تفاعل الملف السوري بشكل متسارع ومتوازٍ بين شقيه العسكري والسياسي، ففيما أكد الجيش تعزيز خطوط انتشاره في ريف دمشق والجنوب، وإعادة الانتشار في درعا والسويداء، وتنفيذ عمليات نوعية في ريفي حماة وحمص، دعت الأمم المتحدة إلى انتقال سياسي منظم، وبينما شددت موسكو على أنها تريد رؤية حوار بين الحكومة والمعارضة الشرعية، شدد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، على وجوب عدم تدخل بلاده في الصراع.

وأعلن الجيش السوري أنه يعزز خطوط انتشاره في جميع أرجاء ريف دمشق والمنطقة الجنوبية. وقال الجيش في بيان تلاه ناطق على التلفزيون السوري الرسمي: تقوم وحدات قواتنا المسلحة بتعزيز خطوط انتشارها في جميع أرجاء ريف دمشق والمنطقة الجنوبية منعاً لوقوع أية حوادث، مشيراً إلى أنه مستمر في تنفيذ عمليات نوعية في أرياف حماة وحمص ودرعا الشمالي.

انتشار

كما أكد الجيش السوري أنه نفذ إعادة انتشار في محافظتي درعا والسويداء في جنوب البلاد. وأفادت وزارة الدفاع في بيان نقلاً عن مصدر عسكري: قامت قواتنا العاملة في درعا والسويداء بتنفيذ إعادة انتشار وتموضع، بعد أن قامت عناصر إرهابية بمهاجمة حواجز ونقاط الجيش المتباعدة بهدف إشغال قواتنا المسلحة.

ونفت وزارة الدفاع السورية، السبت، انسحاب وحداتها الموجودة في كامل مناطق ريف دمشق. وقال مصدر عسكري، في منشور أوردته وزارة الدفاع، إن حملة إعلامية كاذبة تقوم بها التنظيمات الإرهابية المسلحة عبر منصاتها ومواقعها الإلكترونية وبعض القنوات الإعلامية بهدف نشر الذعر والخوف بين صفوف المدنيين في ريف دمشق، مضيفاً: لا صحة لأي نبأ وارد بشأن انسحاب لوحدات قواتنا المسلحة الموجودة في كامل مناطق ريف دمشق.

طوق أمني

إلى ذلك كشف وزير الداخلية السوري، محمد الرحمون، عن أن هناك طوقاً أمنياً وعسكرياً قوياً في محيط دمشق. وقال الرحمون للتلفزيون السوري الرسمي خلال جولة في العاصمة: أطمئن السوريين أن هناك طوقاً قوياً جداً، أمنياً وعسكرياً، على الأطراف البعيدة لدمشق وريف دمشق، لا يمكن لأي كان، لا هم ولا مشغليهم ولا داعميهم أن يخترقوا هذا الخط الدفاعي الذي تقوم به القوات المسلحة.

على صعيد متصل، نفت الرئاسة السورية، أن يكون الرئيس بشار الأسد قد غادر دمشق، مؤكدة أنه يتابع عمله منها. ونددت الرئاسة في بيان بشائعات وأخبار كاذبة حول مغادرة الرئيس بشار الأسد دمشق، مؤكدة أنه يتابع عمله ومهامه الوطنية والدستورية من العاصمة.

انتقال منظم

سياسياً، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، إن الحاجة إلى انتقال سياسي منظم في سوريا أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، داعياً إلى الهدوء. وصرح بيدرسون على هامش منتدى الدوحة للحوار السياسي: أجدد دعوتي من أجل احتواء التصعيد والهدوء وتجنب سفك الدماء وحماية المدنيين بما يتماشى مع القانون الإنساني الدولي، وحض على عقد محادثات سياسية عاجلة في جنيف من أجل تطبيق قرار مجلس الأمن 2254.

بدوره، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنه من غير المقبول السماح لجماعات إرهابية بالسيطرة على الأراضي السورية في انتهاك للاتفاقيات، مضيفاً: نحن نساعد الجيش السوري في التصدي لهجمات الإرهابيين. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن لافروف قوله، إن موسكو ستعارض بكل طريقة ممكنة جهود هيئة تحرير الشام لتغيير الوضع على الأرض في سوريا. ولفت لافروف، إلى أنه ونظيريه التركي والإيراني اتفقوا في اجتماع بالدوحة على ضرورة وقف الأعمال القتالية في سوريا على الفور، لافتاً إلى أن موسكو تريد أن ترى حواراً بين الحكومة السورية والمعارضة الشرعية.

