ليس من الخطأ مكافحة التجاعيد، والمحافظة على النضارة والشباب لكي نبدو أجمل شكلاً وأصغر عمراً، من خلال عمليات التجميل، وليس عيباً أن نحارب الأمراض الجلدية، التي تشوه الشكل والمنظر، ولكن من الخطورة السعي وراء الموضة والصرعات وتقليد الفنانين والمشاهير، واللجوء إلى العطارين والمشعوذين لعلاج بعض الأمراض الجلدية المزمنة مثل الصدفية والبهاق أو استخدام أجهزة التسمير وغيرها، ما يسبب مضاعفات تنتهي أحياناً بالوفاة.

الدكتور مروان الزرعوني استشاري ورئيس قسم جراحة التجميل في مستشفى راشد التابع لهيئة الصحة في دبي، حذر من المضاعفات السلبية لبعض عمليات التجميل، والتي قد تؤدي إلى الإعاقة أو الوفيات في بعض الحالات، التي يتم إجراؤها بطريقة لا تتناسب مع حالة المريض الصحية، لافتاً إلى أن 70% من مراجعي قسم جراحة التجميل يرغبون في تخفيض وزنهم وعلاج الترهلات.

مسميات

وقال: «تظهر من وقت لآخر مسميات مختلفة لنوع واحد من العمليات، ومنها ينساق المتوهمون رغبة في إجراء هذه العمليات، فمثلاً نجد تغيير مسمى عمليات (شفط الدهون) إلى (نحت الجسم)، ولا يقف الأمر عند وسائل الإعلام غير المهنية، فهناك شركات كبرى تروج لأجهزتها كل فترة بمسميات متنوعة، فنجد أجهزة الليزر، الخاصة بتنظيف البشرة، هي نفس الأجهزة، تضاف إليها خدمة بمسمى جديد، فيقال (أجهزة التنظيف بالكربون)، وفي النهاية يحصل المريض على النتيجة نفسها، لكن إضافة (التنظيف بالكربون) بالطبع تجذب المزيد من (الزبائن)، وتفتح المزيد من الأسواق.

وحول عمليات التلاعب التي تقوم بها بعض المراكز قال إنه للأسف كثيرة، وأذكر منها مثالاً واحداً لعله يكفي، وهو عمليات (تكبير الثدي)، فمن المعروف أن قوانين دولة الإمارات وأنظمتها والضوابط المعمول بها تمنع وجود مواد مغشوشة أو زائفة، وخاصة المواد والمستلزمات الطبية، ومنها (السيليكون) المستخدم في عمليات (الثدي)، والذي يمتد عمره الافتراضي وتاريخ صلاحيته إلى 20 عاماً، في وقت يخدع بعض الأطباء مرضاه بأن عليه أن يبدل (السيليكون) كل عامين، وبذلك يضمن الطبيب، قائمة دائمة من (الزبائن) ودخلاً مادياً متواصلاً.

ونصح الجمهور بعدم الانجرار خلف الإغراءات، التي تقدمها بعض مراكز التجميل والإعلانات التجارية والترويجية، لإجراء أنواع معينة من جراحات التجميل التكميلية مشيراً إلى أهمية القناعة الشخصية للمريض بإجراء عملية التجميل وتعرفه على اسم وتخصص وخبرة الطبيب المعالج.

شفط وشد

وبدوره قال الدكتور قاسم أهلي استشاري جراحة التجميل في مستشفى راشد إن العمليات التجميلية تنقسم إلى قسمين منها ما هو جراحي مثل عمليات الشفط والشد والعمليات التجميلية غير الجراحية مثل الفيلر (الحقن المالئة) تستخدم في تضخيم الشفايف أو الخدين أو ما يسمى نفرتيتي وبعض العيادات تستخدم إبر غير مصرح بها طبياً مثل السيليكون وغالبا ما تحدث في الصالونات أو الشقق غير المرخصة.

وأضاف، إن ميزة الإبر أنها تعطي مفعولاً سريعاً ورخيصة لا تتعدى 4500 درهم للجلسة الواحدة ولكن مشاكلها كثيرة وخطرة نذكر منها التهابات، وتكور المكان، وتكيس، واختلاف من منطقة إلى أخرى، وعلاجها صعب جداً، حيث إن استخراجها يتطلب إزالة المادة مع الشحوم المحيطة بها، وهنا يدخل الشخص في مشاكل لا نهاية لها.

وقال هناك الكثير من المسميات الرنانة في سوق التجميل مثل مثل خيوط الذهب، والألماس، والكافيار وكلها خيوط طبيعية، ولكن الهدف منها جذب الزبائن.

