تجربة شعرية مميزة للشاعر المصري روماني صبحي، الحاصل، مؤخراً، على «الإقامة الذهبية» من دولة الإمارات العربية المتحدة تقديراً لإبداعاته التي تمزج بين الكلمة والإحساس العميق. وفي هذا الحوار مع «البيان» تطرق الشاعر روماني صبحي الذي صدر له ثلاثة دواوين شعرية باللغة العربية الفصحى هي:

«من أجل الحب» و«إلى حبيبتي» و«التقينا في شتاء»، إلى مسيرته الإبداعية وحصوله على «الإقامة الذهبية» وتأثيرها لتعزيز حضوره الإقليمي والدولي، ودور الشعر في تعزيز الروابط الثقافية بين الشعوب. وعبر روماني عن خالص شكره وامتنانه لدولة الإمارات العربية المتحدة، تقديراً لدعمها المستمر لحركة الإبداع في العالم العربي، مؤكداً أنها تسهم في خلق بيئة محفزة تعزز قدرات المبدعين، وتفتح أمامهم آفاقاً جديدة للتميز.

قبلة المبدعين

وأشاد بالدور الفاعل الذي تلعبه الإمارات في تعزيز المشهد الثقافي، خصوصاً في مجال الشعر، مؤكداً أن الإمارات قبلة الشعراء والمبدعين العرب، وتسهم في نشر الفنون وتعزيز الهوية العربية، ويظهر هذا التوجه التزاماً حقيقياً بترسيخ الثقافة كجزء أساسي من التنمية المجتمعية، ويعكس حرص المسؤولين على دعم الإبداع كوسيلة للتعبير عن القضايا الإنسانية والثقافية.

ولفت إلى أهمية مبادرة الإقامة الذهبية التي منحتها له الإمارات، مشيراً إلى أنها تعكس رؤية مبتكرة في دعم الإبداع، كما أن هذه المبادرة تعد جسراً حيوياً للتواصل بين الإمارات وكل مبدع يمتلك موهبة حقيقية، ما يتيح له الانخراط في مجتمع نابض بالحياة ويدعم نموه الفني بشكل أعمق. وأكد روماني أن «الإقامة الذهبية» لها أهمية، خاصة في تعزيز شعوره بالمسؤولية تجاه الإبداع.

ووصف روماني التأثير العميق الذي تركته الإقامة الذهبية على حياته الفنية، حيث منحته دفعة قوية نحو الأمام، وأتاحت له فرصة اكتساب خبرات جديدة وبناء علاقات متنوعة، لافتاً إلى أن رؤيته الفنية قد تطورت بشكل ملحوظ.

وأصبحت وجهته أكثر وضوحاً، حيث يخطط الآن للاندماج في المجتمع الثقافي والأدبي العربي، مُعبراً عن رغبة قوية في المشاركة في المحافل الدولية، بالإضافة إلى التواصل مع الجاليات العربية في المهجر.

وسلط روماني الضوء على الدور الحيوي الذي يلعبه الشعر في تعزيز الروابط الثقافية بين مصر والإمارات، إذ يعتبر الشعر لغة التواصل الأسمى بين الحضارات، ووسيلة فاعلة لبناء جسور الأخوة والصداقة بين الشعبين، وهو ما يتجلى في علاقاتهما العميقة، بالإضافة إلى العديد من المؤتمرات الأدبية، سواء في مجال الشعر أو الرواية، والتي تُقام سنوياً، مما يُعزز التبادل الثقافي والمعرفي.

وثمن روماني التواصل الودي بين بيت الشعر بالأقصر وبيت الشعر بالشارقة، مما يُسهم في خلق بيئة أدبية غنية تعزز الإبداع وتعمق الفهم المتبادل بين الثقافتين.

مبادرات ثقافية

وتطرق روماني إلى الأهمية الكبيرة للمبادرات الثقافية في تعزيز الحراك الثقافي العربي، وقال: «إن هذه المبادرات تشكل منصة قوية لتقديم المبدعين وأصحاب المواهب الحقيقية إلى الجمهور، ما يسهم في تنمية المشروع الثقافي العربي، كما أن هذه المبادرات تعمل كأداة بناء فعالة وجاذبة، تستقطب كل مبدع وموهوب من مختلف البلدان العربية، وتسهم في خلق بيئة ثقافية غنية تشجع على الإبداع وتعزز من الروابط بين الفنانين والمثقفين».

وتحدث الشاعر المصري عن نشأته، حيث ولد في القاهرة، لكن جذوره تمتد إلى محافظة الأقصر بصعيد مصر، وترعرع في بيئة تهتم بالتاريخ والثقافة. ومنذ طفولته كانت الكلمات هي ملاذه، وعالم الشعر منبع شغفه، لكن الحياة لم تكن دوماً سهلة، ففقدانه لوالده في سن العاشرة ترك في نفسه أثراً عميقاً، مُحدثاً نقطة تحول محورية في مسيرته.

واستعرض روماني مسيرته الأدبية بحب وشغف، مُعبراً عن اللحظات الأولى التي بدأ فيها عشق الشعر، فكانت انطلاقته في الإذاعة المدرسية من خلال القصائد وقراءة النصوص الأدبية، ما أشعل في قلبه شعلة الإبداع، فالتحق بنادي الأدب، وتفاعل مع شعراء آخرين، وشهد تجارب فنية غنية، ساهمت في تشكيل ذائقته الشعرية، ومع دخوله الجامعة استمر نشاطه الثقافي، وساهمت الأجواء الأدبية في تطوير ملكته الإبداعية.

التعبير عن الذات

وأكد روماني وجود حراك متزايد في الوسط الأدبي، خاصة في مجال الشعر، حيث تتزايد حالة الالتفاف الجماهيري حول هذا الفن، كما أن الشعر بات يمثل المنفذ الوحيد للتعبير عن الذات العربية، مُعبراً عن همومها وآلامها، وكذلك أحلامها وطموحاتها، موضحاً أن الشعر يعكس قضايا المجتمع المختلفة، ويعبر عن مشاعر الناس بصدق وعمق.

وحسب رأيه فالشعر «خط الدفاع الأخير» الذي يحمي الهوية العربية، حيث يجمع بين الألم والأمل، ويُساهم في الحفاظ على التراث الثقافي في زمن التحديات، ويلعب دوراً محورياً في تشكيل الوعي الجماعي.

وشدد الشاعر المصري على الدور الحيوي الذي يلعبه النقاد في تطوير الشعر، ويعتبر أن الرؤية النقدية تُعد من أهم الأدوات التي يمكن أن يحصل عليها الشاعر، حيث تسهم في تعزيز إبداعه وتطوير ذاته.

وتطرق إلى التحديات التي يواجهها الشعر العربي في الوقت الراهن، مشيراً إلى تأثير تطور أدوات العصر، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الأدبي، وارتفاع معدل العزوف عن الكتب المطبوعة، ومع ذلك، أكد الشاعر أن هناك جمهوراً كبيراً لا يزال يهتم بالكتب ويبحث عنها بشغف.