لم يترك «البيزنس» باباً إلا وطرقه، ولم ينأ المرض عن هذا العالم الذي لا يعرف لغة أخرى غير المال ليتحدث بها ويسعى إليها بكل السبل، فتاريخ الطب مليء بأغرب قصص العلاج في العالم، وعلى الرغم من النوايا الحسنة والمحاولات الصادقة من قبل بعض مروجي الطب البديل، على مر السنين لإيجاد العلاجات المناسبة للأمراض والآلام التي يعاني منها الإنسان، إلا أن هناك بعض العلاجات الحديثة التي ظهرت على الساحة أخيراً، مثل العلاج برذاذ الملح والموسيقى والأضواء، فضلاً عن الخلطات التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها الكثير.

وما بين اختفاء وظهور وطلب ضعيف وآخر قوي على هذه العلاجات فضلاً عن الأعشاب الطبيعية، يبقى السؤال: هل العلاج بالطب البديل، كما يطلقون عليه، هو الآمن والأنسب؟ وكيف نستفيد منه؟.. قضية يطرحها «البيان الصحي»، للإجابة عن تلك التساؤلات، خاصة وأن الكثير من مروجي هذه العلاجات ليسوا أطباء، الأمر الذي قد يتسبب بمضاعفات خطيرة لمستخدميها قد تصل إلى الوفاة.

وفي هذا الإطار أكد أطباء في هيئة الصحة بدبي أن الطب الشعبي أو التكميلي لابد أن يكون باستشارة الطبيب المختص، ولكنه لا يغني عن العلاج الطبي، مشيرين إلى أن هناك العديد من الحالات المرضية التي تخلت عن الأدوية الطبية ولجأوا لممارسات الطب البديل فقط، ما أدى في البداية إلى استقرار الحالة الصحية فيما يسمى فترة «شهر العسل»، ثم تنتكس الحالة.

 

بلدوزر الشرايين

وأوضح الدكتور فهد باصليب رئيس قسم القلب في مستشفى راشد بدبي، أن الكثير من الخلطات الطبيعية والعشبية يتم تداولها عبر مقاطع فيديو في مواقع التواصل الاجتماعي من دون أساس علمي، والأدهى من ذلك أن مروجيها يؤكدون أنهم جربوها بأنفسهم وأنها أفادتهم لدرجة الشفاء التام ما جعلهم يستغنون عن العلاج الطبي نهائياً ومن دون رجعة.

وأضاف أنه كثيراً ما يتلقى أسئلة شائعة بين المرضى حول جدوى هذه الخلطات والعلاجات، إلا أنه ينصحهم بعدم الانسياق وراءها، والأولى استشارة الطبيب قبل تناولها، لافتاً إلى أنه لا ينكر أهمية الطب التكميلي جنباً إلى جنب مع العلاج الطبي.

وذكر باصليب مثالاً على إحدى الخلطات التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت مسمى «بلدوزر الشرايين»، وهي عبارة عن خلطة مكونة من الزنجبيل والثوم والليمون، ويؤكد مروجوها أنها منظفة للشرايين من الكولسترول والدهون، مدعومة بصور توضيحية للشرايين قبل وبعد تناولها، مشيراً إلى أن مثل هذه الخلطات لن تعطي النتيجة المتوقعة، كما يتوهم المريض، وإنما قد يكون لها آثار جانبية على المعدة، فضلاً عن أنها غير مبنية على أسس أو تجارب علمية.

معلومات مغلوطة

وقال باصليب إن الطب الشعبي أو التكميلي لابد أن يكون باستشارة الطبيب المختص، ولكنه لا يغني عن العلاج الطبي، خاصة وأن البعض يتداول معلومات مغلوطة من ضمنها أن عصير البقدونس أو عصير الملفوف يقضي على مرض السكري، وهذا ليس صحيحاً، مؤكداً أنه تابع العديد من الحالات في المستشفى من مرضى الضغط أو السكري الذين تخلوا عن الأدوية الطبية ولجأوا لمثل هذه الخلطات، التي أدت في البداية لاستقرار الحالة فيما يسمى فترة «شهر العسل»، ثم تنتكس الحالة.