حل مستدام

كما أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، أن الوضع في سوريا يتطور وقد يشتد خطورة. وقال الوزير القطري خلال افتتاح منتدى الدوحة: لم يتم انتهاز فرصة الهدوء لكي يبدأ الرئيس السوري بشار الأسد تصحيح علاقته بشعبه، محذراً من حرب أهلية. وشدد على ضرورة إرساء الإطار المطلوب للتوصل إلى حل مستدام في سوريا.

موقف

في الأثناء، شدد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، على وجوب عدم تدخل الولايات المتحدة في الصراع السوري. وقال ترامب في منشور على منصته «تروث سوشيال» للتواصل الاجتماعي: «سوريا في حالة من الفوضى، لكنها ليست صديقتنا، ويجب ألا يكون للولايات المتحدة أي علاقة بها.. هذه ليست معركتنا.. دعها تستمر.. لا تتدخلوا !». من جهته، قال وزير خارجية النرويج، إن التوترات المتصاعدة في سوريا ليست مفاجئة وهي مرتبطة بصراع إقليمي أوسع في الشرق الأوسط، مضيفاً أنه لا يزال هناك وقت للحوار والتسوية السياسية في البلاد.

إجلاء

في السياق، أعلن مكتب الأمم المتحدة في سوريا، إجلاء الموظفين غير الضروريين في سوريا.وقال مكتب الأمم المتحدة بدمشق، في بيان، الأمم المتحدة قررت أن تجلي الموظفين غير الضروريين فقط، وأنها مصممة على البقاء في سوريا وتقديم كافة خدماتها للشعب السوري في هذا الظرف العصيب.

تجنب سفر

كما دعت مصر مواطنيها إلى تجنب السفر إلى سوريا في الوقت الراهن. وقالت وزارة الخارجية، في بيان: على ضوء التطورات المتسارعة التي تشهدها سوريا، وتصاعد حدة الاشتباكات الميدانية في بعض المناطق السورية، تدعو المواطنين المصريين المتواجدين والمقيمين في سوريا بضرورة توخي أقصى درجات الحيطة والحذر والابتعاد عن المناطق التي تشهد توترا، والالتزام بتعليمات السلطات السورية المختصة، وتجنب السفر إلى سوريا في الوقت الراهن، والبقاء على تواصل مستمر مع السفارة المصرية في دمشق».ووفق البيان، قامت وزارة الخارجية بتشكيل خلية أزمة لمتابعة مستجدات موقف الرعايا المصريين بسوريا على مدار الساعة.

خريطة طريق

كشفت مصادر لـ«سكاي نيوز عربية» عن خريطة طريق لحل الأزمة السورية، تم تداولها في اجتماع الدوحة، الذي حضرته الدول الراعية لاتفاق أستانا، وهي: تركيا وروسيا وإيران، بهدف مناقشة تطورات الأوضاع في سوريا، وتتضمن خريطة الطريق نقاطاً عدة، أبرزها بدء تنفيذ القرار الأممي 2254، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية في سوريا، وبموجب الخريطة، تنسحب جميع القوات إلى قواعدها، وتتولى وحدات شرطية مشتركة حماية المدن، كما تنسحب جميع القوات الأجنبية من البلاد بحلول نهاية عام 2025. وتتولى روسيا وإيران وتركيا الإشراف على مراقبة وقف إطلاق النار.

كما ينص القرار على تشكيل حكومة وحدة وطنية تحت إشراف فريق من الأمم المتحدة والجامعة العربية، خلال شهر، وبناء على الخريطة المتداولة، يبقى الرئيس بشار الأسد في منصبه لمدة تتراوح بين 6 إلى 9 أشهر، مع نقل جزء كبير من صلاحياته إلى رئيس وزراء مستقل يتم الاتفاق عليه. كما تنص على تشكيل لجنة جديدة لكتابة دستور البلاد، تتكون من ثلاثة أثلاث: ثلث تعينه الأمم المتحدة، وثلث من دمشق، وثلث من الائتلاف السوري. وتدعو الحكومة الجديدة إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية بأسماء جديدة بعد 6 إلى 9 أشهر.