إلى مشاركته في المهرجان إلى جانب كشفه عن أبرز المعوقات التي تواجه السينما الإماراتية.
مواهب إخراجية
الكعبي أبدى سعادته بالفوز في مهرجان دبي السينمائي، ولا سيما أنها المرة الأولى التي يقدم فيها فيلماً سينمائياً طويلاً، مشيراً إلى أن المهرجان أتاح الفرصة له لإظهار موهبته الإخراجية، وأعطى له الدافع لتقديم مزيد من الأعمال الناجحة، حيث تنوعت الأفكار المطروحة، وشهد المهرجان هذا العام وللمرة الأولى تنافس 13 فيلماً إماراتياً، من بينها 6 أفلام طويلة، ما يعد إنجازاً كبيراً، يدل على وجود مخرجين يمتلكون عزيمة وفكراً إبداعياً.
تاريخ عريق
أما عن اختياره لإيران لتصوير أحداث العمل فيها فيقول: السينما الإيرانية تحمل تاريخاً عريقاً، وأنا من أشد المعجبين بها، ولكن اختياري لتصوير العمل في إيران يرجع لأسباب عدة؛ من ضمنها أنني أنتجت الفيلم على نفقتي الخاصة، بالتعاون مع منتج إيراني، والتصوير هناك أقل تكلفة بكثير، الأمر الذي جعلني استعين بوجوه عراقية وإيرانية لتجسيد مختلف الأدوار.
مشيراً إلى أن عنوان الفيلم «الرجال فقط عند الدفن» توارد إلى ذهنه بالصدفة، وتحديداً في مشهد الدفن، وقتها تساءل بعض من أفراد الطاقم الفني عن غياب الشخصيات النسائية، في هذا المشهد، فأجبتهم على الفور الرجال فقط عند الدفن وهنا جاءت فكرة الاسم التي تحمل الكثير من المعاني.
لافتاً إلى أن هذا العمل يعتبره مختلفاً من حيث الفكرة والتصوير وكذلك طاقم العمل، ولا سيما أنه يعد أول فيلم إماراتي يتم تصويره في إيران.
ملامح عالمية
وأوضح الكعبي أنه كتب سيناريو الفيلم على مدى عامين، وقام بتصويره خلال 3 أشهر في إيران، فهو يرى فيه ملامح العالمية من جميع النواحي، سواء من ناحية القصة المحبكة التي تتنوع تفاصيلها، والإخراج الذي أظهر الفيلم بذلك الشكل المميز، وطاقم العمل الذي بذل مجهوداً كبيراً تستطيع لمسه بمجرد مشاهدة الفيلم.
مشيراً إلى أن ردة فعل الجمهور كانت أول جائزة تلقاها عند عرض الفيلم بالمهرجان حيث شعر بمدى إعجابهم بالعمل ككل.