أصدر قضاة في المحكمة الجنائية الدولية، اليوم الخميس، مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت وقيادي في حركة (حماس) بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

تأتي الخطوة بعد أن أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان في 20 مايو الماضي، أنه يسعى إلى استصدار أوامر اعتقال بتهم ارتكاب جرائم مرتبطة بالهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، والرد العسكري الإسرائيلي في غزة.

وفيما يلي لمحة بشأن ما يمكن أن يحدث بعد ذلك وكيف يمكن أن تؤثر خطوة المدعي العام للمحكمة في العلاقات الدبلوماسية والقضايا الأخرى التي تركز على غزة.

هل سيتم اعتقال نتنياهو والقيادي بحماس؟

تلتزم جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية وعددها 124 دولة بموجب النظام الأساسي للمحكمة باعتقال وتسليم أي فرد صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة إذا وطأت قدماه أرض الدولة.

ولكن المحكمة لا تملك وسائل لتنفيذ مثل هذا الاعتقال. فهي لا تملك قوة شرطة، وبالتالي فإن اعتقال من تصدر بحقهم أوامر اعتقال لابد أن يتم بواسطة دولة عضو أو دولة متعاونة.

وفي حالة عدم تنفيذ أي دولة لأمر الاعتقال فإن العقوبة التي تواجهها لا تتعدى لفت النظر الدبلوماسي، مثل إحالة دولة ما إلى جمعية الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية وفي نهاية المطاف إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وتشمل قائمة أعضاء المحكمة الجنائية الدولية جميع دول الاتحاد الأوروبي إلى جانب المملكة المتحدة وكندا واليابان والبرازيل وأستراليا. وفي منطقة الشرق الأوسط، فإن الأراضي الفلسطينية والأردن من أعضاء المحكمة. وإسرائيل ليست عضوا في المحكمة وكذلك الولايات المتحدة.

وتستند المحكمة في ولايتها القضائية على المسؤولين الإسرائيليين إلى قبول الأراضي الفلسطينية كدولة عضو في عام 2015. ويمكن للمحكمة البت في الجرائم الفظيعة المنسوبة لمواطنين من الدول الأعضاء والجرائم التي يرتكبها أي شخص، بغض النظر عن جنسيته، على أراضي الدول الأعضاء.

هل يمكن إيقاف تحقيق أو مذكرة اعتقال أصدرتها المحكمة؟

تسمح قواعد المحكمة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتبني قرار من شأنه إيقاف أو تأجيل تحقيق أو ملاحقة قضائية لمدة عام، مع إمكانية تجديد ذلك سنوياً.

وبعد صدور مذكرة اعتقال يمكن للبلد المعني أو الشخص الذي استهدفته المذكرة أن يطعن في اختصاص المحكمة أو في ما إذا كانت الدعوى تستحق القبول.

ويمكن اعتبار القضية غير جديرة بالقبول في المحكمة الجنائية الدولية عندما تكون بالفعل قيد التحقيق أو البت في دولة لها ولاية قضائية على الجرائم المزعومة.

ولكن المحكمة أوضحت في السابق أن هذا السبب لعدم القبول لا يمكن تطبيقه إلا عندما تحقق الدولة مع نفس الأشخاص أو تلاحقهم قضائيا بتهمة ارتكاب نفس الجرائم المزعومة.

وفي حالة تقديم طلب لوقف التحقيق، فإن المدعي العام يوقف القضية مؤقتاً ويراجع ما إذا كانت الدولة التي طلبت الإيقاف تقوم بالفعل بتحقيق حقيقي.

وإذا رأى المدعي العام أن التحقيقات في الدولة غير كافية، فيمكنه التقدم بطلب إلى القضاة لإعادة فتح التحقيق.

هل ما زال باستطاعة نتنياهو والمتهمين الآخرين السفر؟

نعم، يمكنهم ذلك. ولا يمثل إصدار مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية حظرا رسميا على السفر. ومع ذلك، فإنهم معرضون للاعتقال إذا سافروا إلى دولة موقعة على معاهدة المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما قد يؤثر في قرارات المتهمين.

ولا توجد قيود على القادة السياسيين أو النواب أو الدبلوماسيين فيما يتعلق بلقاء الأفراد الصادرة بحقهم مذكرات اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية. ولكن على المستوى السياسي، فإن الانطباع العام الذي قد تثيره مثل هذه اللقاءات قد يكون سيئا.

هل يؤثر إصدار مذكرات الاعتقال على قضايا أخرى؟

ليس بشكل مباشر، ولكن ربما بشكل غير مباشر.

ويعتبر إصدار المذكرات من المحكمة الجنائية الدولية مسألة منفصلة، على سبيل المثال، عن الدعاوى التي تطالب بفرض حظر على الأسلحة على إسرائيل أو الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية -أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة- وتتهم إسرائيل فيها بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، من خلال أفعالها في غزة.

ومع ذلك فإن قرار قضاة المحكمة الجنائية الدولية بأن هناك أسباباً معقولة للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة قد يعزز قضية جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، حيث تنظر المحكمة أيضا إلى قرارات محاكم أخرى.

ومن شأن قرار إصدار مذكرات الاعتقال أيضا أن يدعم الدعاوى القانونية التي تطالب بفرض حظر على الأسلحة في أماكن أخرى، حيث إن العديد من الدول لديها أحكام ضد بيع الأسلحة إلى دول قد تستخدمها بطرق تنتهك القانون الإنساني الدولي.