السعي خلف النجاح وتحقيق الذات المهنية؛ هي آمال لا تخبو فينا، وكما أن الحياة لا تحلو من دون روح الأمل والتفاؤل، كذلك صياغة التميز لا تكتمل بلا روح داعمة، وقد يترجمه ما يسمى بالنصف المهني. يعتقد البعض أن المضي في دنيا الأعمال، وإبراز المهارات المهنية وتحقيق النجاح يعتمد بالمقدمة على قدرات الفرد الخاصة ومواهبه البحتة، هذا صحيح وهو إنجاز رائع، لكن ماذا لو وجد نصف مهني داعم يلازم مسيرة الفرد المهنية بشكل حقيقي وفعال، ماذا لو شكل هذا النصف طاقة محركة مليئة بالدعم، هل نعترف أنها أنصاف تكملنا ولا غنى، أم أنها تبقى على هامش الحياة المهنية فقط.
فرص التغيير
لا شك أن فرصة التغيير في هذا العالم تحتاج إلى دعم لا محدود. هذا الدعم قد يأتي من أنصاف مانحة هم في الحقيقة أشخاص قريبون منا يرسمون علامات فارقة في دروب العمل المهني، أو لربما هناك من يساند نفسه بنفسه دون الاضطرار إلى نصف بشري آخر، وهنا قد يستعيض عن دور النصف الآخر بجملة من المفاهيم والمعاني التي تشكل نظرة فلسفية تتسع إلى أن تستوطن الروح والفكر، مُشكلةً بهذا دائرة معنوية متينة، وبين هذا وذاك لا تزال معادلة النجاح المهني سجينة الأنصاف باختلاف تكويناتها ومعانيها.
كنز المحبة
"محبة الناس نصف غال لا يقدر بثمن"؛ هكذا تعبر الإعلامية المصرية، هبة الأباصيري، عن أثر هذا النصف الخفي ليضعها على طريق الإنجازات، فقبول الناس ومحبتهم كنز لا يوصف، ونعمة من أهم النعم، فلولا هذه المشاعر الصادقة مع الآخر لما تمكنت، كما تصف، من تحقيق النجاح، والتغلب على تحديات المهنة، ومصاعب العمل الإعلامي.
أصدقاء الدرب
في حياة المطرب التونسي لطفي بوشناق، توجد أنصاف مهنية حقيقية هم أصدقاؤه الذين واصلوا معه رحلة النجاح خلال مسيرته الفنية، يقول: "النصف المؤثر في حياتي هم رفاق الكلمة واللحن والإحساس، فقد خضت تجربة الحضرة مع صديقي فاضل الجزيري لجمع الغناء الصوفي التونسي القديم، وقدمت المألوف التونسي والابتهالات الدينية. كما انتهجت رؤية جديدة في الأغنية التونسية برفقة الشاعر آدم فتحي فمزجت بين العاطفي والسياسي وبين الموسيقى الأصيلة والاجتهادات المجددة، ولولا تمازج هؤلاء الأنصاف في حياتي الفنية لما تركت بصمات واضحة، وهذا هو الدور الأهم لنصفنا المهني".
الأنصاف المثبطة
على العكس قد يكون هذا النصف سلبي للغاية كما تصف المذيعة ليال عبد الله، الأنصاف المثبطة في حياتها المهنية وأسلوبها في التخلص من طاقته المؤذية؛ فهي تعرف تماماً كيف تحمي أفكارها وشخصيتها الإعلامية من التأثر بهذا النصف المحبط، بأن تحول الإحباط إلى داعم، وتجعل من التشويش نقطة انطلاق جديدة وملهمة.
جيزيل والمشوار المهني
اللبنانية جيزيل حبيب؛ مشوارها المهني طويل جداً، وخبراتها العملية لا تعد، فهي تدرك تماماً أن لا نجاح من دون تعب، ولا تقدم بلا عقبات، تعيد بناء النصف المهني في داخلها مع كل تجربة إعلامية جديدة، فهي لا تستلهم نصفها من أحد، بل تبحث عنه في داخلها، بين مواهبها وقدراتها المتنوعة، وتقول: "مشواري المهني طويل جداً، ودخلت إلى عالم الإعلام وكنت ما أزال فتاةً يافعة، وبداية مشواري كانت في تلفزيون LBC ثم انتقلت إلى MBC وقناة العربية التي جعلتني مذيعةً عالمية، وأدخلتني إلى كل بيت عربي، ولم أشعر أبداً خلال مسيرتي المهنية بأني وقفت في مفترق طرق، أو خيّرت بين أمرين، بل كان انتقالاً مهنياً سلساً وكل مرحلة شكلت تجربةً جيدةً لي".