شرخ كبير أحدثه زلزال الاحتجاجات التي تشهدها مصر على مدى الأسبوعين الماضيين في صفوف الأسرة الفنية، فبعيدا عن تأثر جميع الأعمال الفنية بهذه الأحداث لدرجة التوقف التام عن التصوير، انقسم فنانو مصر إلى 3 أطياف إزاء المظاهرات والاحتجاجات الحاشدة، فأعلن فريق بشكل صريح وواضح تأييده لهذه التظاهرات وطالبوا بالتغيير الفوري، في المقابل رفض الفريق الثاني ما يحدث، واعتبر أنه يهدد استقرار الوطن ويأتي بالمجهول الذي يفقدهم الأمان الذي نعموا به لسنوات طويلة، بينما قبض فريق ثالث على العصا من المنتصف، وطالب بإحداث إصلاحات حقيقية لكن من خلال النظام الحالي، وحمَّل مسؤولية ما شهدته مصر أخيرا لعدد من المسؤولين ليس من بينهم بالطبع رئيس الجمهورية.. «الحواس الخمس» يرصد التفاصيل.
«جيهان فاضل، سهير المرشدي، نهى العمروسي، تيسير فهمي، شريهان، خالد أبوالنجا، عمرو واكد، عبدالعزيز مخيون، خالد يوسف».. كانت هذه أبرز الأسماء التي تزعمت الفريق الأول الذي أعلن صراحة دعمه للتظاهرات، ومطالباته برحيل النظام الحاكم، وكانت الفنانة تيسير فهمي صاحبة أجرأ تصريح ناري من قبل الفنانين ضد النظام الحاكم، حيث تطاولت بالسباب الصريح ضد الرئيس، وهو الأمر الذي أثار بشدة غضب نقيب الفنانين أشرف زكي وجعله يتحدث صارخا عبر إحدى القنوات التليفزيونية مهاجما الفنانة، وقال: «هذه الإنسانة التي عاشت وتنعمت في خير وعصر الرئيس مبارك، وقدمت العديد من الأعمال، وجلبت العديد من الأموال التي تفننت في كيفية التهرب من سداد الضرائب المستحقة عليها، كيف تتطاول هكذا على رئيس بلدها». وكانت الفنانة قد ظهرت عبر فضائية الجزيرة وتفوهت بعبارات نابية ضد رئيس بلدها، وقامت بتمزيق صورته أمام الكاميرات. وعلى الرغم من انضمامها لثورة الغضب فإنها لم تعلن أو تصرح بمطالب محددة مشروعة سوى السباب فقط.
أيضا، شن المخرج خالد يوسف هجوما صريحا ومباشرا على النظام المصري خاصة وزارة الداخلية، على الرغم من أن له شقيقا يعمل مأمورا لأحداث أقسام الشرطة بمحافظة القليوبية، وأكد في مداخلات عدة مع قنوات فضائية أنه يريد إسقاط النظام فوراً، وطالب برحيل الرئيس من الحكم، وطالب الموجودين بميدان التحرير بضرورة البقاء حتى تتم الاستجابة لإرادة الشعب بإسقاط النظام من أجل تحقيق العدالة وحياة ديمقراطية سليمة.
وكان الفنان عمرو واكد من أوائل المنضمين إلى ثورة الشباب، وخاطب أجهزة النظام الحاكم قائلا: لا تحاولوا أن تطفئوا عزيمة الشباب ولا تعترضوهم ولا تنددوا بما يفعلون، فهم شرفاء وأبطال، وبقاؤهم من أجل المستقبل الكريم لكل مواطن مصري، مستقبل ضد البطش بالصوت الآخر، مستقبل حافل بالكرامة، مستقبل ضد الخنوع، مستقبل ضد الإعلام الكاذب، مستقبل ضد الاعتقال العشوائي أو السياسي، مستقبل ضد البلطجية والتزوير والسلطة الأحادية المبجلة..
أيضا كان من أبرز المنضمين إلى ثورة الشباب الفنانة المعتزلة شريهان، التي كانت قد وصلت إلى ميدان التحرير مصطحبة ابنتها للمشاركة في ثورة الغضب، وأكدت في مداخلة مع إحدى القنوات الفضائية أن هذه الثورة فجَّرت أفضل ما في الشعب المصري من شجاعة وشهامة وحب للوطن وتواصل مع الإخوة والأشقاء.
ويبدو أن هذا شجع عددا آخر من الفنانين على التغلب على مخاوفهم، فخرج النجم عمر الشريف عن صمته، ليؤكد تأييده الصريح للمتظاهرين في ميدان التحرير، والمطالبة بتنحي الرئيس، وهو الأمر الذي أيده عدد آخر من الفنانين من بينهم صلاح السعدني الذي وجه انتقادات شديدة اللهجة للنظام الحاكم، واتهمه بأنه أضاع كل ما بناه الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر.
بدوره، أعرب الفنان محمود حميدة عن دعمه الشديد لانتفاضة الشعب المصري، مؤكدا أن الحياة في ظل دولة بوليسية أعاق تقدم المصريين لسنوات عديدة.
بينما أكد المخرج الشاب عمرو سلامة تعرضه لمحاولة قتل من بعض ضباط الشرطة بعد مشاركته مع الشباب في احتجاجات 25 يناير، موضحا أن أحد الضباط احتجزه بمدخل إحدى العمارات وأمر جنوده بضربه حتى الموت، إلا أنهم قاموا لاحقا بتهريبه بسبب تأييده للتظاهرات.. واتهم الحزب الوطني الحاكم بأنه أصبح رمزا للشر، وأقسم أن من أحرقه هو النيران المشتعلة داخل نفوس الشعب منه، وليس الإخوان وليست جماعات منظمة.
