بين إيطاليا والإمارات توزعت عروض »مونودراما« المهرجان، ليتابع الجمهور، أول من أمس، بعد فسحة اللقاء في رحاب ضيافة قرية التراث وتذوق المأكولات التراثية الشعبية، عرضي »لا تتحرك« الذي تأرجح بين الوهم والواقع، وكذلك »مرثية الوتر الخامس« الذي عزف فيه »زرياب« على وتر المحبة والسلام، ليحوز هذا العمل على تصفيق الجمهور.
لا تتحرك
في »لا تتحرك« تناول المخرج والممثل الإيطالي الشاب لويجي غويرييري، مشهداً إنسانياً لوحدة الإنسان في الزمن المعاصر الذي يفقد فيه الخط الفاصل بين الواقع والوهم، من خلال سرده لحكايته وحكاية أبناء قريته إثر زلزال أصابها. لنتعرف على خصوصية عالمه المحدود بإيقاع روتينه اليومي الذي ينفصل عنه إثر الزلزال ليلتقي بالأهالي، الذين يحرص كل واحد منهم على سرد حكايته الخاصة من دون مستمع، حتى يصل إلى ذاك الرجل المنزوي بصمته، ليتابع أحداث قصته بين الوهم والواقع، ليجسد موته المفاجئ وحيداً في بيته ليتخيل أن قلبه انفطر حينما لم يستطع الرحيل عن بيته كالجميع.
في البداية طغى على الأداء هامش من التهريج بهدف إضحاك الجمهور، واعتماد أسلوب »ستاند أب كوميدي« في العديد من المشاهد، ليدخل بعدها في تفاصيل أداء المونودراما، مستعيناً بالمايكروفون المستقل لتعزيز الإحساس الدرامي بمأساة الرجل الذي يتخيل كيف مات في فضاء بيته.
مرثية
في المقابل، تكمن خصوصية عرض »مرثية الوتر الخامس« في فوز نصه وهو للكاتب الأردني مفلح العدوان، بالمركز الأول في الدورة الرابعة من مسابقة النصوص المسرحية لعام 2015، لتنتجه هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام، ويخرجه الأردني فراس المصري، ليؤدي فيه الممثل الإماراتي عبدالله مسعود دور »زرياب«، ليكون الأداء الموسيقي فيه من نصيب عامر محمد.
يبدأ العرض بعودة زرياب إلى زمننا المعاصر ليواجه تغييباً مؤلماً لفنه حتى عزف عنه الجمهور خوفاً من الجماعات المتطرفة التكفيرية، ليبدأ زرياب بسرد صراعه مع الحياة منذ دبت الغيرة في نفس معلمه الموسيقي إسحاق الموصلي حينما أُعجب الخليفة هارون الرشيد بموهبته ليقصيه عن بغداد، وهكذا حتى ينفي نفسه في بلاد الأندلس، ليعود إلى الزمن المعاصر ويجد صراعاً أشد إيلاماً، إلا أن تسلح زرياب بعزيمته وفنه يؤكد أن الوتر الخامس سيبقى مرتبطاً بالحياة واستمراريتها، ليعزف على عوده ووتره الذي ابتكره المحبة، فهو وتر التسامح والإبداع والجمال والسلام.
الجمهور تفاعل كثيراً مع »مرثية الوتر الخامس« وصفق له طويلاً، فيما تباينت الآراء حوله خلال جلسة النقاش لتتوزع الآراء بين الإشادة بالنص والأداء، وبين تقديم بعض المآخذ على الإخراج التي تمحورت جميعها حول جدوى استخدام المخرج للسلالم التي أنهكت الممثل واستنزفت طاقته في اعتلائها والنزول منها بحركة معقدة تتطلب جهداً مضاعفاً.