إعلانات مضللة

وقال الدكتور أنور الحمادي استشاري الأمراض الجلدية ومدير مركز الأمراض الجلدية التابع لهيئة الصحة في دبي ورئيس شعبة الأمراض الجلدية في جمعية الإمارات الطبية، إن بعض مراكز وعيادات التجميل تتفنن في إعلاناتها وعروضها المغرية، التي لا تخلو من التضليل فمنها ما يدعي القدرة في القضاء على الصلع باستخدام حقن البلازما، ومنها ما يدعي القدرة تخفيف الوزن عن طريق الليزر والبوتكس، ومنها ما يدعي القدرة على تخسيس الوزن عبر أجهزة مخصصة لتدويب الدهون لتحسين القوام وغيرها، وفي ما يتعلق الأمراض الجلدية نوه بأن هناك أجهزة للتسمير ممنوعة في العديد من الدول مرخصة في الدولة، وهناك تجار للشنطة يمارسون التقشيير والتبييض والتنفييخ والبوتكس داخل المنازل حفاظاً على الخصوصية، مبيناً أن 90% من المترددين على مراكز التجميل من الإناث، بينما 10% رجال.

بلازما الدم

وتابع: «للأسف بعض العيادات والمراكز الجلدية تروج لتقنية بلازما الدم لعلاج الصلع الوراثي والتخلص من الهالات ومكافحة الشيخوخة علماً بأنها علاجات تكميلية، بعد علاج المشكلة الأساسية، مبيناً أن بلازما الدم تعتبر تقنية ناجحة لعلاج التهاب الجروح كما تستخدم في علاجات الطب الرياضي، ولكن الادعاء بنجاحها في علاج الصلع الوراثي وغيرها من المشكلات الجلدية التي تعود لتقدم العمر هي ادعاءات تفتقد إلى المصداقية، ولا يوجد لها أسس علمية ولم تثبتها الدراسات، مؤكداً أن نجاح حالة أو حالتين لا يعني بالضرورة تعميم التقنية على المرضى كافة.

وأضاف إحدى السيدات قامت باستخدام بلازما الدم للتخلص من هالات تحت العين، وتسبب لها بمضاعفات خطرة أدت إلى انسداد العينين بالكامل ما اضطرنا في مركز الأمراض الجلدية لاستخدام الكورتيزون لعلاج المضاعفات التي تسببت بها التقنية.

وأوضح ان بلازما الدم تفيد في تجديد وعلاج الأوتار والعضلات والغضاريف والمفاصل التالفة لأنها تحفز تجديد الخلايا وعلاجها عبر دم المريض نفسه، مُثبتة قدرتها على تخفيف الألم وتحسين الحركة في مناطق الكوع والرسغ والكتف والورك والركبة والكاحل وغيرها من المفاصل، فضلاً عن اعتمادها في الطب الرياضي وغيرها من مشكلات العظام والعضلات الصحية، ولكن ليس في مكافحة تساقط لشعر الوراثي والصلع.

فصل المكونات

ولفت إلى أن تقنية بلازما الدم تتم بالعيادة بأخذ عينة دم من المريض، ويتم فصل مكونات الدم للحصول على البلازما بأفضل المواصفات (للحصول على أكبر عدد ممكن من الخلايا الجذعية وهرمون النمو والأحماض الأمينية)، ومن ثم يتم حقن هذه البلازما في المنطقة المراد علاجها، وقد تعطي نتائج إيجابية في بعض الحالات، ولكنها لا تفيد إطلاقاً في علاج الصلع.

أجهزة التسمير

وقال مدير مركز دبي الأمراض الجلدية إن بعض مراكز التجميل تستخدم أجهزة تسمير البشرة والتي تمنح اللون «البرونزي»، وتلقى إقبالاً كبيراً من الفتيات والمراهقات، علماً بأن جميع الدراسات أثبتت بشكل قاطع أن أجهزة التسمير تحمل ضرراً كبيراً على الجلد، نظراً لعلاقتها الوطيدة بسرطانات الجلد على المدى البعيد.

ولفت إلى أن عدداً من الولايات الأميركية منعت مثل هذه الأجهزة، ولا تسمح بافتتاح مراكز متخصصة بالتسمير، مشيراً إلى وجوب منع ترخيص مثل هذه المراكز، خاصة أن لها أضراراً ومضاعفات على المدى القريب والبعيد، تتمثل في إحداث حروق للجلد، إلى أن تصل على المدى البعيد بسرطانات الجلد، وهو ما أكدته جميع الأبحاث والدراسات العلمية.

