يتميز الشاعر المصري هشام الجخ بمسيرة حافلة بالإبداع، تتضمن العديد من القصائد العامية التي نالت إعجاب جمهوره في العالم العربي، وتوّج بالعديد من الجوائز المرموقة في الشعر الفصيح أيضاً.

وعلى الصعيد الأكاديمي، شارك الجخ في بحوث علمية تهدف إلى تطوير رؤية عالمية لريادة الأعمال العربية، وحصل على الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية في ولاية أوريغون في العلوم الإنسانية والسلام.

«البيان» التقت الشاعر هشام الجخ، في حوار خاص، تحدث فيه عن دور دولة الإمارات في الحفاظ على الهوية العربية، وعن تجربته الإبداعية.

وأكد أن دولة الإمارات من أبرز الحاضنات للشعر والإبداع العربي، وأن الدولة بما تتمتع به من رؤية ثقافية متميزة، تؤدي دوراً محورياً في تعزيز الوحدة العربية، إذ إن تأسيس الدولة على فكرة الوحدة والتعاون جعل منها نقطة انطلاق حيوية للحفاظ على الهوية العربية بكل جوانبها الفنية والثقافية.

ولفت إلى أن الإمارات، من خلال تنظيم المعارض والمسابقات والفعاليات الثقافية، تسهم بشكل كبير في نشر الشعر والحفاظ على تقاليده، مشيراً إلى أن الأنشطة التي تحتضنها الدولة بشكل مستمر تعد منصة مثالية للتفاعل بين الشعراء والجمهور، ما يعزز من انتشار الشعر ويضمن استمراريته في قلب الثقافة العربية.

ولفت الجخ إلى أن الإمارات تحتضن معارض كتب كبيرة، وبالأخص إمارة الشارقة التي تستضيف أكبر معرض للكتاب في العالم العربي، وهو حدث ثقافي بارز يجذب المشاركة الواسعة من الجمهور ودور النشر والكتاب والأدباء من مختلف أنحاء العالم.

وتابع: «تنظم الإمارات مسابقات شعرية كبرى مثل مسابقة «أمير الشعراء»، التي تعد من أبرز المنابر التي تكرم الشعراء وتسهم في تعزيز الشعر العربي، وستبقى الإمارات حاضنة للثقافة العربية، وداعماً رئيساً لنشرها واستمرارها عبر الأجيال».

وسلط الجخ الضوء على مسيرته الإبداعية الطويلة، وأكد أنه مر بعدد من اللحظات الحاسمة التي شكلت محطات فارقة في تطوره الشعري، مشيراً إلى أن كل تجربة مر بها أسهمت في إضافة بُعد جديد لرؤيته الفنية.

نقطة انطلاق

وتحدث الجخ عن جانب من حياته، ووصف انتقاله من صعيد مصر إلى القاهرة بالنقلة التي كانت بمثابة نقطة انطلاق نحو أفق أوسع من الإبداع، حيث شهدت حياته المهنية تحولات جذرية، وكانت محط اهتمام وعي الجماهير.

وعن مشاركته في مسابقة «أمير الشعراء» في أبوظبي، أوضح أن تلك التجربة كانت مفصلاً حاسماً في مسيرته، ليس فقط في مصر، بل على مستوى الساحة الشعرية العربية بشكل عام، حيث منحته تلك المشاركة شهرة وتقديراً دفعا به إلى آفاق جديدة من النجاح والتأثير.

وعن تغير ملامح تجربته الشعرية، وغيابه الملحوظ عن الساحة الإعلامية في السنوات الأخيرة مقارنة ببداياته التي شهدت ظهوراً مستمراً على القنوات الفضائية، أوضح أن الوضع الحالي اختلف بشكل جذري، وأنه ليس من الحكمة أو الذكاء المهني الظهور بشكل مكثف كما كان في الماضي.

وأكد أنه أصبح أكثر انتقائية في اختياراته، سواء من حيث المشاركات الإعلامية أو الحفلات التي يشارك فيها، وأنه أصبح يولي اهتماماً أكبر لاختيار المناسب والأفضل له في كل خطوة، ويؤكد أن المسألة لا تتعلق بالكثرة أو الحضور الدائم، بل باختيار الفرص التي تتناسب مع رؤيته الفنية وتضيف لمسيرته بشكل حقيقي. وأشار الجخ إلى أن الأمة العربية بطبيعتها قادرة على احتضان الشعر، وأنه سيظل العامل الأبرز في تشكيل هوية العرب الثقافية، مضيفاً: «الشعر ليس مجرد كلمات تُلقى، بل هو جوهر أساسي ينبض في شرايين الفنون العربية كافة».

وقال: «إن تأثير الشعر يمتد بعمق في الوجدان العربي، فالشعر بالنسبة للعرب ليس فقط تعبيراً عن المشاعر، بل هو جزء لا يتجزأ من ثقافتهم ووجودهم. ومع مرور الزمن، يظل اللسان العربي متجهاً نحو الشعر، وهذه العلاقة العميقة ستستمر إلى الأبد، لتظل الكلمات الشعرية جزءاً لا يتجزأ من هويتهم».

تحدي الهوية اللغوية

ولفت الجخ إلى أن الأمة العربية تواجه تحدياً كبيراً يتمثل في فقدان الهوية اللغوية، حيث بدأنا نرى في العديد من الدول العربية أن أبناءها يتحدثون لغات أجنبية بشكل أكبر من لغتهم الأم، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة لها تأثيرات سلبية عميقة في الشعر والفنون بشكل عام، حيث يؤثر غياب اللغة العربية السليمة في أسلوب التعبير الفني، ويغير من الذائقة الثقافية لدى الأجيال، منوهاً بأن هذا التحول قد يؤدي إلى تغير في مفاهيم الجمال والفن بين الشعوب العربية، ما يهدد استمرارية الهوية الثقافية العربية بأبعادها المختلفة.

واستطرد: «إن التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي لن يكون لهما تأثير حقيقي في الشعر العربي، وإن الشعر كلمات تنبع من وجدان الشاعر، وتعبر عن مشاعره وهويته، وهو ما يميز هذا الفن عن أي منتج صناعي، كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأبيات الشعرية سيظل عاجزاً عن تقديم محتوى حقيقي يعبر عن الروح الإنسانية، وبالتالي لن يحظى بقبول أو تفاعل من الجمهور، فالشعر يبقى في جوهره تعبيراً شخصياً لا يمكن لأي آلة محاكاته بالشكل ذاته».

وأشار الجخ إلى أن الشعر لا يزال يحظى بشعبية واسعة في العالم العربي، لكن المشكلة الأساسية تكمن في غياب الشعراء القادرين على فرض أسلوبهم الخاص وترك بصمتهم الفريدة على الساحة.

وأعرب الجخ عن أسفه لعدم وجود أسماء قادرة على جذب الجماهير وتحقيق تأثير قوي في الوسط الشعري، مشيراً إلى أنه رغم التحديات، يظل الشعر يحتفظ بمكانته، مؤكداً أن الجماهير العريضة التي تعشق الشعر ستظل وفية له، فالشعر سيظل دائماً في قلب الثقافة العربية.