مشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

تعتبر أمراض الكلى القاتل الصامت الذي يتسلل للجسم بلا سابق إنذار، حيث إن الكثير من الأمراض تبدأ دون ظهور أي أعراض على المريض وتكتشف في مراحل لاحقة يكون المرض فيها وصل لدرجة متقدمة وبالتالي يصعب تقديم العلاج الأمثل للمريض ويعاني من الفشل الكلوي الذي قد يودي بحياته.

هيئة الصحة في دبي عملت على محاربة أمراض الكلى بوسائل عدة، فمن حملات توعوية حول أهمية الفحص الدوري للكلى وخصوصاً لمن يعاني من أمراض مزمنة كالسكري وضغط الدم، حيث إن هذه الأمراض تعتبر سبباً رئيساً في أمراض الكلى، إلى إدخال أحدث الأجهزة والتقنيات لمستشفيات الهيئة والتي تقدم خدمات علاجية متطورة لمرضى الكلى.

وتتراوح نسبة الزيادة السنوية في عدد مرضى الكلى في دبي بحسب إحصائيات هيئة الصحة من 10 إلى 15%، وهناك 260 مريضاً يتلقون العلاج في مستشفى دبي على 3 مراحل، حيث إن جلسة العلاج الواحدة تمتد بين الـ 3 إلى 4 ساعات، ويحتاج مريض الفشل الكلوي إلى غسيل الكلى 3 مرات أسبوعياً بمعنى أن مريض الكلى يمضي 12 ساعة أسبوعياً في عملية الغسيل.

وقال الدكتور عبد الرحمن الجسمي المدير التنفيذي لمستشفى دبي إن هيئة الصحة في دبي، وانطلاقاً من حرصها على مواكبة أحدث المستجدات العالمية المتعلقة بالأجهزة، قامت بتبديل كل أجهزة الغسيل القديمة بأجهزة إلكترونية حديثة تمتاز بأنها تحدد الوقت الذي يحتاجه المريض في كل عملية غسيل عكس الأجهزة القديمة.

وأضاف بما أن أعداد مرضى الكلى في تزايد مستمر قررت الهيئة توسعة القسم الذي يضم حالياً 30 سريراً من خلال إضافة قسم ثانٍ جديد يضم 45 سريراً ليبلغ العدد الإجمالي للأسرة 75 سريراً، وليكون بذلك الأول على مستوى المستشفيات الحكومية من حيث الطاقة الاستيعابية ونوعية الأجهزة لافتاً إلى أن أعمال التوسعة ستنتهي خلال أشهر أي قبل نهاية العام الجاري، ولفت الدكتور الجسمي إلى أن قسم الكلى في مستشفى دبي يقدم خدمة متكاملة وشاملة تغطي جميع جوانب أمراض الكلى وعلاجها بما في ذلك متابعة حالات زراعة الكلى.

وتم افتتاح القسم عام 1972 ومنذ افتتاحه سعى القسم لتحقيق الأهداف المتمثلة في توفير خدمة على أعلى المستويات الممكنة، وتقديم خدمة تغطي جميع جوانب أمراض الكلى بما فيها ومتابعة زراعة الكلى.

خدمات متنوعة

وبدورها قالت الدكتورة آمنة خليفة، استشارية ورئيس قسم الكلى في مستشفى دبي، إن القسم يقدم خدماته للمرضى الذين يعانون من أمراض الكلى بما فيها الفشل الكلوي المزمن والحاد والالتهاب الكلوي النسيجي، والالتهاب الكلوي الكبيبي والمتلازمة الكلوية، وارتفاع ضغط الدم والتهاب الكلية واختلال توازن الأملاح على نطاقي المرضى الداخليين في مختلف أقسام المستشفى أو العيادات الخارجية.

وأما فيما يتعلق بالمرافق ونطاق الخدمات التي تجريها وحدة غسيل الكلى، فتشتمل وحدات غسيل الكلى الدموي داخل المركز، حيث يصل عدد المرضى الذين يخضعون للغسيل الدموي لـ 230 مريضاً، فيما يصل عدد مرضى الغسيل البريتوني 30 مريضاً، وتتم عملية الغسيل من خلال وصل أنبوب غسيل الكلى بالغشاء البريتوني في البطن.

