ارتفعت الأصوات اللبنانية المطالبة بوقف النار وتنفيذ القرار 1701، التزاماً بالبيان الفرنسي- الأمريكي المشترك، الذي طالب بهدنة 21 يوماً، لإفساح الطريق أمام الجهود الدبلوماسية لإيجاد تسوية تمنع اتساع الحرب، وكان آخرها إعلان رئيس حكومة تسيير الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، أن مجلس الوزراء اتخذ قراراً، قضى بتقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي، لاتخاذ قرار بوقف فوري لإطلاق النار، وتنفيذ القرار 1701.

ولفت ميقاتي إلى أن «حزب الله شريك في الحكومة، وموافق على تطبيق الـ1701»، ولاحقاً أشار رئيس مجلس النواب، نبيه بري، إلى إمعان إسرائيل في استهدافها للمدنيين وقوات «اليونيفيل»، والجيش اللبناني، قائلاً: «هو عدوان ومحاولة اغتيال واضحة وموصوفة للقرار الأممي 1701، نضعها برسم المجتمع الدولي، الذي آن له أن يتحرك ويستيقظ لوضع حد لحرب الإبادة، التي تشنها إسرائيل على لبنان».

الأهداف الحقيقية

وبات لافتاً «استسلام» الخبراء والمحللين للفشل والعجز في تحديد وجهة مسار الحرب، وتقدير ما يبيته العقل الحربي الإسرائيلي للبنان، وأي واقع يحاول أن يفرضه، والأهداف الحقيقية الكامنة خلف تصميمه على الاستهداف المركز لقوات «اليونيفيل».

وفي السياق أشارت مصادر سياسية لـ«البيان» إلى أن الجلسة الرابعة، التي عقدها مجلس الأمن الدولي، لبحث التطورات العسكرية المتصاعدة في لبنان، الخميس الفائت، لم تنجح في اتخاذ قرار ينص على وقف إطلاق النار، لأن باريس لم تنجح في إقناع الولايات المتحدة بإصدار قرار، وبدت المفاوضات متعثرة.

ووفق المصادر نفسها سعت فرنسا لإعادة إصدار بيان رئاسي فرنسي- أمريكي، وبمشاركة دول أخرى، يدعو إلى وقف إطلاق النار، من دون ربط ذلك بالوضع في غزة، ولكن مسعاها باء بالفشل، ما يعني أن لبنان سيدخل في «مرحلة أشد سوداوية».

استهداف اليونيفيل

ولم يكن الصدامان العلنيان المباشران بين إسرائيل والقوة الدولية العاملة في الجنوب «اليونيفيل»، ومنذ شرعت إسرائيل في عملياتها البرية عبر الحدود الجنوبية، تطوراً عادياً، بل شكلا، بحسب ما ذكرت مصادر لـ«البيان»، المؤشر الأخطر إلى احتمالين: مضي إسرائيل في محاولاتها المتقدمة للاندفاع نحو تكثيف توغلاتها في الجنوب، الأمر الذي ترجمته في الاعتداء المتعمد على «اليونيفيل»، واختبار الإرادة الدولية أمام خطر اتساع الحرب، علماً أن مؤشرات هذا الاتساع تمددت ميدانياً بشكل بالغ الخطورة، خلال الساعات الماضية، مع تبادل عمليات القصف الصاروخي البعيد المدى، وكثافة الغارات الجوية. وأشارت مصادر سياسية إلى أن وتيرة الاستهدافات الإسرائيلية للقوات الدولية ليست «صدفة» أو من باب الأخطاء التي تحصل خلال الحروب، بل تتعمد إسرائيل من خلالها إيصال رسائل إلى العواصم الكبرى التي لها عناصر في «اليونيفيل»، ومفادها ما جاء على لسان مبعوثها لدى الأمم المتحدة، داني دانون، لجهة أن إسرائيل توصي بنقل قوات «اليونيفيل» في لبنان لمسافة 5 كيلومترات شمالاً.

وتشير المصادر إلى أن تل أبيب لا تريد تراجع القوات الدولية من أجل صون سلامتها، كما تدعي في العلن، بل ضمنياً، هي تصر على هذا التراجع، وتعمل على تحقيقه بالقوة، من أجل هدف آخر، ألا وهو التخلص من «اليونيفيل» ومن القرار 1701، بهدف إصدار قرار أقسى من حيث المضمون.