ركزت الدكتورة سوزان سيمارد، أستاذة علوم البيئة والغابات في جامعة كولومبيا البريطانية بكندا، في كتابها «أمهات الأشجار» الصادر عن دار روايات التابعة لمجموعة كلمات بترجمة باسمة المصباحي، على حدسها وتواصلها الحسي مع الأشجار، وقصصها الواقعية مع البيئة والعائلة والعمل منذ كانت صغيرة، إلى جانب ثراء الكتاب بالحقائق العلمية والتجارب، ما يجعل القراء، أمام سيرة ومسيرة غنية بالإلهام والمعرفة.

«أمهات الأشجار» للدكتورة سوزان سيمارد، عمل علمي وأدبي يجمع بين البحث العلمي العميق، والسرد الشخصي المؤثر.

تأخذ سيمارد القراء في رحلة استكشافية عبر الغابات، كاشفة عن الروابط الخفية التي تربط الأشجار ببعضها البعض من خلال شبكات الفطريات الجذرية.



وتحدثت مؤلفة الكتاب عن الأشجار والتربة وعناصر الطبيعة من ماء وهواء ونار، إلا أن المقدمة تخلق نوعاً من ترابط آخر بين القارئ والكتاب، من خلال تمهيد ذكي من الكاتبة بدأت فيه بالحديث عن السخاء الاستثنائي الذي يربط دورة الحياة، وقصتها مع عائلتها التي امتهنت «الحطابة» على مدى أجيال.



يتتبع الكتاب قصة سيمارد مع اكتشافها المذهل لشبكة الفطريات الجذرية التي تربط الأشجار بعضها ببعض. هذه الشبكة تعمل كنظام تواصل معقد يشبه دماغ الإنسان، حيث تصدر الأشجار إشارات كيميائية شبيهة بالناقلات العصبية.



وتصف سيمارد الأشجار المعمرة بأنها «أمهات الأشجار»، وهي مراكز التواصل والحماية والوعي في الغابة. عندما تموت هذه الأشجار، فإنها تورث حكمتها لسلالتها، ما يساعد الأشجار الصغيرة على البقاء والتكيف مع التغيرات البيئية.

ومن خلال الكتاب، تتحدى سيمارد النظرة التقليدية للأشجار ككائنات منعزلة تتنافس على الموارد، بدلاً من ذلك، تقدم رؤية للغابات كمجتمعات تعاونية ومترابطة، حيث تتواصل الأشجار ويدعم بعضها بعضاً؛ هذا الكشف يعيد تعريف فهمنا للطبيعة وللعلاقات بين الكائنات الحية.



ويعكس الكتاب العلاقة العاطفية بين الأجيال المختلفة من الأشجار، وكيف تتعاون وتدعم بعضها. ففي أحد تلك الأوصاف ترسم سيمارد صورة لكيفية اتكاء الشجيرات اليافعة في أحضان الأشجار المسنة، مشبهة ذلك بالعائلات التي تتجمع في الطقس البارد.