قبل نصف قرن، وتحديداً في سنة 1974، تلقت فتاة يابانية عمرها 24 سنة، اسمها يوكو شيميزو، قطةً صغيرةً هديةً من أبيها، فأطلقت عليها اسم "كيتي".

يوكو كانت إحدى رسامي شركة التسويق اليابانية "سانريو"، وطُلب منها رسم شخصية يمكن استخدامها في الدعاية، تجسيداً لمفهوم "كاوايي" الياباني، الذي يعني في الثقافة المحلية "خفة الروح"، فلم تجد أفضل من قطتها الصغيرة، فكانت "كيتي وايت" أو "هالو كيتي" التي عرفها العالم كله فيما بعد بأنها "فتاة مرحة" تعيش في هيئة قطة لها وجه بلا فم وأنف أصفر بيضاوي وشوارب وربطة شعر، وأصبحت تنافس الشخصيات العالمية مثل "بوكيمون"، و"ميكي ماوس"، و"الدبدوب ويني" وحققت أرباحاً بلغت 80 مليار دولار، لتنضم إلى قائمة أكثر العلامات التجارية تحقيقاً للأرباح في التاريخ.

لم يتوقف نجاح كيتي عند ذلك، فقد أصبحت سفيرة لليونيسيف، ومبعوثة خاصة لوزارة الخارجية اليابانية، وشخصية مميزة للمطاعم والمقاهي ذات الطابع الخاص، وحتى مستشفيات الولادة، إلى جانب شكلها المميز الذي يزين مستلزمات الأطفال والأدوات المدرسية.

الثقافة الشعبية

لكن نجاح هالو كيتي، بوصفها أيقونة للثقافة الشعبية يعود إلى الرسامة يوكو ياماغوتشي، التي تُعد المصممة الثالثة لها، والتي تولت ترسيخ هويتها البصرية لمدة 45 سنة تقريبًا؛ ففي سنة 1979، عندما انخفضت مبيعات كيتي بشكل ملحوظ – حسب ما ذكرت قناة "سي إن إن" - قررت شركة "سانريو" تنشيط تلك العلامة التجارية، وكانت ياماغوتشي واحدة من الذين كُلفوا بإنشاء وتقديم صور جديدة، فرسمت مشهدًا يصور كيتي محاطةً بعائلتها بعد شرائهم أول "بيانو" كبير. كما زارت مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية في سنة 1984 وأقامت هناك سنة كاملة، وبعد عودتها إلى اليابان، رسمت مجموعة من أصدقاء هالو كيتي، منها الدب "تيني تشوم" كما أضافت إليها بعداً جديداً؛ حيث بدت فتاة رياضية وأنيقة، معتمدةً على أن هالو كيتي، بشكلها المعروف، شخصية مرنة قابلة لأي تطوير أو إضافات.

للكبار أيضاً

في الفترة من ثمانينات القرن الماضي إلى منتصف تسعيناته؛ ازدهرت مبيعات "هالو كيتي" في اليابان؛ إذ كانت تستهدف الفتيات الصغيرات، من مستلزمات المدرسة والعناية الشخصية كفرشاة الأسنان، وحدث أن تلقت ياماغوتشي رسالة من إحدى معجبات "هالو كيتي" في سنة 1987، تطلب فيها إنتاج مستلزمات لطلاب المدارس الثانوية، لأن أصدقاءها وأبويها يقولون لها إنها صارت كبيرة ولا يجوز لها التمسك بشخصية مخصصة للأطفال، وبالفعل استجابت ياماغوتشي لها، وبدأت صنع منتجات تناسب تلك المرحلة العمرية وما بعدها أيضاً، فتعددت منتجات هالو كيتي من الملابس إلى بطاقات المعايدة والأجهزة الإلكترونية وأدوات المطبخ، حتى إن صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت في سنة 1999 تصريحاً على لسان الشركة بأن هالو كيتي كانت تظهر على 12 ألف خط إنتاج جديد سنويًا.

تطور وانتشار

في مطلع الألفية الجديدة، ومع توسّع الاهتمام الغربي بالثقافة اليابانية، استحوذت هالو كيتي على خيال المستهلكين الأمريكيين، فأنتجت كتبًا، وألعاب فيديو، ومسلسلات تلفزيونية متحركة، ساعدت على تطويرها وانتشارها بشكل أكبر، واستطاعت أن تدخل في صفقات مع العلامات التجارية الاستهلاكية والفاخرة الكبرى، وظهرت على طائرة تابعة لشركة الطيران التايوانية "إيفا للطيران"، ومجوهرات "سواروفسكي".