من بيروت إلى الجنوب لا صوت أقوى من صوت الاستهدافات والمعارك، أما الجهود الدبلوماسية حتى تلك التي تبذلها أمريكا وفرنسا فشبه متوقفة، بعدما تبين أن معادلة قاتلة تتحكم في الوضع. هكذا يلخص مراقبون المشهد اللبناني، حيث إسرائيل مستمرة في معركتها تحت عنوان تحقيق أمن سكان شمال إسرائيل.

وما بين المشهدين فإن ثمة كلاماً عن أن وزير الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لن يوقف آلة التدمير والقتل حتى إشعار آخر، وبالتالي فإن المأزق الذي بدأ منذ 8 أكتوبر من العام الفائت مع إعلان «حزب الله» حرب «المساندة» مستمر بدوره حتى إشعار آخر.

والحرب مستمرة إلى أجل غير مسمى، وذلك بالاستناد إلى ثلاثة مصادر، بدءاً من الوقائع الميدانية، من غزة إلى لبنان، التي تؤكد على مدار الساعة أن إسرائيل ماضية في عدوانها، غير آبهة لا بعدد الضحايا أو حجم الدمار، ولا بالمواقف الإقليمية المنددة، أو المناشدات الدولية المتكررة، ومروراً بدخول الحرب عنصراً مؤثراً أساسياً في الانتخابات الأمريكية، التي تجرى بعد أقل من شهر.

موقف صريح

بدأ التهافت على التواصل مع بنيامين نتنياهو من المعسكرين المتنافسين، أما المصدر الثالث فتمثل بالموقف الصريح لرئيس مجلس النواب، نبيه بري، الذي أعلن أنه لا يوجد تقدم إيجابي في شأن وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، غير أن ما لفت المراقبين في كلام رئيس المجلس النيابي إشارته إلى أن تفويض «حزب الله» له ليس جديداً.

نافياً في الوقت نفسه أن يكون رفض التفويض المذكور، مع الإشارة هنا إلى أن التصعيد الواسع في منحى المواجهات الميدانية المباشرة عبر الحدود اللبنانية الجنوبية مع إسرائيل، كما في اتساع استهداف مناطق مدنية بعيدة عن خط المواجهة، ما هو، بحسب مصادر مراقبة، غير انعكاس لتهاوي كل الرهانات أو المحاولات المبذولة لوقف النار، ولجم تفجر الحرب الجارية في لبنان.

سيناريو.. وترقب

ولئن كانت الدبلوماسية لم تسفر لتاريخه عن أي شيء يذكر لدرجة أن بري كان واضحاً لجهة نفيه حصول إيجابيات على هذا الصعيد، فإن أهداف الحرب الإسرائيلية، بحسب تأكيد مصادر دبلوماسية لـ«البيان»، لا تتعلق بعودة سكان المستعمرات الشمالية، أو إبعاد «قوة الرضوان» بضعة كيلو مترات عن الحدود الجنوبية، بل تمتد إلى توفير الأرضية العسكرية والدبلوماسية لـ«قطع رأس حزب الله».

وفرض تسليمه سلاحه بالقوة تحت نار الحرب الإسرائيلية، والضغط الداخلي، كما كشفت المصادر نفسها أن 3 دول أساسية في مجلس الأمن «أمريكا و فرنسا وبريطانيا» أبدت تأييداً كاملاً لمنح الجيش اللبناني الصلاحية الكاملة للسيطرة على لبنان وإخضاعه للحكم العسكري، مع تكفلها بتسليح الجيش وتمويله، وتخيير «حزب الله» بين تسليم سلاحه للجيش اللبناني بالقوة، أو إخضاع لبنان للوصاية الدولية والفصل السابع.

وفي محصلة المشهد فإن أكثر الأسئلة تداولاً في هذه الفترة هو: متى تتوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، وكيف؟ يواكبه سؤال آخر: إلى أين يريد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن يصل في لبنان؟ ويوازي ذلك حبس للأنفاس ممتد على مساحة لبنان، وخصوصاً أن أحداً لا يستطيع أن يقدر المدى الحقيقي لهذه الحرب وتداعياتها، كما لا يستطيع أن يقدر ما يخبئه العقل الحربي الإسرائيلي لهذا البلد.

والمدى الذي يريد أن يصل إليه نتنياهو، إنْ من خلال إعلانه أنه لا يريد وقف إطلاق النار، ومستمر في ضرب بنية «حزب الله»، أو من خلال الترويجات الموازية له، التي تدأب المستويات الإسرائيلية على إطلاقها حول أهداف أبعد من الهدف المعلن للعملية البرية بإعادة سكان الشمال، وآخرها إعلان جاهزية إسرائيل لتطبيق القرار 1559، ونزع سلاح «حزب الله»، وليس القرار 1701، وفق ما كشف الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، غيورا إيلاند، للقناة 12 الإسرائيلية، التي نقلت عنه قوله: «هكذا فقط يمكن أن ندخل في مفاوضات مع لبنان وغيره، سنتابع القتال».