وحذر باصليب من بعض مقاطع الفيديو المحتوية على خلطات علاجية، والتي يتداولها البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على سبيل المزاح أو المقالب، فيستخدمها المرضى وتؤدي إلى أضرار صحية بالغة، مهيباً بعدم إعادة نشر أو توزيع مثل هذه المقاطع خاصة المتعلقة بصحة الإنسان وسلامته.

إغواء وتضليل

من ناحيته أكد الدكتور أنور الحمادي استشاري الأمراض الجلدية ومدير مركز الأمراض الجلدية التابع لهيئة الصحة في دبي، أن الكثير من الشركات أو العيادات تستخدم مسميات تسويقية رنانة ومغرية لمنتجاتها لجذب المرضى، والباحثين عن الجمال، مثل «شامبو البوتكس»، أو «شامبو بالذهب» إذ لا يخفى على أحد تأثير البوتكس في إحداث النضارة، إلا أن احتواء الشامبو عليه لا يحدث هذا التأثير، وإنما استخدم فقط للإغواء والتضليل.

وأضاف أن بعض العيادات المعالجة بالليزر تغوي مرضاها بأن الأبر المستخدمة في جهاز الليزر مصنوعة من الذهب، لافتاً إلى أن المادة المصنوع منها إبر الليزر لن تحدث أي تغيير في نتائج العلاج وليس لها أي علاقة بذلك، وكذلك فهم يستخدمون كلمة «إبر النضارة» لجذب المريض لعلاجات تجميلية أخرى بهدف زيادة الربح.

وحذر من أن العلاج بالتبريد الذي يستخدم غاز النيتروجين يكون لعلاج الثأليل، إلا أنه قد يسبب تصبغات جلدية لذا يجب أن يتم من خلال طبيب مختص لتلافي أي أثار جانبية، مشيراً أيضاً إلى أن بعض العيادات تلجأ إلى نظام العلاج بالباقات التي تهدف في المقام الأول للربح المادي على حساب مصلحة المرضى.

كما حذر الحمادي كذلك من شراء بعض الكريمات المقشرة والمفتحة للبشرة التي تباع في البقالات، موضحاً أنها قد تكون مضرة كون طريقة تخزينها غير سليمة، فضلاً عن احتوائها على مواد ضارة، كما أن بعضها يحتوي على مواد يمنع استخدامها من قبل المرأة الحامل والأطفال الرضع.

وأهاب بعدم استخدام الخلطات المتداولة عبر مواقع التواصل لأنها قد تسبب تصبغات وحروق بالغة للجلد، مؤكداً أنه شهد العديد من الحالات ممن استخدموا هذه الخلطات وأصيبوا بحروق تطلبت فترة طويلة لعلاجها، مشيراً إلى أن كل بشرة تختلف عن الأخرى وما يصلح لمريض قد لا يصلح للآخر.

تجارب

من جانبها قالت الدكتورة علياء سيف المزروعي استشاري جراحة عامة وجراحة السمنة، والمدير التنفيذي لمستشفى راشد في دبي إن العلاجات الطبية لم تكن وليدة اللحظة بل هي نتاج تجارب ومراحل عدة، ومعتمدة من الهيئات والمنظمات الصحية العالمية، قبل أن يتناولها المريض، أما الطب البديل بالأعشاب وغيرها لم يمر بهذه المراحل.

وأضافت أن العلاج بالتدليك والأضواء وغير ذلك يعتبر علاجاً تكميلياً وتأهيلياً ولا يمكن أن نعتمد عليه وحده أو الاستعاضة به في علاج الكثير من الحالات المرضية، كما أنه يجب أن يتم من خلال أشخاص مؤهلين ومدربين.