وأشارت إلى أن الغسل الدموي هي الطريقة الأكثر شيوعاً، وتتم عادة في المستشفيات، ويستخدم المريض جهاز الكلية الصناعية، التي تحتوي على فلتر يعتمد على تنقية الدم من السموم والشوائب، وتستغرق جلسة التنقية عدة ساعات، وتتم ثلاث مرات أسبوعياً ويستمر المريض في إجراء غسل الدم حتى يتمكن من إجراء عملية زراعة كلى.

وأما في حالة الغسل البريتوني فتتم عملية التنقية داخل تجويف البطن بواسطة محلول التنقية، ويعمل الغشاء البريتوني الذي يغلف تجويف البطن كالمصفاة، حيث ينقل جميع السموم والشوائب الموجودة في الدم إلى المحلول الموجود في تجويف البطن، بعدها يتم إزالة المحلول عن طريق الأنبوب، ويمكن تدريب المريض على استعمال هذه الطريقة في المنزل.

100

وأوضحت الدكتورة آمنة خليفة، أن العدد الجاري لمراجعي مركز غسيل الكلى الدموي 230 مريضاً بمعدل 100 مريض في اليوم الواحد، ويستقبل مستشفى دبي 400 مريض مصاب بدرجة من درجات الفشل الكلوي شهرياً في عيادة الكلى، منهم 250 مريضاً يقومون بمراجعه العيادة بعد زراعة الكلى.

نوعان

وبينت الدكتورة آمنة خليفة، أن هناك نوعين من الفشل الكلوي، الأول: الحاد الذي يطرأ على كلية سليمة، وذلك في وقت قصير وينتج عادة بسبب هبوط كمية الدم التي تصل إلى الكلية جراء نزيف أو فقدان حاد للسوائل أو هبوط في وظائف القلب أو تناول عقاقير أو أعشاب سامة للكلية.

وهذا النوع من الفشل الكلوي يرجى شفاءه غالباً إذا عولج سببه، ولكن في بعض الأحيان ينتج عنه فشل كلوي مزمن. وأما النوع الثاني: فهو الفشل الكلوي المزمن وأسبابه كثيرة منها وراثية وقد يكتشف المرض أثناء الطفولة أحياناً أو مكتسبة، ومن أكثر أسباب الفشل الكلوي المزمن داء السكري وارتفاع الضغط الشرياني والالتهابات الكبيبية الكلوية المناعية بأنواعها المختلفة، وانسداد المسالك البولية سواء كانت نتيجة لحصوات بولية أو أورام بمجرى البول أو أي سبب أخر يعطل تدفق البول.

وأشارت إلى أن الدراسات التي تجرى على مرضى الفشل الكلوي في مستشفى دبي بينت أن 49 % من حالات الفشل الكلوي سببها مرض السكري، وهي معدلات لا تختلف كثيراً عن المعدلات العالمية، إذ يعتبر مرض السكري السبب الأول لحالات الفشل الكلوي.

وتكمن خطورة هذا المرض في أن المريض قد يصل إلى حالة الفشل النهائي والحاجة إلى بدء الغسل الكلوي من دون الشعور بأي ألم. وقد تظهر بعض الأعراض كالإرهاق السريع من أقل مجهود والغثيان والقيء المستمر، ولكن غالبية المرضى يعتقدون أن هذه الأعراض ليس لها علاقة بوظائف الكلى.

تشخيص مبكر

وشددت على أهمية المحافظة على نسبة السكر الطبيعية من خلال الحمية الغذائية والأدوية المنتظمة بالنسبة إلى مرضى السكري، وأيضاً المتابعة الجيدة والكشف الدوري لوظائف الكلى ومعدلات الزلال بالبول، فهي تلعب دوراً مهماً في الحد من خطورة المرض.

مشيرة إلى أن ظهور الزلال في البول يعتبر أولى علامات تأثر الكلى بمرض السكري، لذلك، فإن التشخيص المبكر لهذه المشكلة أمر مهم، حيث أثبتت الدراسات أن البدء بتنظيم معدلات السكر واستخدام بعض الأدوية، التي ثبت أنها تحد من تأثر الكلى بمرض السكري، تعمل على حماية الكلى من خلال تنظيم معدلات الزلال البولي وضغط الدم.

أما إذا لم يتم الكشف المبكر عن تأثر الكلى، فإن نسبة كبيرة من مرضى السكري يتعرضون لقصور بوظائف الكلى، وقد يصلون إلى مرحلة الفشل النهائي والحاجة إلى عملية الغسل الكلوي.

