يحظى التشكيلي عادل بيومي بمسيرة حافلة مع الإبداع تمتد على مدار 50 عاماً، شارك خلالها في العديد من المعارض المحلية والدولية، وحاز العديد من الجوائز والتكريمات التي تعكس موهبته وإبداعه.

بيومي، المولود في كفر الزيات بمحافظة الغربية بدلتا مصر في 1956، من أبرز التشكيليين المعاصرين، فحتى قبل حصوله على بكالوريوس الفنون الجميلة من جامعة الإسكندرية عام 1980، شارك في معرض شباب الذي نظمته وزارة الثقافة المصرية في عام 1978.

وحصل خلاله على جائزة تشجيعية وشهادة تقدير عن عمله عن السلام، والذي أصبح مقتنيات دولة خلال أسبوع الصداقة بين مصر وألمانيا الغربية والمغرب والسودان، كما حصل على تكريم في عدة معارض دولية.

وفي لقائه مع «البيان» يستهل الفنان التشكيلي عادل بيومي حديثه بأهمية الفن التشكيلي في الإمارات، فيؤكد أنه يلعب دوراً محورياً في إبراز الهوية الوطنية وتعزيز الروح الثقافية.

ويوضح أن التشكيليين الإماراتيين نجحوا في تحويل البيئة المحلية، بما تحمله من عناصر فنية ثرية كالبحر والصحاري، إلى مصدر إلهام حي يجسد روح التراث الإماراتي بطريقة إبداعية، موضحاً أن الإمارات، من خلال دعمها المتواصل للفنون التشكيلية، ترسخ مكانتها منارة ثقافية عالمية.

ويؤكد عادل بيومي أن الإمارات تنظر إلى الفن كمرآة للتقدم الحضاري والثقافي، فليس من الغريب أن تصبح مركزاً فنياً حيوياً يجذب المبدعين من مختلف أنحاء العالم، ما يعزز من حضورها على الساحة الثقافية الدولية ويؤكد قدرتها على خلق بيئة تجمع بين الأصالة والحداثة.

ويضيف أن الفن التشكيلي في الإمارات لا يقتصر فقط على الإبداع البصري، بل يسهم في بناء جسور تواصل بين الثقافات، ما يجعل من المشهد الفني الإماراتي نموذجاً ملهماً للتعايش والانفتاح على الآخر.

ويشيد بيومي بالفعاليات الفنية الكبرى التي تتبناها الإمارات، مثل «آرت دبي» و«بينالي الشارقة»، ويؤكد أن هذه الفعاليات لا توفر فقط مساحة لعرض إبداعات الفنانين، بل تسهم أيضاً في مد جسور التواصل الثقافي بين مختلف الشعوب.

ويشير بيومي إلى أن الإمارات لم تكتفِ بتنظيم المعارض، بل قامت بتأسيس صروح فنية ومعمارية متميزة، مثل «متحف اللوفر أبوظبي»، و«متحف الشارقة للفنون»، اللذين يضمان مجموعات فنية متنوعة من مختلف دول العالم.

وهذه المؤسسات أصبحت منارات فنية تعكس التزام الدولة بتعزيز التبادل الثقافي على المستويين المحلي والعالمي، ولم تقف جهود الإمارات عند حدود المتاحف، بل امتدت لتشمل ميادينها وشوارعها، فتحول الفضاء العام إلى معرض مفتوح يحتفي بالإبداع ويمنح الفن مكانة بارزة في الحياة اليومية، كل هذا الدعم المستمر يعكس رؤية الإمارات في ترسيخ دور الفن بوصفه عنصراً أساسياً في بناء هويتها الثقافية، وتعزيز مكانتها مركزاً عالمياً للفنون والإبداع.

حركة فنية

ويرى عادل بيومي أن الحركة الفنية في العالم العربي تشهد تطوراً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، إلا أنه يأمل في تحقيق قفزة نوعية تبرز الإمكانات الهائلة للمنطقة على المستوى الدولي.

وينوه عادل بيومي بأن تطور الفنون التشكيلية نحو مجالات جديدة مثل الفن الرقمي واستخدام الذكاء الاصطناعي أحدث انقساماً بين مؤيد ومعارض لهذا التحول، ويشير إلى أن هذا السجال مرشح للاستمرار لفترة طويلة، إذ يعتبر البعض أن العمل الفني اليدوي يمثل جوهر الفن الحقيقي، بينما يُنظر إلى الفن الرقمي على أنه مجرد نسخة تقنية.

ويؤكد بيومي أنه يميل إلى الأعمال اليدوية، مستشهداً بتاريخ الفن الذي قامت عليه أعظم الحضارات، مثل الحضارة المصرية القديمة، وفنون عصر النهضة في إيطاليا وأوروبا خلال الفترة من القرن الخامس عشر حتى التاسع عشر، وأن هذه الفنون تجسد إبداع الإنسان بطرق لا يمكن للتكنولوجيا أن تحاكيها.

ويشير بيومي إلى أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الفن اليدوي، بل سيظل كل منهما يحتفظ بمكانته الخاصة وجمهوره ومحبيه، وفي حين أن الفن الرقمي يمثل إضافة مهمة إلى المشهد الفني العالمي، فإن الفنان التقليدي اليدوي سيبقى رمزاً للإبداع الإنساني النابع من الحرفية والروح.

متحف خاص

ويحلم الفنان التشكيلي بإقامة متحف خاص يضم أعماله الفنية في مجالي النحت والتصوير، ليكون شاهداً على تجربته الإبداعية ومصدر إلهام للأجيال القادمة، ويوجه دعوة مفتوحة إلى المسؤولين عن الثقافة والفن في مصر لدعم هذا المشروع، الذي يطمح لأن يكون منصة تسلط الضوء على إسهامات الفنانين المصريين وتعزز مكانتهم على الساحة الفنية العالمية.

ولا يتوقف حلم بيومي عند حدود إنجازاته الشخصية، بل يمتد ليشمل الاهتمام بالنشء منذ الطفولة المبكرة، فيقول: «المدارس هي الحاضنة الأولى لاكتشاف وصقل مواهب الأطفال، وهي السبيل لصناعة فنان المستقبل».

ويختتم بيومي حديثه قائلاً: «العالم العربي يزخر بالمواهب التي تمتلك القدرة على الوصول إلى العالمية، والاستثمار في هذه الطاقات الإبداعية هو المفتاح لتحقيق مستقبل مشرق للفن العربي على المستويين المحلي والدولي».