شهدت قلعة الجاهلي التاريخية ليلة استثنائية من برنامج «ليالي الشعر: الكلمة المغناة»، إحدى أهم فعاليات مهرجان العين للكتاب 2024، خصصت لتناول سيرة ومسيرة أمير الشعر العربي الراحل بدر بن عبد المحسن آل سعود، ضمن محور «الغائب الحاضر»، إذ إنه مَن قاد ثورة الشعر الشعبي عبر قصائد خالدة توجت بالشهرة والانتشار.

وتحدث في الأمسية، التي نظمها مركز أبوظبي للغة العربية، الشاعران علي السبعان وعلي العبدان، وحاورتهما الإعلامية والشاعرة لمياء الصيقل، حيث بدأت الفقرة بعرض فيلم قصير لخص رحلة الأمير بدر، الذي صدحت بأشعاره أصوات أشهر المطربين العرب، وافتتاحيات أكبر المهرجانات السعودية، وأصدر دواوين شعرية عكست صورة المجتمع بعمق وشفافية، حتى منحه الملك سلمان «وشاح الملك عبد العزيز»، وكرمته «اليونسكو» في اليوم العالمي للشعر، قبل أن يودع جمهوره ومحبيه هذا العام، إذ رثاه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في رائعة شعرية متفردة.

واستهل الشاعر علي السبعان حديثه بإلقاء قصيدة «حروف الذهب»، التي نظمها الأمير الراحل، وأهداها لدولة الإمارات، قبل أن يحكي عن شخصية الأمير الإنسانية والفكرية بإسهاب، موضحاً أن تجربة الراحل الشعرية تجربة نادرة ومكتملة ومتفردة، فهو شاعر موسوعي لم يؤطر نفسه في إطار محدد، وأبدع في الأغنية، وجعلها تنتشر في أرجاء العالم العربي.

وأضاف أن الأمير كان متميزاً بالقصيدة الكلاسيكية بعراقتها وأصالتها، وقد أبدع في الكلمة المغناة وخرج عن التفعيلة، مشيراً إلى أن شعره كان يشبه إنسانيته وشخصيته.

ورأى السبعان أن الأمير الشاعر كان ملتزماً في تحديث الشعر، وكان جريئاً في أشعاره، وأيضاً كان له تأثير كبير على الأغنية، فقد حدّثها ورفع سقف اللغة والفكر، واقترب إلى الفصيح لذلك تجد له مريدين كثر في العالم العربي كله.

من جانبه، أوضح الشاعر والباحث علي العبدان، أن الأمير بدر أبدع في القصيدة القديمة كما أبدع في الشعر الحر. وقال: إن «الأمير بدر يمثل شعره ويمثل قصائده، وليس غريباً أنه أدخل الحداثة إلى الشعر الشعبي، فهذا نتيجة طبيعية للحياة والبيئة التي عاشها الراحل، فقد عاش في مصر، ودرس فيها فترة الطفولة، ثم سافر إلى بريطانيا وأمريكا، وتابع دراسته العليا هناك، وهذا انعكس في أشعاره، فالاغتراب والعزلة وعلاقته بأخيه الوحيد كلها عوامل صقلت نفسية الشاعر وأثرت في شعره».

وأضاف العبدان، إن الشاعر الشعبي عادة ما يتواجد بين شعراء شعبيين، لكن البيئة التي عاشها الأمير بدر كانت مختلفة، فقد عاش في مصر بين شعراء عرب، واطلع على الشعر الحديث، كما عاصر الغرب وبالتأكيد اطلع على أشعارهم، لذلك خلق توجهاً جديداً يتناسب مع البيئة التي عاش فيها والتنقلات التي تنقلها، كما عرف قيمة المسافات والجدار والعزلة، ثم أنتج العديد من الأغاني الخالدة مثل أغنية «الرسائل» التي غناها محمد عبده، وأغنية «وترحل» لطلال مداح، ففي فترة السبعينيات كانت الحداثة العربية موجودة في القاهرة وبيروت، وكان هو في طريق وسط بين الأصالة والحداثة، ونجح بأن يدخل الحداثة للشعر من دون أن يتخلى عن الأصالة، كما أن موهبته في الرسم ساعدته على المزيد من التألق في الشعر، فهو ينقل مشاعره سمعاً وبصراً.