آثار

وقالت بأن الفشل الكلوي من الأمراض التي تترك تأثيراً سلبياً في حياة الفرد والمجتمع لما لها من تأثيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة، ومن هنا تأتي أهمية التوعية بهذه المشكلة وأسبابها خصوصاً الأسباب التي يمكن منعها والسيطرة عليها كمرض السكري. وللأسف، تفتقد معظم المجتمعات العربية هذه التوعية فتجد معظم المصابين بمرض السكري يجهلون مخاطره على وظائف الكلى، وهنا يأتي دور الطبيب والإعلام للتنبيه عن هذه المشكلة وكيفية الوقاية منها.

اعتلال الكلى السكري

وبدوها تقول الدكتورة سيما عبد الله، أخصائي أول أمراض الكلى في مستشفى دبي، إن تزايد عدد المصابين بالفشل الكلوي ناجم عن ارتفاع نسبة السكر في الدم الذي يصيب أكثر من 19% من السكان في الدولة، مشيرة إلى أن جسم المريض يكون بطيئاً في استعمال الغلوكوز مما يزيد معدله في الدم، فتطرح الكليتان جزءاً من السكر الزائد في البول.

وأضافت: «تكون الإصابات باعتلال الكلى السكري بسبب الاضطرابات، التي ترتبط مع مرض السكري، ومن أهمها إصابة الأوعية الدموية الصغيرة في الكليتين واختلال وظيفة تصفية الدم من الشوائب وتدهور وظائف الكلى، التي تتطور إلى الفشل الكلوي التام».

السكر في الكليتين

وبينت أن الكليتين تعملان كمصفاة مكونة من مجموعة من وحدات التصفية "«الكليونات»، التي تصفي الدم من السموم والفضلات.

ويدخل الدم إلى الكليتين عبر أوعية دموية صغيرة تسمى بالأنابيب الشعرية التي تصاب بالانسداد، وبذلك لا يتم تصفية الدم بشكل صحيح وتصبح راشحة فتفقد منها البروتينات، التي يجب أن تبقى بالدم، وتذهب إلى البول مما ينتج عنه الزلال البولي الصفري، الذي قد يتدرج إلى مرحلة عجز الكلية النهائي.

ولا يظهر تضرر الكلى بالسكري إلا بعد مرور وقت طويل على الإصابة بداء السكري، خصوصاً في مرضى النوع الأول، حيث تبدأ الأعراض بالظهور أحياناً بعد 10 سنوات من الإصابة بالسكري، حيث إن الكلية تعمل بجهد مضاعف للتخلص من جميع السموم والفضلات من الدم، ولكن كلما مرت السنون زاد تضرر الكلية إلى أن تصبح غير قادرة على تحمل العبء، ونتيجة لذلك تبدأ أول أعراض الاعتلال الكلوي السكري، وهو الزلال البولي الصري، وتقدر كمية الزلال البولي في هذه الحالة بأكثر من 30 ملغم في اليوم.

فحص البول

وأضافت أنه عند مرضى السكري من النوع الثاني، يجب فحص البول للتحقق من وجود الزلال الصفري بمجرد اكتشاف مرض السكري، أما عند مرضى النوع الأول، فيتم فحص البول للزلال الصفري بعد التشخيص بـ 5 سنوات، ويجب أن يتكرر مرة سنوياً.

والطريقة الصحيحة لتجميع البول لفحصه من أجل الزلال، يفضل أن يكون عند أول بول في الصباح لتفادي الخطأ الناتج عن اختلاف كمية الزلال البولي. ويجب تجميع البول وفحصه مرة أخرى خلال 3 إلى 6 أشهر للتشخيص النهائي للمرض على أنه يعاني الزلال البولي الصفري كمرحلة أولى لإصابة الكلى بالاعتلال السكري، وعندها يجب القيام بفحص وظائف الكلى وقياس مستوى الكولسترول بالدم.

إنذار

وقالت إن اكتشاف الزلال البولي الصفري يدل على العلامة المبكرة لاعتلال الكلى السكري، وبينت الدراسات أن وجود الزلال البولي الصفري عند مرضى السكري يدل على احتمال وجود آثار في القلب والأوعية الدموية أكثر من غيرها، مصاحبة للمرض.

وكذلك دلت الأبحاث الطبية على أن مرضى النوع الثاني من السكري تزيد لديهم فرصة الإصابة بمرض شرايين القلب بنسبة الضعف إلى ثلاثة أضعاف إذا كانوا يعانون وجود كمية ضئيلة من الزلال البولي، أما إذا أصبحت تلك الكمية كبيرة فإن فرصة الإصابة بمرض شرايين القلب تزيد إلى عشرة أضعاف، وهي النسبة نفسها التي يتعرض لها مرضى النوع الأول من السكري.

