لا يختلف اثنان على دور الوالدين في تربية أبنائهم؛ فهي مهمة مشتركة بلا شك، لكن لو تمعّنا أكثر في تأثير تربية الأب لابنته، وشكل علاقتهما في تحديد شخصية الفتاة سنجد بالتأكيد العديد من الأسس والظروف والمعايير التي تلف هذه العلاقة الأسرية، وانطلاقاً من هذه الفكرة يشير د. أبو القاسم سعد، استشاري الطب النفسي، إلى أهم المرتكزات المعنوية التي يجب أن يتحلى بها كل أب تجاه ابنته في زمن أصبح مليء بالمغريات والفتن.



عميد الأسرة

تختلف طبيعة علاقة الآباء ببناتهم وفقًا لأمور كثيرة منها مدى الوعي والثقافة، وكما تقول الحكمة "كل فتاة بأبيها معجبة"، لهذا نستطيع تحديد نجاح العلاقة بينهما كلما توافرت البيئة الإيجابية التي تدعم روح الحب والمودة بينهما، فالأصل وكما هو معروف أن الأب هو عميد الأسرة، والباب الأول لدخول كافة العلاقات الاجتماعية لباقي أفراد الأسرة، فالجيران والأقارب والأصدقاء والناس المحبة جميعهم يدخلون من بوابة رب العائلة؛ ألا وهو الأب، ومن هنا تتفرع العلاقات الاجتماعية، وتبرز متانتها وسلامتها لتؤثر بصورة مباشرة في العائلة بكل مكوناتها.

الفتاة في طبيعة حياتها هي صورة معكوسة عن علاقة أبيها وأمها في المنزل، فمتى كانت علاقة الأبوين هي علاقة سليمة منسجمة، ومتوافقة، بالتالي ستكون الفتاة صورة طبق الأصل عنهما. ويأتي دور الأب بالخصوص في تعزيز المفاهيم الحياتية في داخل ابنته التي ستمضي في يوم ما بمفردها لتدرس وتعمل وتتزوج وتربي وتصبح أماً تحمل رسالة التربية بحق وبكل التزام.

فيجب على الأب أن يكون قدوتها في الصدق والأمانة واحترام الآخرين، والكرم، وعدم الدخول في المشاكل وكيفية حلها، لهذا فإن البنت بالرغم من كونها صديقة أمها إلا أنها تراقب بعينها وتستشعر بقلبها تصرفات أبيها وشخصيته الحقيقية التي ستعشعش في مخيلتها رغماً عنها؛ فالذي أمامها هو الأب الرجل الأقرب في حياتها.



رسالة إلى كل أب

على الأب أن يعي جيداً أن علاقته بابنته هي المحرك الأول لنجاحها في الحياة واجتيازها لأكبر المشكلات، فالتربية لا تكون فقط بإعطاء النصائح للفتاة وكثرة التوجيهات؛ فالكلام يبقى مثل حاله ما لم يتحول إلى واقع يستثمره الأب بالشكل الصحيح ليثمر في شخصية ابنته تألقاً وثقة ونجاحاً، وتبقى أيها الأب مطمئناً عليها وتتيقن بأنها مع الأيام ستتحمل مسؤولية حياتها بكل تفاصيلها، وتكون أكثر حذراً في التعامل مع محيطها الخارجي والاجتماعي، لتصنع في قلبها ذاك المستقبل الباهر الذي تستحقه.

لا تتردد في عرض تجاربك السابقة على ابنتك، وخاصةً في المرحلة التي تسبق النضوج الفكري، وهي المراهقة، لأنها في هذا العمر الحرج والحساس في التكوين النفسي والعقلي وهو في الغالب ما بين 15 إلى 17 سنة، تتجه بلا وعي إلى شخصية جديدة ستكون أنت البطل الأول فيها، الذي سيوثر في أفكارها وقناعتها بكل ما يدور حولها، فهي تراك مركب الحياة وقائد السفينة، وتستمد قوتها منك لتمضي في دورب الحياة بثقة أكبر وعزيمة لا تلين ولا تعرف الفشل.

للمزيد من أحداث الدراسات التي تربط بين ممارستنا اليومية وأوضاعنا الصحية اطلعوا على المضمون المنشور تحت وسم #جسمي_يتفاعل