كثيراً ما تنصح المرأة المرضع بتجنب أنواع معينة من الطعام أو الشراب، بحجة أنها تسبب ضرراً بصحة طفلها. كأن يقال لها مثلاً: "تجنبي أكل الملفوف، فهو يسبب المغص لطفلك"، أو "ابتعدي عن القهوة، فهي تسبب له مشكلة الأرق".. فهل هذه النصائح وغيرها مجرد أقاويل تتوارثها النساء جيلاً بعد جيل؟ أم هي حقائق أثبتتها الدراسات التي أجريت في هذا الشأن؟ وما هو الطعام الأمثل للمرأة في هذه المرحلة؟

إليك أكثر 6 أسئلة تطرحها الأمهات اللواتي يفضلن الرضاعة الطبيعية لأطفالهن:
 
هل يفترض بالمرأة المرضع زيادة كمية الماء التي تشربها خلال اليوم؟
المهم هو أن تتناول كمية من الماء اللازم لإبعاد الإحساس بالعطش عنها؛ فأثناء إعطاء الأم ثديها للطفل، يفرز جسمها هورموناً يسمى "أوكسيتوسين"، وهو الذي يزيد من رغبتها في تناول الماء. لذا، فقد تكون فكرة جيدة، أن تضع الأم إلى جانبها كوباً من الماء أو أي مشروب آخر أثناء كل رضعه. أما عن شرب الماء بكمية كبيرة أو حتى عدم تناوله بشكل كاف، فهو لا يؤثر، وفي أي وقت من الأوقات، في كمية الحليب التي تنتجها الغدد. فجسم المرأة سوف يقوم بنفسه بتنظيم مخزونه من السوائل، ووضع إيقاع معين لإنتاج الحليب. أما إذا كانت المرأة تريد معرفة ما إذا كانت تشرب بشكل متوازن، فبإمكانها ملاحظة لون البول عندها. فإذا كان اللون الأصفر بالكاد يرى، فهذا يعني أنها تشرب كفاية. أما إذا كان لونه أصفر داكناً، فهذا قد يشير إلى أن جسمها يعاني الجفاف، وعليها بالتالي الإكثار من الماء.

هل تحتم الرضاعة على الأم، زيادة في نسبة السعرات الحرارية التي تحصل عليها؟
إن جسم الأم مهيأ بشكل فعال لإنتاج الحليب، حتى من غير زيادة في السعرات الحرارية. إلا أن منظمة الصحة توصي بزيادة الأم المرضع 300 كالوري على مدخولها من الطاقة خلال الستة أشهر الأولى من عمر الطفل. ومن ثم حوالي 400 كالوري عند بلوغه السبعة أشهر ومن ثم السنة من عمره (أو لغاية العمر التي تقرر الأم فيه فطام طفلها). ولا تعد هذه الكمية المضافة كمية كبيرة، فهي تعادل وجبة طعام خفيفة تضاف إلى نظامها الغذائي اليومي. وقد يكون من الطبيعي أن تؤدي الرضاعة إلى زيادة في شهية الأم نحو الطعام، أما في الحالات التي يحدث فيها العكس مثل عزوف المرأة عن الأكل نتيجة مرورها بحالة «اكتئاب ما بعد الولادة»، فإن ذلك يتطلب استشارة سريعة من الطبيب لطمأنتها ومساعدتها في تخطي حالة القلق والضغط النفسي التي تمر بهما، واللذين يؤثران سلباً في عملية الإرضاع عندها.

هل بإمكان المرأة فقدان بعض من الكيلو غرامات خلال فترة الرضاعة؟
نعم، شرط أن تتمتع الأم بصحة جيدة، حينها يكون فقدان الوزن الذي اكتسبته خلال الحمل أمراً طبيعياً ومتوقعاً. وفي حال كانت الخسارة حوالي أوقيتين في الأسبوع، فهذا لا يؤثر سلباً في عملية إنتاج الحليب. أما في حال اتباعها حمية قاسية، فسوف يكون لذلك تداعيات غير محمودة. لذا، فإن الوسيلة المضمونة لخسارة الوزن الزائد، هو اعتماد نظام صحي ومتوازن، والقيام ببعض التمارين التي تساعدها في العودة إلى شكلها السابق. على أن تبدأ بتمارين بسيطة، ثم تزيدها كماً ونوعاً بعد مرور ستة أو ثمانية أسابيع بعد الولادة.

هل هناك أطعمة معينة على المرضع الابتعاد عنها؟
يمكن للأم أن تأكل من كل الأطعمة، ولكن باعتدال. أما عن القواعد التي تحرم هذا الصنف وتشجع على صنف آخر، فإنها مجرد أقاويل مأخوذة عن عادات ومعتقدات وتقاليد، ولا ترتبط بتفسيرات علمية واضحة. وإذا شكت الأم بأن نوعاً معيناً من الطعام، هو المسؤول عن آلام البطن عند طفلها (تناولها حليب البقر مثلاً)، فإن بإمكانها استبعاده من وجباتها وسؤال الطبيب عن بديل له، ولفترة معينة لملاحظة الفرق. ثم إعادة إدخاله إلى نظامها بعد شهر أو اثنين. ونذكر هنا، بأن ما ينطبق على طفل ما، لا ينطبق بالضرورة على طفل آخر. فالملفوف والبصل اللذان قد يسببان تشنجات في الأمعاء عند أحدهم، قد لا يؤثر بشيء في طفل آخر. كما نشير إلى أن آلام البطن عند الطفل، قد تكون مجهولة السبب في كثير من الأحيان، وقد يكون سببها سرعة الطفل أثناء الرضاعة من ثدي أمه، أو أنه لم يرضع بشكل كافٍ. أما عن النظريات الأخرى التي تقول بأن أنواعاً معينة من الطعام قد تسبب حساسية عند الطفل في حال تناول الأم لها (مثل الفول السوداني)، فإن أياً من الدراسات لم تثبت أن ما تأكله الأم، يؤثر في ظهور حساسية طعام عند الطفل.

هل يفضل تناول (مكملات– فيتامين) في مرحلة الرضاعة؟
احتياجات المرأة الغذائية تختلف بشكل بسيط بين فترة الحمل وفترة الرضاعة. فمثلاً تصبح حاجتها أقل للحديد، بينما تزداد حاجتها للزنك. لذا نجد أن هناك أطباء يصفون للأم المرضع مكمل – فيتامينات متعددة ومن بينها فيتامين د. كما أنه يمكن للأم متابعة تناول الفيتامينات التي كانت تأخذها أثناء فترة الحمل، فهي تفي بالغرض.

ما هو الطعام الأفضل بالنسبة للمرضع؟
إن الطعام المتوازن هو المطلوب، ليس في مرحلة الرضاعة فحسب، وإنما في كافة مراحل الحياة. ويمكن اختصاره على الشكل الآتي:
مدخول بروتين 60 – 80 غ لليوم، (10 - 15% من الحاجة الطاقة)
مدخول دهون 80 غ لليوم، (30 - 35% من الحاجة للطاقة)
مدخول سكريات 340 غ لليوم، (50 - 55% من الحاجة للطاقة)
كما أنه ينصح بأن يكون مدخول الحليب ومشتقاته لا يتخطى 750 مل لليوم. وهو يؤمن حاجة المرضع للكالسيوم والتي تبلغ 1200 ملغ يومياً.

للمزيد من أحداث الدراسات التي تربط بين ممارستنا اليومية وأوضاعنا الصحية اطلعي على المضمون المنشور تحت وسم #جسمي_يتفاعل.