علاج اعتلال الكلى

وقالت إذا لم يتم التدخل العلاجي السريع للحالات التي تعاني وجود الزلال البولي الصفري، فإن 80 % من مرضى السكري يزيد لديهم معدل الزلال البولي إلى أن يصل إلى أكثر من 300 ملغم في اليوم، ويتطور ذلك إلى مرحلة المتلازمة الكلوية ومنها إلى القصور الكلوي، وبذلك يصلون إلى مرحلة العجز الكلوي النهائي.

لأن ظهور زلال بولي عند مرضى السكري يدل على أن هناك تغيرات في الأوعية الدموية، التي تقوم بتصفية الدم والتخلص من الفضلات وكذلك ارتفاع ضغط الدم.

وهنا ينصح باستعمال علاج ضغط الدم المرتفع لإيقاف الإنزيمات التي تضيق الأوعية الدموية، وعندما ينخفض ضغط الدم في هذه الأوعية يقل تضرر الكلية وتقل كمية الزلال التي تترشح من الدم إلى البول إلى حد كبير. كما ينصح في التقليل من الملح وكذلك التقليل من البروتينات الحيوانية حسب نصائح وإشراف الطبيب المعالج وأخصائي التغذية.

وقاية

وتضيف الدكتورة سيما عبد الله بأن الوقاية من الاعتلال الكلوي ممكنة، حيث أثبتت الدراسات السريرية التي أجريت على المصابين بالسكري أن الإصابة باعتلال الكلى السكري تقل كلما قلت نسبة السكر التراكمي في الدم، كما أن الإصابة تقل كلما نقص ضغط الدم، وتقل الإصابة كلما نقصت كمية الكولسترول والدهون في الدم، كما لاحظت هذه الدراسات أن المدخنين أكثر عرضة للإصابة باعتلال الكلى السكري، وأن الذين يمارسون الرياضة البدنية بانتظام أقل عرضة للإصابة باعتلال الكلى السكري.

أعراض الإصابة

وحول أعراض الإصابة بالمرض قالت إن المريض قد لا يشعر باعتلال الكلى السكري بأي أعراض على الإطلاق، ولكن هناك بعض العلامات المرضية التي قد تدل على اعتلال الكلى السكري ومراحله الأولية مثل ظهور البروتين في البول، وارتفاع ضغط الدم وتدهور وظائف الكلى وحدوث تورم في الكاحلين وآلام في الساقين، وكثرة التبول في الليل.

وعندما يزداد المرض تدهوراً وتقل وظيفة الكليتين تدريجياً، يبدأ ظهور العلامات المتأخرة التي تدل على فشل الكلى كالغثيان والقيء وضعف الشهية للطعام ونقص الوزن، والضعف الجسماني والتعب المتزايد، والتشنجات العضلية في الساقين والحكة الشديدة في الجلد وانخفاض احتياج المصاب للأدوية الخافضة لسكري.

خدمات نوعية يقدمها قسم الكلى

قال مراد عبد الله، مواطن، في العقد السادس، ويعيش على الغسيل الكلوي الدموي منذ سنتين بمعدل 3 مرات أسبوعياً: «الخدمات التي يقدمها قسم الكلى للمرضى تعتبر نوعية خصوصاً بعد إدخال الأجهزة الحديثة، والحمد لله طيلة الفترة الماضية لم أتعرض لمضاعفات بفضل أنظمة التعقيم والتنقية الموجودة في القسم وهناك متابعة من الأطباء والممرضين طيلة بقاء المريض على الأجهزة».

ومن جانبه يقول سهيل عظيم وعمره 57 عاماً: «أصبت بمرض الفشل الكلوي منذ سنوات بسبب مرض السكري، وأعيش على الغسيل الكلوي 3 مرات أسبوعياً وبمعدل 4 ساعات لكل جلسة، والرعاية الصحية في مستشفيات هيئة الصحة في دبي عالمية».

وشكر سهيل العاملين في قسم الكلى على المعاملة التي يحظى بها. ونصح خميس علي مرضى السكري بضرورة مراقبة السكري وضغط الدم باستمرار وإجراء الفحوصات الدورية لأن هذه الأمراض تمتاز بطبيعتها الصامتة التي تنخر في الجسم دون إحساس المريض بأي أعراض.