احتفت فعاليات الدورة الـ43 من «معرض الشارقة الدولي للكتاب» بنجاح «خلوة الكُتّاب»، البرنامج التدريبي والإرشادي المعني بتطوير مهارات الكُتّاب، الذي أقيمت دورته الثانية في أغسطس، ممهداً الطريق أمام عشرة مشاركين إماراتيين لاحتراف الكتابة الإبداعية، وتكلل بإطلاق مجموعة قصصية مشتركة بعنوان «حكايا البيت»، من إصدار دار «روايات» التابعة لـ «مجموعة كلمات».

وجاءت الاحتفالية بمشاركة المؤلفين العشرة والدكتورة فاطمة البريكي، أستاذ مشارك في البلاغة والنقد في جامعة الإمارات وناشرة وكاتبة وناقدة، التي أشرفت على تدريب المشاركين برنامج «خلوة الكتاب» على مدار سبعة أيام في «فندق ذا تشيدي البيت - الشارقة» التراثي بمنطقة «قلب الشارقة».

حيث التقوا بالشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لمجموعة كلمات، وسعادة مبارك الناخي، وكيل وزارة الثقافة، اللذين استمعا إلى تجربة المشاركين في «خلوة الكتاب»، والتقطوا صورة جماعية مع الكتاب الصاعدين، وإصدارهم الجديد «حكايا البيت».

النهوض بالمحتوى

وقالت الشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي: «لطالما ركزت مجموعة كلمات على إثراء المحتوى العربي وتعزيز جودة الأعمال المكتوبة باللغة العربية، بما يتوافق مع رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مما يدفعنا إلى دعم كل العاملين في صناعة الكتاب، كتاباً وناشرين وموزعين ومترجمين، وتوفير بيئة حاضنة لهم، ومدهم بسبل الدعم كافة من موارد وأدوات تسهم في النهوض بقدراتهم».

وأضافت الشيخة بدور القاسمي: «لم تتوقف دولة الإمارات العربية المتحدة يوماً عن ولادة المبدعين وأصحاب المواهب من الأدباء والمسرحيين والشعراء الذين أثروا المكتبة الإماراتية ووضعوا بصمتهم في المشهد الأدبي العربي، مجسدين هويتنا الثقافية وتاريخنا الأدبي.

لذلك أطلقنا برنامج خلوة الكتاب، لمساعدة المبدعين الواعدين على تطوير مهاراتهم في الكتابة الإبداعية واللحاق بركب كوكبة أدبائنا الكبار، واليوم نرى ثمار البرنامج بين أيدينا بهذا الإصدار المتميز، وأهنئ كتابه وأثمن جهودهم المميزة».

من جانبه، قال مبارك الناخي، وكيل وزارة الثقافة: «إن هذه الخلوة ليست مجرد فعالية ثقافية، بل هي منصة فريدة تتيح للكتاب والناشرين فرصة التفاعل وتبادل الأفكار، بما يسهم في تعزيز الإبداع الأدبي وتطوير صناعة النشر وتسليط الضوء على إسهاماتهم في الحفاظ على الهوية الوطنية والثقافة العربية من خلال الأدب والفنون.

نحن نؤمن بأن الثقافة هي أساس بناء المجتمعات، وأن دعم الإبداع الأدبي والفني يساهم في تعزيز الانتماء الوطني بما يتماشى مع رؤية القيادة الرشيدة، حفظها الله، والتي تضع الثقافة والإبداع في صميم التنمية المجتمعية والاقتصادية، لا سيما أن الاقتصاد الإبداعي يعد ركيزة أساسية للتنمية المستدامة».

وأضاف: «نحن في وزارة الثقافة نحرص على التعاون مع الشركاء في توفير بيئة تشجع على الابتكار والإنتاج الأدبي، وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع الإبداعي، وفتح آفاق جديدة أمام الكتاب والناشرين لاستكشاف فرص التعاون وتطوير أعمالهم. هذه المبادرة تعكس روح الشارقة الثقافية التي تدعم التفاعل الإبداعي على المستوى المحلي والعالمي وتؤكد مكانتها وجهة رائدة للثقافة والإبداع».

منهج متميز

تضمن برنامج «خلوة الكتاب»، في دورته الثانية، ورش عمل تدريبية مكثفة في «الكتابة الإبداعية» تجاوزت ٣٥ ساعة تدريبية نظرية وتطبيقية، و٢٦ تمريناً كتابياً، ناقشت صنعة الكتابة والأسلوب اللغوي، والتقنيات الأدبية المستخدمة في الكتابة، باحترافية عالية.

إذ لمس التعاون والانسجام بين المؤلفين الواعدين خلال الكتابتين الفردية والمشتركة، إلى جانب جلسات الإرشاد والتوجيه تحت إشراف نخبة من نجوم عالم الأدب، كالروائية أحلام مستغانمي التي حلت ضيف شرف على البرنامج، والروائية بشرى خلفان، والكاتبة إيمان اليوسف، والكاتبة نادية النجار، والشاعر حسن النجار، والكاتب والناشر جمال الشحي.

ندوة حوارية

وأقيمت يوم الخميس الماضي (14 نوفمبر)، ندوة حوارية أدارتها مديرة برنامج خلوة الكتاب أمل إسماعيل، بحضور المشاركين وفريق التنظيم، حيث سلطت الندوة الضوء على تجربتهم.