دراسة

وأكد أن دراسة حديثة نشرت نتائجها مؤخراً، بينت أن استخدام أجهزة التسمير «سولاريوم» تحت سن الـ 35 يضاعف خطر الإصابة بسرطان الجلد بنسبة تصل إلى 78%، حيث ذكر موقع «هلث داي نيوز» أن الباحثين في «معهد أبحاث الوقاية الدولي» بمدينة ليون الفرنسية، وجدوا أن الأشخاص الذين يستخدمون أسرّة التسمير الصناعية لاكتساب لون جلدي أسمر، يزيد خطر إصابتهم بسرطان الجلد بنسبة 20%، وقد تصل النسبة إلى 78% لدى من لم يتخطوا الـ 35 عاماً.

وقال، إن علاج التجاعيد عن طريق البوتكس والفيلر يعتبر من افضل الحلول ولكن بمجرد البدء به فعلى الشخص أن يأخذ بعين الاعتبار أن الفترة الزمنية لفعالية البوتكس هي ستة أشهر وبعدها يجب إعادة الحقن بمعنى آخر «باب انفتح» وعلى المركز إخبار السيدة بذلك، ولكن للأسف الكثير من المراكز لا تقوم بإبلاغ السيدات بأنه يتعين إجراؤها كل ستة أشهر وهو ما لا يتماشى مع أخلاقيات مهنة الطب، مبيناً أنه في استطلاع بسيط أجراه المركز حول عمليات تضخيم الشفاه والخدود أفاد 58% من المستطلعة آراؤهم بأن الطبيعي أحلى، فيما قال 21% إنها مقززة، 11% أحلى إذا كانت الشفاه صغيرة و10% تزيد الجاذبية.

الشعوذة

وقال الدكتور الحمادي، إن هناك محلات تبيع خلطات عشبية وكريمات مقلدة للأسف أمام أعين الجهات الرقابية، بعضها يدعي القدرة على علاج 14 مرضاً دفعة واحدة، وبعضها الآخر يدعي القدرة على علاج الصدفية والبهاق والثعلبة، وتباع في الأماكن العامة، وهناك بقالات تبيع مواد لتفتيح البشرة تحتوي على مدة الهايدوتينون، علماً بأنها تحتاج إلى شروط تخزين حالها حال الأدوية، ويقبل عليها المرضى من أصحاب المشاكل المزمنة من باب أنه مستحضرات عشبية إن لم تنفع لا تضر، لافتاً إلى أن الكثير من هده المستحضرات تسببت بمضاعفات خطرة لبعض المرضى.

وبين أن هناك أدوية وعلاجات تخفف من شدة البهاق، الذي يعد من الأمراض المزمنة، حاله في ذلك حال السكري وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض المزمنة التي لا تزيد نسبة فعالية الأدوية في علاجها عن 60%، أما الادعاء بأن هناك علاجات فعالة وجذرية فهي مرفوضة، وغير مثبتة علمياً، مؤكداً عدم وجود علاج فعال لعلاج البهاق نهائياً، ولكن يوجد بعض العلاجات، التي تساعد على التخفيف من أعراض ومنها، استخدام الأدوية ومثبطات المناعة ومضادات الالتهاب مثل الكورتيزون.

خلطات

قال الدكتور أنور الحمادي أن ما تتناوله مراكز الأعشاب حول وجود خلطات تعالج الصدفية بشكل تام ما هي إلا إعلانات مضللة تستغل حاجة المرضى لإيجاد حل سريع للمرض.

وأوضح أن للمرض آثاراً سلبية وخطرة، من الممكن أن تحول حياة حامل المرض إلى جحيم إذا استسلم للمرض، أو لاحق الإعلانات التي لا هدف لها إلا استغلال الأوضاع النفسية لمرضى الصدفية لتحقيق الثراء السريع على حساب المرضى والمحتاجين.

 

المظهر المثالي وإرضاء الأزواج أبرز أسباب النساء

الانفتاح الإعلامي وثورة وسائل التواصل الاجتماعي المتهمان الرئيسان في فتح شهية الراغبات بالوصول إلى الشكل المثالي، وخوض تجارب الشفط والنفخ والتكبير والتصغير والتقويم، وكل أنواع التغييرات على أجسامهن، فبات الطلب على العمليات التجميلية يلقى رواجاً.

وقالت بسمة توفيق أن المظهر، يترك الانطباع الأول لدى الغير، إذ إن المظهر يؤثر بشكل كبير على الحالة الاجتماعية للشخص وخاصة المرأة، في ظل التنوع الهائل بين الجنسيات، ما يدع المجال مفتوحاً أمام الرجل للمقارنة.