علاجات تكميلية

بعيداً عن التدليك والزيوت العطرية والموسيقى التي تساعد على الاسترخاء فإن الكهف الملحي يعتبر أحد العلاجات القديمة المتجددة، حيث يعمل على تحسين الصحة العامة وتخليص الجسم من العديد من الأمراض الجلدية والتنفسية وغيرها، وذلك عبر استنشاق غبار الملح الخام الذي تم جلبه من بولندا، بحسب ما يؤكد علي أحمد الجباوي المدير التنفيذي لـ«الكهف الملحي» في دبي، مضيفاً أنه يحتوي على 83 نوعاً من أنواع المعادن تنفثه آلات معينة في جو الكهف ولا يمكن رؤيته بالعين المجردة.

ويؤكد الجباوي، أنه يعتبر أكبر كهف ملحي من صنع الإنسان في العالم، ويوفر علاجاً طبيعياً لنحو 18 مرضاً، مثل الصدفية والتهاب المفاصل والجيوب الأنفية وحساسية الصدر، والأكزيما، إضافة إلى القلق والحساسية ونزلات البرد والإنفلونزا والاحتقان والتهابات الأذن والتهابات الأنف، وتحسين التنفس للمدخنين السابقين، وحب الشباب، والأرق.

وأوضح أنه لا توجد أي آثار جانبية للعلاج بالملح الخام غير المكرر، بالإضافة إلى أنه يندرج ضمن العلاجات الطبيعية والقديمة المعروفة في شرق أوروبا، حيث كان الناس يجلسون في كهوف الملح الطبيعية تحت الأرض لأغراض الشفاء من أمراض الجهاز التنفسي والجلد، أما حالياً فقد أصبح مرتبطاً بالمستشفيات وتدريب المنتخبات الرياضية.

ولفت الجباوي إلى أن هناك حالات معينة لا يسمح لها بالخضوع لجلسات استنشاق غبار الملح الخام، تجنباً لأي أضرار، وهي النساء الحوامل، والمريض الذي يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، ومن لديهم وصفات طبية لتناول المسكنات أو المهدئات، والمصاب بارتفاع ضغط الدم والسرطانات المختلفة.

قبة سوما

وتمثل «قبة سوما» التي دأبت الإعلامية أوبرا وينفيري، على استخدامها لمساعدة موظفيها على تجديد طاقتهم وحيويتهم، تكنولوجيا جديدة للتأمل وإحداث تغيير جذري ونتائج مبهرة فيما يتعلق بالتخلص من القلق، هذا ما أكدته لمياء عبد العزيز خان مديرة نادي دبي للسيدات.

وتابعت: تجمع «قبة سوما» التي يوفرها النادي بين ثلاث ممارسات علاجية باستخدام التكنولوجيا الحديثة للتخلص من التوتر والإجهاد، والعمل على توازن العقل مع الجسد لمدة 20 دقيقة.

وذكرت أن لتصميم حركات مسار التأمل مع الممارسات العلاجية الثلاث في كل جلسة، دوراً كبيراً في تحقيق أقصى قدر من الاستفادة، وما على الشخص إلا اختيار واحدة من 8 جلسات مع الموسيقى المصاحبة، ومن بين الجلسات: الحب، الاجتياز، التركيز، الاسترخاء، الشفاء، النجاح، تجديد الطاقة، الصفاء الذهني.

وأضافت "بعد اختيار الشخص للجلسة التي يريدها تضيء قبة سوما بلون متناسق مع المسار الذي اختاره، ليدخل بعد ذلك في حالة من الاسترخاء على إيقاع الكلمات والأصوات المتناغمة، ولمزيد من الشعور بالراحة ما عليه إلا إطلالة النظر في سطح القبة، وستنتهي الجلسة مع 3 دقات، توقظ الشخص في حال كان قد غفى، وسيستقر لون القبة على اللون الأبيض".

وبينت لمياء أن نادي دبي للسيدات، يقدم مجموعة من العلاجات العصرية مثل العلاج بالتبريد، تشمل التقشير والتدليك بالكهرمان الذهبي، ومساج اللافا والأصداف الجليدية، فضلاً عن العلاج بلسعات النحل، وهي طرق غير تقليدية لإعادة الحيوية والنشاط ومنح الهدوء والاسترخاء للجسم.

