ضمن فعاليات الدورة 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أطلق مركز البحوث والدراسات الكويتية، كتاب «سيد عبد الرزاق الرزوقي... رحلة الرواد في عالم السياسة والدبلوماسية في الخليج»، وهو كتاب توثيقي عن سيرة المقيم السياسي للمعتمدية البريطانية في الإمارات، خلال الفترة ما بين 1936 و1945.

جاء ذلك خلال جلسة عقدت في «ملتقى 1»، تحدث فيها نجله هشام الرزوقي، وابنته هند الرزوقي، والباحث الإماراتي المشارك في تأليف الكتاب، الدكتور سيف البدواوي.

رجل طموح ومحنك

نجل عبد الرزاق الرزوقي، هشام الرزوقي، في كلمته، عبّر عن سعادته بإطلاق هذا الإصدار عن سيرة والده، واحتضان إمارة الشارقة لهذه الفعالية في معرض الكتاب، والتي يطلون من خلالها على أهلهم وأحبتهم في دولة الإمارات، وأضاف أن الإمارات كان لها المساحة الأكبر في هذه السيرة، حيث عاش فيها سيد الرزوقي قرابة عقد من الزمن «1936 – 1945»، كمقيم سياسي في الشارقة، وتابع: «منذ أن غادر والدنا الحياة الدنيا سنة 1989، ونحن نسأل أنفسنا، ماذا يمكن أن نعمل لتخليد ذكراه، ليكون هذا العمل الذي مر بمراحل عديدة من التنقيب في الأراشيف والوثائق البريطانية، واستغرق سنوات عديدة، بعد ضياع مصادره الأصلية، المتمثلة في الأرشيف الشخصي للفقيد، جراء الغزو العراقي للكويت».

وقال هشام الرزوقي إن والده ولد في الكويت سنة 1900، وتميز بشغفه بالتعلم وطموحه، حيث تغرب وعمره 14 عاماً، فسافر إلى الهند للتجارة، ووجدها فرصة للتعلم، فدرس القانون في كلية الحكام، بتوصية خاصة لتميزه وكفاءته، فأنهى دراسته خلال سنتين، فرسم خط حياته المهنية في ظروف سياسية عاصفة، معدداً صفاته الإنسانية، كأب عطوف وجار محسن، ورجل دبلوماسية محنك، لعب أدواراً كبيرة في منطقة الخليج كمقيم سياسي، ودوره في الشأن العام بعد عودته إلى الكويت، كرجل سياسة ودبلوماسية وتكليفه بأدوار أممية، من قبل الأمير الشيخ عبد الله السالم الصباح، رحمه الله، ما كان له كبير الأثر في تهيئة الأجواء الدولية للاعتراف بالكويت، وانضمامها للأمم المتحدة.

جهوده الإصلاحية

ابنة الراحل، هند الرزوقي، قالت: «يسعدني أن أكون معكم في الشارقة، المكان الذي عاش فيه والدي وأحبه، حيث كوّن علاقات قوية مع شيوخ الإمارات وأعيانها ومواطنيها، كما حاز على ثقتهم، حيث كان أول ما قام به في 6 مايو 1936، زيارة حكام الساحل المتصالح»، وذكرت ما قاله عنه سمو الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، رحمه الله، نقلاً عن كتاب (أخبار الخليج العربي التاريخية) (الصفحة 141): نعم إن في الشارقة معتمد سياسي، هو سيد عبد الرزاق الرزوقي، وهو شاب كويتي مثقف ثقافة عالية، ويعزى إليه الكثير من الإصلاحات داخل البلاد».

وأضافت هند الرزوقي، لقد كان رجل قانون، يحب أن يرى كل شيء وفق النظام، وقد قام بالعديد من الجهود المجتمعية في المنطقة، حيث راسل البريطانيين بضرورة تطوير الزراعة، حيث لاحظ خصوبة الأرض، فاستجابوا له بإرسال مكائن زراعية، كما أشرف على نظام التموين الغذائي في فترات صعبة، وحين عاد إلى الكويت، لعب أدواراً ريادية، وتابعت: «نطمح أن يكون هذا الكتاب مرجعاً تاريخياً لمنطقة الخليج كافة، ولدولتي الإمارات والكويت بشكل خاص، وأن يكون ملهماً وحافزاً للشباب الطموح».

سيرة لافتة

المشارك في تأليف الكتاب الدكتور سيف البدواوي، قال إن الرزوقي كان كبير الكتبة، وصاحب ثقافة عالية، ويتقن لغات عديدة، وهو صاحب سيرة لافتة، حيث تميز بإرادة وطموح كبيرين، ومن ذلك عزمه على إكمال الدراسة في الهند، حيث دخل كلية الحكام بتوصية خاصة، تقلد بعدها مباشرة مناصب في الهند وفي البحرين، وتكليفه كمقيم سياسي في الإمارات، ما يعبّر عن قدراته المعرفية والقانونية الكبيرة، وكفاءته العالية، وحين جاء إلى الإمارات، لعب دوراً محورياً في تقريب وجهات النظر في مرحلة عاصفة، تتجه فيها الأنظار نحو التنقيب عن النفط، وتتنافس فيها الشركات الأمريكية والبريطانية، فكان له دور كبير في إبرام اتفاقيات النفط، وتقريب وجهات النظر بين الحكام والشركات، بالإضافة إلى ذلك، سهّل عملية المسح الجيولوجي لاستخراج النفط، ولم يكن ليكون له ذلك، سوى لأنه رجل قانون، ويعرف بواطن الأمور وخطر الإنجليز، كما وثّق فيه الحكام والأهالي بحكم أصله وثقافته وكياسته وجهوده المجتمعية، حيث بذل كل ما في وسعه لخدمة الأهالي، ومن ذلك، إقناع بريطانيا بإصلاح أفلاج الذيد، وتموين الحواضر بالمواد الغذائية في فترة الحرب العالمية، حيث طلب فوق حاجة الأهالي، وجنّبهم أزمة نقص الغذاء، كما حدث في مناطق أخرى، وسد الباب أمام المتلاعبين بالأسعار، حماية للأهالي، والكثير من الإصلاحات الأخرى، التي تشهد عليها الوثائق والمراسلات التاريخية.

يشار إلى أن كتاب «سيد عبد الرزاق الرزوقي.. رحلة الرواد في عالم السياسة والدبلوماسية في الخليج»، من تأليف كل من الدكتور سيف البدواوي وحمزة العليان، تتبعا فيها سيرة هذا الرجل، من خلال حوارات ولقاءات مع شخصيات لها علاقة بالأحداث التي واكبها، وقد أخذ منهما تتبع هذه الوثائق والأحداث سنوات عديدة من البحث، وقد قدم لها الدكتور عبد الله يوسف الغنيم رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية، ويتكون هذا الكتاب من 289 صفحة، كما أنه يضم مجموعة من الوثائق والصور، إلى جانب هوامش مرجعية مرتبطة بهذه الحقبة المفصلية من تاريخ الخليج العربي.