وأكد المشاركون أن الخلوة أسهمت في تطوير مهاراتهم وتوسيع آفاق أفكارهم ومخيلتهم وملكاتهم الإبداعية، ومكنتهم من اتخاذ الخطوة الأولى نحو احتراف الكتابة، حيث يعد كتاب «حكايا البيت» شهادة حية على نجاحهم وتميزهم.

مواهب واعدة

وأكدت الدكتورة فاطمة البريكي أن الكتاب المشاركين يمتلكون مواهب استثنائية، مشيرة إلى أنهم ثمار ناضجة قطفتها «خلوة الكتاب» بإيلائها الرعاية المناسبة، وأشادت بالجهد الجماعي لـ «مجموعة كلمات» و«وزارة الثقافة والشباب» والمشاركين الذين ساهموا في تشكيل ملامح هؤلاء الكتاب، وإنجاز مجموعة قصصية في فترة زمنية قياسية، واضعين أقدامهم على أول طريق احتراف الكتابة الإبداعية.

كلمات الكتاب

وحول نظرتهم إلى الكتابة بعد الانضمام إلى «خلوة الكتاب»، تنوعت أفكار المشاركين، بين اعتبار الكتابة عملية إبداعية لإيصال صورة ورسالة معينة، وعملية شجاعة يبادر إليها الكاتب الشجاع، وتستدعي الإصرار.

وأن القراءة ملجأ ورحلة استشفاء يرى الكاتب من خلالها العالم بعينيه وأفكاره ومشاعره، وأن الكتابة حاجة نفسية وإنسانية ووجدانية، وطريقة مثلى للتعبير عن شخصه وفكره، فالكاتب يعبر عن نفسه قبل أن يكتب للناس.

وأشار المشاركون إلى أن الكتابة صوت من لا صوت له، وأنها ليست وحياً أو إلهاماً، بل عملية استمرار وإلحاح، وأن امتلاك أدوات الكتابة ليس كافياً، إنما يجب أن يحب الكاتب ما يفعله، وأن يؤمن بسمو الكتابة ورفعتها وبعدها كل البعد عن المظاهر، فهي عملية جدية لا مجرد خروج من ضغوطات الحياة والمشاغل، وأن جدلية الكتابة بين الموهبة والصنعة تحسم بالتدريب الذي يصقل الموهبة، ويثبت أقدامها.

وعد وعهد

وبسؤال المشاركين عن الوعود الشخصية والعهود الوطنية التي قطعوها في «خلوة الكتاب» على أنفسهم، جاء جوابهم مؤكداً على طموحهم بأن يصبحوا كتاباً يؤثرون في المشهد الإماراتي والعربي، وأن يصدروا كتباً تفخر بها الدولة.

والتخصص في جميع الألوان الأدبية بما فيها أدب الأطفال واليافعين، والاستمرار في الكتابة وعدم التوقف عنها بما يواكب توجهات الإمارات لوصول كتابها إلى المحافل العالمية.

وأن تحصد الكتب الإماراتية جوائز عالمية، إلى جانب إبراز التراث والهوية الإماراتية، والكتابة بصدق وأمانة وشفافية أمام أنفسهم وأمام الآخرين، مع إبراز جماليات اللهجة الإماراتية، والمساهمة في المشهد الثقافي الإماراتي والعربي.

دعم مستمر

وعبر المشاركون عن تقديرهم وامتنانهم لجهود «مجموعة كلمات» في تنظيم البرنامج، ومبادرة «وزارة الثقافة» لرعايته، حيث جسد البرنامج التزام الجانبين بدعم وتعزيز الكتاب الإماراتيين الشباب والاحتفاء بالمواهب الإماراتية.

والدور المحوري الذي تلعبه «وزارة الثقافة» في رعاية هذه المبادرة، واستمرار دعمها الذي يؤكد أهمية تنمية المواهب المحلية وتعزيز الأدب الإماراتي داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.

حفل إصدار

وفي نهاية الجلسة، التقط المؤلفون صورة جماعية تخلد نجاح برنامج «خلوة الكتاب» الذي تكلل بتوقيع الكتاب المشترك للمجموعة القصصية «حكايا البيت» التي تتضمن 14 قصة قصيرة، ألفها الكتاب المشاركون في «خلوة الكتاب»، وهم:

عبير أحمد، وليلى الظاهري، وحمدان العامري، ومحمد الأنصاري، وأمل عبدالله، وحفصة الظنحاني، وشمسة الملا، وإبراهيم اليادع، ومحمد الأحبابي، ومريم عيسى، الذين احتفلوا بإصدار باكورة أعمالهم مع عائلاتهم وأصدقائهم، ووقعوا الكتاب للقراء من زوار معرض الشارقة الدولي للكتاب.

يشكل إصدار كتاب «حكايا البيت» ثمرة عملية لبرنامج «خلوة الكتاب» الذي انطلق بموجب مذكرة تفاهم رسمية بين «وزارة الثقافة» و«مجموعة كلمات»، استهدفت تشجيع المزيد من المواهب الإماراتية الواعدة على خوض ميدان الأدب والكتابة الأدبية بما يسهم في تعزيز دور الاقتصاد الإبداعي في دولة الإمارات.