تيم برادشو
قال هوك تان، الرئيس التنفيذي لشركة «برودكوم»، إن شركات التكنولوجيا الكبرى ستواصل إنفاقها الجنوني على الذكاء الاصطناعي حتى نهاية العقد الحالي. وكانت القيمة السوقية لشركة «برودكوم» تجاوزت حاجز التريليون دولار بسبب تزايد اهتمام المستثمرين بأعمالها المتعلقة برقائق الذكاء الاصطناعي.
وأضاف تان أن عملاءه في وادي السيليكون يسارعون لوضع خطط استثمارية للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي تمتد لثلاث إلى خمس سنوات، مشيراً إلى أنهم يستثمرون بكثافة، وأنهم سيتوقفون فقط عندما تنفد أموالهم أو عندما يضع المساهمون حداً لهذا الإنفاق.
تصريحات تان جاءت بعد أن شهدت أسهم «برودكوم» ارتفاعاً بنسبة 24% يوم الجمعة الماضي، بعد إعلانها عن زيادة بنسبة 220% في إيراداتها من الذكاء الاصطناعي، التي بلغت 12.2 مليار دولار في العام المالي 2024.
وعزز هذا الارتفاع قيمتها السوقية بأكثر من 200 مليار دولار، لتتجاوز الشركة حاجز التريليون دولار لأول مرة. وأوضح تان للمستثمرين أن إيرادات الشركة من رقائق الذكاء الاصطناعي قد تصل إلى عشرات المليارات سنوياً بحلول عام 2027.
ولم تفصح «برودكوم» عن هوية عملائها في مجال الرقائق، لكن المحللين يؤكدون أن الشركة التي يقع مقرها في وادي السيليكون قد تعاونت مع «غوغل» و«ميتا» و«بايت دانس»، الشركة الأم لـ«تيك توك»، لتطوير معالجات مخصصة تسرّع عملية تدريب وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي.
ويُعتقد أيضاً أن شركتي «أوبن أيه آي» و«آبل» تعملان مع «برودكوم» لتطوير رقائقهما الخاصة بخوادم الذكاء الاصطناعي، مع سعي شركات التكنولوجيا لإيجاد بدائل لـ«نفيديا»، صانعة الرقائق التي تبلغ قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار وتسيطر على السوق بفضل معالجاتها القوية اللازمة لتدريب النماذج اللغوية الكبيرة.
وأثار تاريخ هوك تان الطويل في صناعة أشباه الموصلات وسلسلة صفقاته الناجحة تكهنات في وادي السيليكون بأن «برودكوم» قد تسعى للتدخل لإنقاذ «إنتل»، صانعة الرقائق الأمريكية التي تواجه مشكلات بعد استقالة رئيسها التنفيذي بات جيلسنجر بشكل مفاجئ هذا الشهر، إلا أن تان نفى احتمالية تقديم «برودكوم» عرضاً لـ«إنتل»، مشيراً إلى انشغال شركته بمجال رقائق الذكاء الاصطناعي.
وقال تان: «هذا المجال يستحوذ على معظم تركيزي ومواردي»، وأضاف أنه لم يُطلب منه «التدخل» لإنقاذ «إنتل»، ولا يمكنني إبرام صفقة إلا إذا كانت قابلة للتنفيذ. بالنسبة لي، فإن قابلية للتنفيذ تعني أن يأتي شخص ما ويطلب مني ذلك. منذ صفقة كوالكوم، تعلمت شيئاً واحداً: لا للعروض العدائية.
في عام 2018، تدخل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمنع عرض استحواذ عدائي بقيمة 142 مليار دولار قدمته «برودكوم» لشراء «كوالكوم»، في خطوة غير مسبوقة.
وانشغل تان بمتطلبات دمج شركة «في إم وير» للبرمجيات السحابية بعد استحواذ «برودكوم» عليها العام الماضي بقيمة 69 مليار دولار. ومع ذلك، أشار إلى أنه يظل «منفتحاً على عمليات استحواذ محتملة» في مجالي الأجهزة أو البرمجيات، مضيفاً: «نحن في مرحلة التقييم، إذا جاز التعبير».
وقد شهد هذا العام استثمارات ضخمة من شركات التكنولوجيا الكبرى وشركات الذكاء الاصطناعي الناشئة، مثل «أوبن أيه آي» و«إكس إيه آي» التابعة لإيلون ماسك، في تطوير مراكز بيانات قادرة على تشغيل نماذج ذكاء اصطناعي أكبر وأكثر تطوراً.
وقد تضمنت منشأة «كولوسوس» التابعة لـ«إكس إيه آي» في ممفيس 100,000 وحدة معالجة رسومات من «نفيديا» عند إطلاقها في سبتمبر، ما رفع معايير سباق الحوسبة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ويتوقع تان أنه بحلول عام 2027، سيقوم عملاء «برودكوم» بإنشاء مجموعات تضم ما يصل إلى مليون شريحة ذكاء اصطناعي. وعلى الرغم من أن «القيمة الفعلية للذكاء الاصطناعي التوليدي في مساعدة الشركات على توفير المال ما زالت قيد التقييم»، فقد أكد تان أن شركات التكنولوجيا الكبرى ترى «فرصاً هائلة» لتحقيق المزيد من الإيرادات.
وقال تان: «لتدريب «الذكاء الاصطناعي» على نطاق غير مسبوق عالمياً، هناك حاجة إلى كميات ضخمة من السيليكون، وهذا هو المجال الذي نعمل فيه». وأضاف أن التقدم الكبير الذي شهدناه أخيراً في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي يرجع إلى «قانون التوسع»، الذي يربط بين زيادة البيانات وزيادة قوة الحوسبة لتحسين أداء الذكاء الاصطناعي. ولديهم صيغة يعملون بها، ولم يصلوا إلى نهايتها بعد، فكل الطرق تقود إلى مزيد من رقائق الحوسبة.
وأشار إلى أن شركات التكنولوجيا تراهن بمبالغ ضخمة على مدى ثلاث إلى خمس سنوات، وبسرعة فائقة، لأنها ترى أن هذه التكنولوجيا باتت في متناول أيديها، لافتاً إلى أنه على الرغم من أن عدد الشركات التي تنتهج هذا المسار محدود.
إلا أنها قد تكون من أكبر مستهلكي رقائق الذكاء الاصطناعي، نظراً للعوائد الهائلة التي يمكن تحقيقها، لكنه حذر من أن حتى مليون شريحة قد لا تكون كافية للوصول إلى الهدف النهائي لشركتي «أوبن أيه آي» و«أنثروبيك»، وهو تطوير ذكاء اصطناعي عام يفوق الذكاء البشري. وقال: «لا أعتقد أن أحداً يعرف على وجه اليقين، ولكن الفرصة مغرية للغاية بحيث يصعب رفضها، لذا فلنجرب».
ورغم أن «برودكوم» انضمت إلى نخبة من الشركات الأمريكية القليلة التي تجاوزت قيمتها السوقية تريليون دولار، أشار تان إلى أنه لا يشعر بشيء جديد. واختتم بقوله: «تعتمد القيمة على نظرة الآخرين، ويجب ألا نبالغ في التعلق بها، مع الإقرار في الوقت نفسه بأن هناك اعترافاً واسعاً بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي أمامه مستقبل واعد ومليء بالإمكانات الهائلة».