علاجات غريبة

هناك الكثير من العلاجات الغريبة التي يتداوى بها البعض بشكل أو بآخر، مثل العلاج عن طريق الدلافين الافتراضية وتقتضي تلك الطريقة أن يستلقي الشخص على أريكة مريحة دون أن يغمض عينيه، ليشاهد دولفين افتراضياً وهو يثب ويسبح في الماء، على خلفية صوتية لصوت أمواج المحيط، بغرض الحصول على الاسترخاء العميق وتجديد الطاقة.

 

العلاجات البديلة

تستهوي بعض المرضى تخوفاً من آثار الأدوية

أكد عدد من الجمهور أن العلاجات البديلة فرضت نفسها مؤخراً وباتت تستهوي بعض المرضى، في ظل تخوف البعض من الآثار الجانبية لبعض الأدوية.

أبحاث

وقال ناصر أكرم إنه اطلع على الكثير من الأبحاث التي أثبتت أن بول الإبل نقي تماماً من أي سموم ويحتوي على أنواع معينة من البكتريا المفيدة والتي ترفع جهاز المناعة وتقتل الكثير من الميكروبات الضارة في أجسادنا، فضلاً عن احتوائه على مواد ذات تأثير فعال في علاج أمراض الرئة والصدر وبعض أمراض الدم المعروف باللوكيميا، بالإضافة إلى احتوائه على مواد مضادة للأكسدة تقي الجسم من أمراض مناعية كثيرة.

وبين أن بعض الأبحاث أيضاً أثبتت احتوائه على مركب يسمى «برادي كاينين» المسؤول عن بسط الشرايين واتساعها مما يساعد على خفض ضغط الدم ومنع الجلطات الدموية والذبحات الصدرية، وحماية عضلة القلب، فضلاً عن علاج الجروح والحروق والعديد من الأمراض الجلدية والفطرية.

طرق شعبية

بدوره أكد أسامة توفيق أنه سمع عن الكثير من العلاجات الغريبة وجرب بعضها مثل المسح على البطن بطريقة معينة، مشيرا إلى أن هذه الطريقة تعتبر من الطرق الشعبية وهي تهدف إلى علاج أمراض البطن والكبد.

أما محمد الحاوي فيقول: لا شك بأن العلاجات الطبية أمر لا غنى عنه على الإطلاق، إلا أن البعض يفضل اللجوء إلى العلاجات البديلة غير التقليدية مهما بدت غريبة لتحسين أوضاعهم الصحية، والحصول على حياة أفضل.

ولفت إلى أنه يلجأ في بعض الحالات للعلاجات الشعبية والطب البديل في معالجة أبنائه عوضاً عن الاعتماد على الأدوية والجراحة التي قد تخلف مضاعفات على صحة أبنائه.

خلطات

وأوضحت أسماء الشامسي أنها تلجأ للعلاج بالحمام الوردي، مشيرة إلى أنه عبارة عن حمام مغربي يعقبه نقع الجسم في كريم سائل لونه وردي الذي يعالج البشرة ويجدد خلاياها ويكسبها النعومة الفائقة فضلاً عن إكساب الجسم الشعور بالاسترخاء والراحة وإزالة التوتر وتجديد النشاط، لذا فإنها تحرص على الخضوع لهذا العلاج مرتين شهرياً.

ولفتت شيبة حسنين إلى أنها تعتمد في بعض الحالات على الطب البديل والعلاج بالخلطات المصنوعة من المواد الطبيعية، خاصة لأبنائها حتى تجنب أجسادهم الصغيرة الآثار الجانبية للمواد الكيميائية المصنوعة منها الأدوية، التي تؤثر سلبا وتضعف مناعتهم، وهو ما يفسر كثرة الأمراض المناعية التي لم توجد من قبل.

وأضافت أنها تعد شراباً لعلاج الكحة من منقوع مادة «اللبان» في الماء، كما تستخدم خلطات طبيعية لعلاج بشرتها من الليمون والعسل والتفاح وغيرها من المواد الطبيعية، لاعتقادها بأنها إن لم تنفع فعلى الأقل لن تضر.