ميزات

أما أمل الحداد فهي لا تؤيد عمليات التجميل إذا لم تكن في محلّها، وتوضح أنها ضد هذه الممارسات، التي تحول النساء إلى مستنسخات بنظرها، قائلة: «كل فولة وليها كيال»، أي أن كل امرأة ولدت بميزة شكلية خاصة يجب المحافظة عليها، لكن إذا وجد تشوه خلقي كبير فيستحسن التحسين لا التغيير الكامل.

وتشعر آسيا محمد بالأسى الشديد قائلة: للأسف الشديد لقد انجرفت وراء الإعلانات الرنانة، التي تحث المرأة على تحسين شكلها واستجابة لنداء ذاتي بأن أكون في عيون زوجي مثالية الجمال رغبة في الحفاظ على بيتي وأسرتي، حيث كنت أشعر دوماً بأن شكل أنفي بحاجة إلى تعديل وتجميل على الرغم من نصائح بعض صديقاتي اللواتي نصحنني بعدم الخضوع لأي عمليات تجميل لأن شكل أنفي لا يحتاج لذلك.

وتضيف قائلة: لكنني لم أستجب لهذه النصيحة خاصة أن طبيبي أقنعني بأن ذلك سيكون أفضل بكثير، إضافة إلى أنه جعلني أشاهد شكل الأنف الجديد شاشة الحاسوب، الأمر الذي شجعني على دفع مبلغ كبير يقترب من 30 ألف درهم، لكن للأسف لا تأتي الريح دوماً بما تشتهيه السفن، إذ إنني فوجئت بحدوث اعوجاج في شكل الأنف بطريقة ملحوظة، ولم تفلح معها العلاجات الطبيعية، ما اضطرني للخضوع إلى عملية أخرى لتجميل وتعديل اعوجاج الأنف، ولكنها تحسنت بنسبة 80 % فقط.

جلسات

ولم تكن بدرية محمد بأحسن حالاً من آسيا إذ دفعتها الأسباب، للخضوع لجلسات ليزر لعلاج البشرة في إحدى المراكز الطبية، كانت سبباً في حدوث تشوه كبير في الوجه، جعلها تخضع لعلاجه مدة طويلة، وأشارت إلى أنها رفعت قضية على هذا المركز، وتم التحقيق فيه ليتبين أن العاملين على جهاز الليزر لم يكونوا من المتخصصين، وتم الحكم بتعويض دفعه المركز لها، ولكنه لم يستطع أن يعوضها عن مشاعر الأسى والضرر النفسي، الذي تسبب فيه لها طيلة هذه الفترة.

أما (ن.م) التي رفضت ذكر اسمها فأشارت إلى أنها أدمنت عمليات التجميل، بعد أول جراحة أجرتها، ولاحظت ومن حولها تغييراً ملحوظاً في شكلها، وأثنى على هذا التغيير الكثيرين، وهذا الثناء جرها إلى إجراء المزيد من العمليات في أماكن متفرقة من الجسم، وتقول إنها راضية عن نفسها الآن، وتشعر بالثقة بالنفس، وهذا انعكس إيجاباً على علاقتها بأسرتها وأصدقائها، وعملها أيضاً.

 

 

عبد الله الكمالي: المبالغة تخالف الشرع

أوضح الدكتور الشيخ عبد الله الكمالي مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدبي، أن الله عز وجل خلق الإنسان في أبهى صورة وأجمل شكل، حيث قال عز وجل «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم»، ومع ذلك لم يمنع البشر من التجمل والزينة اللذين يعتبران فطرة في نفس كل إنسان.

وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «إن الله جميل يحب الجمال»، مشيراً إلى أن هناك 3 فئات من الناس في مسألة التجمل أولها فئة لا تعتني بالتجمل مطلقاً وهذا أمر غير طيب، أما الفئة الثانية فهي تبالغ بالزينة والتجمل وهذا أيضاً غير محمود، لذا فإن خير الأمور الوسط والاعتدال، إذ إن المبالغة في الحرص على التجمل أوقعت البعض في مسألة عدم الرضا والقناعة بالشكل، متناسين أن الجمال الحقيقي يكمن في جمال الروح والنفس.

وأضاف أن تهافت البعض على عمليات التجميل، وخاصة النساء حتى ولو لم تكن مضمونة صحيا، إذ إن الأطباء أنفسهم يوصون بالبعد عنها لخطورتها على صحة الإنسان، لافتاً إلى أن هذا التهافت والمبالغة مرفوضة وتخالف الشرع والدين.

وقال إن الحرص على الجمال لا يدفع الإنسان للإفراط في الصحة واستخدام أمور غير صحية مما يؤدي إلى عواقب غير محمودة.