أيضا كان من أبرز الفنانين الذين دعموا ثورة الشباب الفنان خالد الصاوي، الذي كان شريكاً فعالاً في مختلف حركات المعارضة الشبابية، سواء على أرض الواقع أو على شبكة الإنترنت، فقام بنشر العديد من قصائده الوطنية على موقعه الرسمي على الفيس بوك، ودعا إلى عدم الاستكانة إلى ظلم الحكام، وطالب بالإفراج عن المعتقلين.
في الاتجاه ذاته، قامت المذيعة شهيرة أمين، نائبة المدير العام في فضائية النيل الحكومية، بالاستقالة من منصبها، والانضمام إلى المحتجين، موضحة أنها أجبرت نفسها على الاستقالة من التليفزيون بعد عمل دام أكثر من 21 سنة بسبب ما يمارسه الإعلام الرسمي من تضليل للشعب وغسل لأدمغة أبنائه، موضحة أنها لم تكن في يوم من الأيام جزءاً من خطة التضليل وغسل الأدمغة التي ينتهجها الجهاز الإعلامي الرسمي، حيث كانت دائما تعمل على نقل الحقيقة كما هي للجمهور الواسع، وقد كلفها هذا الأمر عدة زيارات من أجهزة الأمن التابعة للنظام من أجل التهديد أو الاختفاء عن وجه الأرض إذا قامت بهذا ثانية.
الاتجاه المعاكس
في الاتجاه المعاكس شن عدد من نجوم الفريق الثاني هجوما قاسيا على النجوم المحتجين، ووصفوهم بأنهم ينفذون أجندات خارجية تضر باستقرار الوطن وتتنكر لما قدمه النظام من خدمات.. وتصدر هذا الفريق غادة عبدالرازق، أشرف زكي، زينة، محمد فؤاد، طلعت زكريا، محمود ياسين، عبير صبري، عمرو مصطفى.
فقد أكدت غادة عبد الرازق أنها قطعت علاقتها مع المخرج خالد يوسف بعد مكالمة دارت بينهما طالبته فيها بدعم جهود تهدئة الشارع المصري، وهو ما رفضه يوسف بشدة، واتهمته بخيانة النظام الذي كفل له النجاح.. وأكدت بصراحة تأييدها المطلق للرئيس المصري، واتهمت شباب 25 يناير بأنهم سقطوا في قبضة بعض الأنظمة الخارجية التي لا تريد صلاح الوطن. بدوره، بكى الفنان طلعت زكريا خلال استضافته على شاشة قناة الحياة بسبب ما تشهده مصر من احتجاجات ومطالبات برحيل الرئيس، ورفض بشدة إقدام البعض على تشويه صورة الرئيس الذي وصفه بأنه «قائد الضربة الجوية وبطل العبور في حرب أكتوبر المجيدة»، ووصف بعض المتظاهرين الذين أساءوا للرئيس بأنهم «قليلو الأدب»، وكشف أن الرئيس أبلغه حينما التقاه في مقابلة خاصة قبل أشهر عدة أنه لن يترشح للانتخابات القادمة ولن يرشح نجله للرئاسة، لكن لم يكن متاحا له الكشف عن هذه التفاصيل حينها.. يذكر أن زكريا قدم سابقا فيلم «طباخ الريس»، وكان ينوي تقديم سلسلة أخرى من الأعمال المرتبطة بالرئيس.
في الاتجاه ذاته أعرب الفنان محمد فؤاد عن غضبه الشديد من التطاول على رئيس الجمهورية، مؤكدا أن هذه قلة لا تعبر بأي حال من الأحوال عن الشعب المصري، منبهاً إلى مؤامرات تحاك حول الشعب المصري تستهدف أمنه واستقراره، متسائلا: ما ذنب ملايين المواطنين الذين تضررت أعمالهم وأرزاقهم جراء هذه الاحتجاجات، ومن يدفع فاتورة الخسائر الباهظة التي تكبدها الاقتصاد الوطني خلال الأيام الماضية.. وأعرب عن تأييده المطلق للرئيس مبارك، وأنه قام بتحضير أغنية تؤيد الرئيس وتحث على عودة الأمان إلى المجتمع.
خط الوسط
أما الفريق الثالث الذي اختار خط الوسط، فبرز من خلاله الفنان خالد صالح الذي أعرب عن تذمره وغضبه الشديد من موقف الشرطة الغامض بالانسحاب من مهامها في وقت عصيب شهده الشارع المصري، وحمّل جهاز الشرطة مسؤولية ما حدث، رافضا تحميل ذلك للرئيس مبارك الذي اعتبره قيمة كبيرة لا يجب الاختلاف عليها، وأكد دعمه للتغيير الذي لا يضر بمصالح الوطن.
في الاتجاه ذاته، أعربت الفنانة منى زكي في اتصال مع برنامج العاشرة مساء عن حزنها الشديد على الأحداث التي تشهدها مصر، لكنها رفضت تحميل الرئيس مبارك مسؤوليتها، واتهمت وزارة الداخلية بأنها المتسبب الحقيقي في الدمار والخراب وترويع الشعب، وطالبت بمحاكمة الوزير.
بينما تراجع الفنان عادل إمام عن رفضه المطلق للتظاهرات بعد النجاحات التي حققتها، وفاجأ الجميع بالظهور في أكثر من قناة فضائية ليتبرأ من تصريحات سابقة وصف فيها المتظاهرين بالغوغائيين، وأكد في تصريحاته الجديدة أن هؤلاء المتظاهرين هم خيرة أبناء مصر، مؤكدا أن لهم كل العذر في ثورتهم لما يعانونه من فقر وظلم.