من المؤكد أن تعرّض رواد الفضاء للخطر، وابتعادهم عن مركبتهم خلال القيام بمهمة علمية خارج كوكب الأرض يعتبر أسوأ كابوس يمكن أن يواجهونه على الإطلاق، ذلك أنهم يبقون في ذلك الوضع دون أن يملكوا القدرة على التصرف بمبادرة ذاتية و دون أمل في الإنقاذ. إلا أن علماء أميركيين تمكّنوا، أخيراً، من تهدئة هذه المخاوف من خلال ابتكار ما يسمى بـ »الشعاع الجرار« الذي لا يحتاج للفيزياء الغريبة، وهو عبارة عن شعاع ليزر يقوم بتبخير الدفاعات الفضائية الصغيرة على ظهر مركبة فضائية من أجل دفع الراود التائهين إلى بر الأمان.

وتقول مجلة »نيوساينتست« في تقرير حديث لها إن هذه الفكرة ظهرت لأول مرة خلال العام الماضي على يد الأميركي »جون سينكو«، وهو مهندس في جامعة ولاية أوهايو في »نيوارك«، الذي اقترحها كوسيلة لإخراج الحطام الفضائي من الأرض باستخدام الليزر في الفضاء.

 

نموذج للارتقاء

ويعكف سينكو في الوقت الحال، بالتعاون مع زميله كليفورد شليخت في معهد علم الطاقة والمواد ودرجة التعقيد في »غرينفيل« بولاية »ساوث كارولينا«، على تطوير نموذج جهاز يمكن أن ينقذ رواد الفضاء من الضياع.

تقوم الخطة الأصلية التي وضعها سينكو على أن تقوم المركبة الفضائية بحمل صواريخ ذات نوعين من أجهزة الدفع، يستجيب كل منها لطول موجي مختلف من أشعة الليزر. و لتشغيل الصاروخ، يتم إشعال شعاع الليزر عليه، من خلال تبخير الداسر لتكوين قوة دفع، ومن ثم دفع المركبة الفضائية إلى مسار جديد. ويتم إشعال الدواسر في اتجاهات مختلفة، بحيث يمكن توجيه المركبة الفضائية.

يقول سينكو و شليخت إن هذه الصواريخ إذا تم تقليصها وتركيبها داخل البدلة الفضائية، و تزويدها بأنابيب لدفع الدواسر بعيداً عن رائد الفضاء، ستوفر وسيلة لاسترداد الشخص من الفراغ الخارجي. وكان من الممكن إلحاق خاصية الصواريخ الصغيرة بأدوات العمل لرواد الفضاء، كتلك الخاصة برائد الفضاء الذي فقد في عام 2008.

وبالنسبة لأنظمة الإنقاذ الحالية، مثل الحبال المحملة بالرفاصات أو المدارة بالغاز التي يمكن أن تطلق باتجاه رائد الفضاء، فلا يمكنها أن تصل إلى أكثر من 100 متر. ويتعين على رواد الفضاء الذين ينطلقون في رحلة خارج محطة الفضاء الدولية أن يرتدوا حزمة طائرة من دواسر النيتروجين. ولكن لا يمكن لأي من تدابير السلامة هذه أن تساعد رائد الفضاء المصاب بالإعياء. إلا أن الشعاع الجرار يمكنه ذلك.

 

تقنية فعالة

وتشير الحسابات التي أجراها سينكو و شليخت إلى أن التقنية التي ابتكراها سوف تكون فعالة. فمن خلال ضخ ليزر ثاني أكسيد الكربون داخل داسر يزن كيلوغرام واحد لمدة 200 ثانية، بإمكانهم إعادة رائد الفضاء سالماً بسرعة متر واحد في الثانية.

لكنهما يحذران من أنه لا بد من الاحتراس الكبير لتجنب عملية التعجيل بإعادة رائد الفضاء الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى التسبب في إحداث الضرر نتيجة الارتطام بالمركبة الفضائية.

يقول ريتشارد هولداواي، مدير مركز »رال« لأبحاث الفضاء، التابع لمختبر »رذرفورد أبليتون« بالقرب من ديدكوت في بريطانيا: »بينما يبدو هذا نوع من المراوغة و الغرابة، فلا يمكن أن نعرف أبداً، فربما يكون ما هو مفيد فيه«.